في ذكرى استشهاده| «أسطورة الصاعقة».. نفذ 72 عملية انتحارية ولقبت مجموعته بـ«الأشباح»

 إبراهيم الرفاعي
إبراهيم الرفاعي

تحل علينا اليوم ذكرى استشهاد أسطورة الصاعقة المصرية، الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، قائد المجموعة 39 قتال التي نفذت الكثير من العمليات الفدائية خلف خطوط العدو الإسرائيلي.


وكانت المجموعة 39 قتال معروفة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وقد أذاقت العدو مرارة الهزيمة المصحوبة بالحسرة، في عدة اشتباكات، ووصفتهم الصحف الإسرائيلية في وقت ما قبل الحرب بـ«الشياطين المصريين» وهي الوحيدة التي سمح لها الرئيس جمال عبد الناصر بكسر اتفاقية «روجرز» لوقف إطلاق النار، كما يذكر عنهم أيضا أنهم أول من ألفوا نشيد الفدائيين المعروف بين رجال القوات المسلحة.


وقد ذاع صيت «الرفاعي» في الجيش الإسرائيلي لدرجه إطلاقهم على فرقته اسم فرقة «الأشباح»، وزارة الفريق محمد فوزي وزير الدفاع والفريق محمد صادق وزير المخابرات بتعليمات من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقاموا بتكريمه ورجاله ومنحهم الأوسمة.


قام «الرفاعي» بتنفيذ 72 عملية انتحارية خلف خطوط العدو الصهيوني من بين 67، 1973، ودمر معبر الجيش الإسرائيلي على قناة الدفرسوار، وحصل على 12 وساما تقديريا لشجاعته، وأخيرًا استشهد في حرب أكتوبر فكان «استشهاده أروع خاتمة لبطل عظيم». 


وبمناسبة ذكرى استشهاده تستعرض «بوابة أخبار اليوم» في السطور التالية بعضاً من ملامح حياة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي، ونشأته، وأبرز بطولاته. 


من هو إبراهيم الرفاعي؟ 

ولد الشهيد البطل إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعى فى الـ 27 من يونيو عام 1931، بقرية الخلالة، التابعة لمركز بلقاس، بمحافظة الدقهلية.


التحق بالكلية الحربية عام 1951، وتخرج منها عام 1954، وانضم عقب تخرجه إلى سلاح المشاة، وكان ضمن أول فرقة لقوات الصاعقة فى منطقة أبو عجيلة، لفت الأنظار بشدة خلال مراحل التدريب لشجاعته وجرأته منقطعة النظير.


تم تعيينه مدرسًا بمدرسة الصاعقة وشارك فى بناء أول قوة للصاعقة المصرية وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر 1956 شارك فى الدفاع عن مدينة بورسعيد الباسلة، وبعدها التحق بفرقة "مدرسة المظلات" ثم انتقل لقيادة وحدات الصاعقة للعمل كرئيس عمليات.


بعدها سافر إلى روسيا عام 1959، حيث حصل على دورة أركان حرب، وعقب عودته شارك فى حرب اليمن مع شقيقه الرائد سامح الذى استشهد خلالها ثم حصل على ترقية استثنائية عقب مشاركته فى عملية سرية، وواصل تأدية دوره خلال حرب يونيو عام 1967، وقام خلالها بأداء مهمات استطلاعية على المحور الشمالي. 


المجموعة 39 قتال


عقب الهزيمة وما أعقبها من إعادة تنظيم الجيش، تلقى «الرفاعي» تكليفًا من اللواء محمد صادق، مدير المخابرات الحربية آنذاك، بتكوين مجموعة قتالية للقيام بمهام خاصة خلف خطوط العدو، وبدأ تشكيل المجموعة "39 قتال" التى كانت تابعة للمخابرات الحربية.


وكانت نيران المجموعة أول نيران مصرية تطلق في سيناء بعد نكسة 1967، وأصبحت عملياتها مصدرًا للرعب والخوف في قلوب أبناء الاحتلال، حيث بدأت المجموعة عملياتها بنسف قطار للجنود والضباط الإسرائيليين عند منطقة الشيخ زويد.


وبعدها صدر قرار من القيادة المصرية بنسف مخازن الذخيرة التى خلفتها القوات المصرية إبان الانسحاب،وكان نجاح هذه العملية ضربًا من الخيال، إلا أن «الرفاعي» ورجاله تمكنوا من الوصول إليها وتفجيرها حتى أن النيران ظلت مشتعلة في تلك المخازن 3 أيام كاملة.


عملية الـ3 صواريخ الإسرائيلية


في مطلع عام 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من صواريخ أرض – أرض لإجهاض أى عملية بناء للقوات المصرية، وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت متشددة فى إخفاء هذه الصواريخ بكل وسائل التموية والخداع إلا أن وحدات الاستطلاع كشفت عديدًا منها على طول خط بارليف.


