مصر المستقبل

رفقاً بالقضاة!

رشا الشايب
رشا الشايب

رشا الشايب

انتابتنى كغيرى من جموع المصريين حالة من الحزن الشديدة والمصحوبة بالحسرة عند سماعى بخبر مقتل محمود البنا، ومما آلمنى أكثر وزاد من وتيرة التعاطف لديّ حينما علمت أنه قد تدخل وبكل الشجاعة وبمنتهى الإقدام والجسارة لإنقاذ فتاة نهرها أحدهم معترضًا طريقها بهدف إيذائها.
وأشعر بحسرة أهل محمود، وأدعو الله لهم أن يُقوى نفوسهم على تحمُّل هذه الفاجعة وأن يربط على قلوبهم، فأشعر من كل قلبى بكم الألم وبمدى شدته فى أن تفقد أسرة أحد أبنائها وتتلّقى خبر وفاته مقتولا مغدورًا به غارقًا فى دمائه ممّن كان يتوهم فيهم أنهم من بين أصدقائه.
قتلوه بدم بارد بدون أى ذنب أو جُرم ارتكبه، قُتل لشهامته ورجولته، غُدر به لمروءته، أنهوا حياته لفرط شجاعته.
وأقول لأهل محمود لا تيأسوا ولا تجزعوا، فروح ابنكم ستبقى خالدة فى نفوسنا، وستنير بنورها الساطع ظلمة الشر وسواد القلوب وانحدار الأخلاق، فكلنا سنموت يومًا ما، لكن هنيئًا لمن يموت بشرف، رافعًا رأسه، يتباهى المصريون بحسن خلقه، ويفتخروا بتربيته الحسنة ويتناقلوا قصة بطولته للدفاع عن فتاة، أيّ مروءة هذه؟ أى أخلاق هذه؟
رحمة الله عليه كان رجلًا من الشرفاء، وقدّس الله روحه البريئة النقية والتى لم تتخيل أبدا مدى توحش الشر وتعاظم كيده وتسلط جرأته.
ورغم أنى أتفهم جيدًا تعاطف الجميع لمقتل البنا وأنا منهم إلا أننى أتعجب بشدة من طلب العامة أن يتم إعدام القاتل - والذى لا أرغب فى ذكر اسمه - رغم معرفة الجميع أن القاتل عمره لم يتجاوز الـ 18 عاما، أى أنه حَدَث وعقوبته لن تصل أبدا للإعدام ولا حتى للأشغال الشاقة لعدم بلوغه السن القانونية، وأقصى عقوبة للمتهم قد تصل إلى 15 عامًا.
وأشفق بشدة على القاضى الذى يتولى نظر هذه القضية والذى يعمل تحت ضغط شديد من العامة والبسطاء والذين قد يجهلون مبادئ القانون ونصوصه وخاصة رواد مواقع التواصل الاجتماعى، فإن حكم وفقًا لنصوص القانون حتى ولو لم تعجبه سينقلب عليه العامة مع تزايد احتمالية توجيه الاتهامات للقاضى بالتلاعب أو التحيز لطرف على حساب آخر، وحتى إن كان حكمه مُقيدا بصحيح القانون وعلى غير ما استقر فى وجدانه، فنصوص القانون هى الأساس الذى يحكم من خلاله وليس تعاطفه أو لا، لأنه وبمنتهى البساطة المسئول عن تعديل القوانين هو المُشرع (البرلمان) وليس القاضى، فلا يطالب القاضى بتغيير القوانين لأنها ليست من صميم اختصاصه، بيد أن قانون وسن الحَدَث بالذات ـ وفقا لرأى الخبراء القانونيين - لا يجوز تعديله من قبل البرلمان، لأنه من بين بنود اتفاقية حقوق الطفل الدولية والتى وقعتها مصر والتزمت بتطبيق نصوصها.
فرفقا بالقضاة.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي