«تربية النشء».. غياب دور الأسرة يرفع معدلات «جرائم الأطفال».. و«خبراء» يقدمون الحل

«التربية ليست للشارع».. غياب دور الأسرة وراء زيادة «جرائم الأطفال».. و«خبراء» يقدمون الحل
«التربية ليست للشارع».. غياب دور الأسرة وراء زيادة «جرائم الأطفال».. و«خبراء» يقدمون الحل

-«خضر»: خروج المرأة إلى العمل «السبب».. وتفعيل دور «الأم الثانية» في المدارس «ضروري»

 

-و«عبدالحميد» تطالب بتدريس مادة «الأخلاق».. وتؤكد أهمية إعادة ثقافة «النشاط المدرسي»

 

الأسرة.. هي الدرع الحصينة أو لبنة أساس بناء المجتمعات، فتقاس قوة وضعف المجتمع وصلاحه وفساده بناء على تماسكها أو ضعفها، فلا تزال مصدر الاهتمام والتربية وغرس الأخلاف والمعرفة والعادات والتقاليد الحسنة في نفوس أفرادها، وخاصة الأطفال، غير أن دورها تراجع خلال السنوات الأخيرة، واحتلت مكانها بعض الأنماط الغريبة التي خلفها الشارع وعالم السوشيال ومواقع التواصل الاجتماعي، ما سحب البساط من الأسرة، وأقتصر دورها على توفير «4 حيطان» يعيش فيها أفرادها، كل في عالمه المنفرد.

تراجع دور الأسرة

وبسبب تراجع دور الأسرة، أصبحت التربية للشارع الذي يستق أنماطه من السوشيال ميديا، فتجرد الجيل الجديد من عاداتنا الأصيلة، واحتل مكانها السلوك العنيف، وترتب عليه زيادة معدلات الجرائم بين الأطفال تحت السن القانوني، والمراهقين بل والشباب، لذا ناقشت «بوابة أخبار اليوم»، الخبراء في أسباب تراجع دور الأسرة، إضافة إلى دورها في تحصين أفرادها وخصوصا الأطفال من العادات الدخيلة على مجتمعنا المصري وتقويم سلوكهم.

عمل المرأة.. السبب

في البداية، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن أزمة الأسرة المصرية بدأت عندما خرجت المرأة إلى العمل، فاهتمت بعملها أكثر من بيتها، وهذه ظاهرة في منتهى الخطورة على الأسرة والمجتمع ككل، حيث أن من غير المقبول إنجاب أطفال وعدم الاهتمام بهم لعدم تأثيرهم على الكارير المهني للمرأة، أو الترقية، أو كورسات لتطوير مهاراتها، أو السفر لإنجاز مهام العمل، فأين حق الأسرة من ذلك؟.

وأضافت «خضر» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن من المهم أن تضع أي إمرأة عاملة خطة لحياتها بما لا يؤثر على أسرتها وأبنائها، فلا يصح ترك الطفل للأم أو الأب، فمن المهم وجود خريطة حياة لدى كل أم، تشمل تربية الأبناء، وتفضيلهم عن العمل، لأن الأم هي عماد كل بيت، مشددة على أهمية تطور دور الأم، كما كان يحدث قديمًا، ليمتد إلى دور المُربية والمُعلمة والصديقة لأبنائها.

وأوضحت أستاذة علم الاجتماع أن خريجات كليات التربية عليهم دور كبير في تماسك الأسرة والمجتمع، وتعظيم دورهم في المدارس ودور العلم، لأنهم يعتبرون «الأم الثانية» في المدارس والمؤسسات التعليمية، فمن المهم تعظيم دورهم وإثقال مهاراتهم بما ينعكس بالإيجاب علىطلاب المدارس والأجيال الصاعدة.

الإعلام.. ولم الشمل

واستطردت: وكذلك على الإعلام دور كبير في التأكيد على أهمية الأسرة، وقد يتجلى ذلك في المسلسلات العائلية والبرامج الاجتماعية الهادفة، والابتعاد عن المواد التفاهة وغير اللائقة التي قد تسبب صدمات للجيل القديم ونهج غير قويم للجيل الحديث، متابعة: وهذا سهل جدًا، حيث ظهر ذلك أثناء إذاعة فيلم «الممر» الذي ساهم في إعادة شمل الأسرة ولو نسبيًا وجلوسهم جميعًا سويًا أمام شاشة التلفزيون، مشددة على ضرورة تفعيل دور الرقابة أيضًا على السوشيال ميديا، لتقديم مواد هادفة وثقيفية تتناسب مع الثقافة المصرية الأصيلة وحضارة خمسة آلاف سنة، والبعد عن المواد العنيفة التي تقدم وجبة مسممة للأجيال الجديدة، تساهم في زيادة سلوكهم العدواني، وبالتالي تزيد معدلات الجرائم في المجتمع.

