الخروج عن الصمت

أسياد وعبيد

محمد عبد الواحد
محمد عبد الواحد

محمد عبد الواحد

روان بنت العاشرة من عمرها تصاب بالعصب السابع لأنها أهينت فى كرامتها وشعرت ونحن فى القرن العشرين بالدونية وأن هناك أسيادا وعبيدا.
كيف تتجرأ وهى بنت البواب أن تلعب مع بنت المهندس وتناطحها رأسا برأس، ألم يربها أبوها على احترام أسيادها، ألم تعلم أنها تسكن حجرة فى بدرون العمارة وأن أسيادها وأحفادهم يسكنون الشقق الفأرة، من أعطاها الحق أن تتعلم وتحاول أن تساوى الرءوس فتجلس بجوار أبناء أسيادها، هذا يحدث فى مدرسة أبطالها فى السنة الرابعة من مراحل التعليم الأساسى، شجار بين طفلتين فتشكى بنت الأسياد لأمها لاعتداء بنت العبيد عليها، وبدلا من أن تحمل الأم عقلا وتحاول أن تهذب سلوك طفلتها وأن ما حدث بينها وبين زميلتها شيء عادى، لا نفخت فى الرماد وأشعلت النار فى رأس ابنتها وغرزت فى عقيدتها نعرة الأسياد، لم تحاول الأم المتعلمة أن تمتص غضب طفلتها وتعلمها أن قوام المجتمع هو التعاون فيما بيننا فالبواب يؤدى دورا مهما يتقاضى عليه أجرا لأنه أمين وشريف ونحن فى حاجة إليه طالما أنه رجل يحمل خلقا، كما أن اباكى وهو يعمل مهندسا فى مجال البترول له كل التقدير والاحترام من المجتمع لأننا جميعا نحتاج ما ينتج أو يستكشف، كما أن عامل النظافة له دور فى المجتمع فلولاه لعشنا فى قذورات وزكمت أنوفنا من رائحة أكوام الزبالة. الأغرب فى الأمر عندما توجهت الأم إلى المدرسة شاكية من تألم نفسية طفلتها من شجار بنت البواب معها تحول الأمر إلى الاخصائية الاجتماعية وهنا الحكم الفصل فهى من تعرف الأسوياء وتحاول أن تهذب المرضى لكنها فعلت شيئا لم يتوقعه أحد، سمحت للأم أن تصفع روان على وجهها وعندما بكت زادت فى إهانتها فكيف تجرؤين وانت بنت البواب على شجار أسيادك، هنا أدركت الطفلة أنها وقعت فريسة للظلم فأصابوا نفسيتها بشرخ لم تتحمله فأصيب وجهها بالعصب السابع، بالله عليكم كيف تتقدم شعوب مريضة وتنهض من كبوتها طالما فيها تلك العقول المتحجرة، ألم تسأل نفسها تلك السيدة وهى تلحق ابنتها فى مدارس الفقراء بأنها بهذا الفعل استولت على حق غيرها.
علموا أولادكم أن هذا المجتمع لا يرقى إلا برقى أخلاق أبنائه، أن التقدم هو معيار لاحترام الغير وتقدير دوره، أن التنافس بيننا مسار طبيعى للنهوض بهذا الوطن ولا يبقى منى غير كلمة لروان، الحزن لا يسكن إلا الضعفاء وأنت بعلامك تتسلحين بسلاح لا يقبل الهزيمة.