تدريس مادة «الأخلاق»

أما الدكتور اعتماد عبدالحميد، خبيرة العلاقات الأسرية، فرأت أن الكوارث المجتمعية التي تحدث خلال الفترة الحالية وخاصة قضايا عنف الأطفال وجرائم المراهقين، وحوادث شغب المدارس، ترجع إلى تحول تفكير رب الأسرة، من الأم والأب إلى بناء مستقبل الأولاد دون بناء الأولاد ذاتهم، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية، لافتة إلى أن هذه الطامة الكبرى أو رأس الكارثة.

وذكرت «عبدالحميد» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن المدارس الحكومية قديمًا كانت تدرس القيم بشكل كبير، لكن عندما دخلت المناهج الغربية إلى مصر، بدأت الكارثة، فهي لا تهتم بالإرشادات الدينية أو بغرس الإنتماء في نفوس الطلاب، مؤكدة على أهمية عودة تدريس مادة الأخلاق، لإعادة الانضباط الإخلاقي إلى المجتمع، ومحاربة السلوك العداوني لدي الأطفال، وكذلك البلطجة داخل المدارس.

وأوضحت خبيرة العلاقات الأسرية، أن أصعب فترة مرت بها مصر، كانت من عام 1967 إلى 1973، أو من النكسة إلى النصر، فهي أصعب الفترات الاقتصادية التي مرت بها الأسر المصرية، ورغم ذلك لم تشهد مصر خلالها أي حالات جريمة للأطفال، بل شهدت قمة أخلاق المصريين وازدهار الترابط الأسري، موضحة أن مع تطور الوقت وإلحاق أطفالنا بالمدارس الدولية والأجنبية، تراجع دور الأسرة والدور التربوي لمدارس التربية والتعليم، مع زيادة حالة الرفاهية والحرية، وبالتالي زادت معها حالات الخروج عن المألوف وتقاليد المجتمع وقيمه، وبالتالي انتشرت التصرفات السلبية، وظهر ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فبدأت الفتيات تحت السن القانوني، في نشر فيديوهات تتراقص فيها على أغاني هابطة، لجذب مشاهدين وتحقيق الشهرة على حساب الأخلاق ومستقبلها التعليمي والمهني، ومع التكرار تحول الأمر إلى ظاهرة.

ثقافة النشاط المدرسي

وأشارت «عبدالحميد» إلى أن أولياء الأمور هم المتسببين في هذه التصرفات السلبية لأنهم ينجبون دون معرفة معنى تكوين الأسرة وتربية طفل، مشددة على ضرورة إعادة ثقافة النشاط المدرسي وتخصيص درجات عليه، وكذلك تفعيل حصص المكتبة والمسرح والموسيقى والرسم والزراعة كما كان يحدث منذ سنوات، لزيادة مهارات الطفل والارتقاء بنفسه، واعتبرت الفنون ترتقي بنفس الإنسان البالغ لا الأطفال فقط، متسائلة: «كل هذا موجود الآن لكن غير مفعل ويقال إنها ليس لها قيمة، فما السبب؟».

ونوهت أستاذة العلاقات الأسرية بضرورة إعادة تفعيل دور الإخصائي الاجتماعي في المدارس، الذي يناقش الطفل أو الطالب في مشاكله ويساعده في حلها وإعادة التكيف في المجتمع، مع تفعيل وسائل عقاب لأي مراهق يرتكب سلومًا سلبيًا أو عدوانيًا، أو ولي أمر يتسبب نجله في مشكلة أو جريمة، جنبًا إلى جنب مع إعداد مادة إعلامية تعرض في التلفزيون الرسمي، وتنتشر على السوشيال ميديا، لتعليم النشء طرقًا جديدة لتنمية مهاراتهم وشغل وقت فراغهم، وإكسابهم مهارات جديدة ترتقي بنفوسهم سواء داخل المدرسة أو خارجها.