ولذلك، فقد أمر الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة آنذاك، الرفاعي ومجموعته، قائلًا: "إسرائيل نشرت صواريخ فى الضفة الشرقية.. عايزين منها صواريخ يا رفاعى بأى ثمن لمعرفة مدى تأثيرها على الأفراد والمعدات في حالة استخدامها ضد جنودنا".


ولم تمض سوى أيام قلائل لم ينم خلالها إبراهيم الرفاعي ورجاله، فبالقدر الذى أحكموا به التخطيط أحكموا به التنفيذ، فلم يكن الرفاعي يترك شيئًا للصدفة أو يسمح بمساحة للفشل.


عبر البطل الشهيد برجاله قناة السويس واستطاع أن يعود ليس بصاروخ واحد وإنما بـ 3 صواريخ، كما نجح الرفاعي فى أسر جندي إسرائيلي عاد به إلى غرب القناة، كان هذا الأسير هو الملازم دانى شمعون، بطل الجيش الإسرائيلي في المصارعة، وأحدثت هذه العملية دويًا هائلًا فى الأوساط المصرية والإسرائيلية على حد سواء حتى تم على إثرها عزل القائد الإسرائيلى المسؤول عن قواعد الصواريخ.


«الأشباح» تثأر للفريق عبد المنعم رياض


وصباح استشهاد الفريق عبد المنعم رياض في 9 مارس عام 1969 طلب عبد الناصر القيام برد فعل سريع وقوي حتى لا تتأثر معنويات الجيش المصري باستشهاد قائده.


عبر «الرفاعي» القناة واحتل برجاله موقع المعدية 6، الذى أطلقت منه القذائف التي كانت سبباً فى استشهاد الفريق رياض، وأباد كل من كان فى الموقع من الضباط والجنود البالغ عددهم 44 عنصرًا إسرائيليًا.


حتى إن إسرائيل من هول هذه العملية وضخامتها تقدمت باحتجاج إلى مجلس الأمن يفيد أن جنودهم تم قتلهم بوحشية، ولم يكتف الرفاعي بذلك بل رفع العلم المصري على حطام المعدية 6، بعد تدميرها وكان هذا العلم يرفرف لأول مرة على القطاع المحتل منذ 67، وبقى مرفوعًا قرابة الـ 3 أشهر.


أخر معارك الرفاعي


في السادس من أكتوبر 1973، قامت مجموعة «الرفاعي» بتدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة لحرمان العدو من الاستفادة منها، وفي 7 أكتوبر، تم الإغارة على مواقع العدو الإسرائيلي، بمنطقتي شرم الشيخ ورأس محمد، ومطار الطور، وفي 18 أكتوبر، عبرت المجموعة لمنطقة الدفرسوار.

واستطاع الرفاعي أن ينهي المذابح التي ارتكبها الإسرائيليون في هذه المنطقة لدرجة أن أرييل شارون، الذي كان قائد المجموعة الإسرائيلية، ادعى الإصابة، ليهرب من جحيم الرفاعي بطائرة هليكوبتر، ما دفع الجنرال، جونين، قائد الجبهة في ذلك الوقت إلى المطالبة بمحاكمته لفراره من المعركة.


استشهاد البطل


كان رجال المجموعة 39 يخوضون قتالا مع مدرعات العدو الصهيوني وسقطت قنبلة من إحدى مدفعيات الإسرائيليين بالقرب من موقع البطل الرفاعي لتصيبه ويسقط جريحا، وبرغم ذلك رفض أن ينقذه رجاله، وطلب منهم أن يستمروا في المعركة.


وكان خبر إصابة البطل الجسور إبراهيم الرفاعي مفاجئا للقيادة المصرية، وعندما علم السادات طلب سرعة نقل البطل إلى القاهرة، لكنه استشهد في يوم الجمعة 23 رمضان.


يروى أحد قيادات المجموعة، ويدعى أبو الحسن لحظات استشهاد الرفاعي، قائلًا: «كان الرفاعي عادة ما يرتدي حذاء ذا لون مختلف عن بقية المجموعة عندما رأى زملاؤنا حذاءه أبلغوا باللاسلكي أنه أصيب وسمعهم اليهود وعرفوا الخبر وكانت فرحتهم لا توصف حتى إنهم أطلقوا الهاونات الكاشفة احتفالاً بالمناسبة وذهبنا به لمستشفى الجلاء وحضر الطبيب وكانت الدماء تملأ صدره وقال لنا (أدخلوا أبوكم) فأدخلناه غرفة العمليات ورفضنا أن نخرج فنهرنا الطبيب فطلبنا منه أن ننظر إليه قبل أن نخرج، فقال: أمامكم دقيقة واحدة فدخلنا إليه وقبلته في جبهته وأخذت مسدسه ومفاتيحه ومحفظته ولم نستطع أن نتماسك لأننا علمنا أن الرفاعي استشهد وكان يوم جمعة موافق 23 رمضان وكان صائماً فقد كان رحمه الله يأمرنا بالإفطار ويرفض أن يفطر وقد تسلمنا جثته بعد ثلاثة أيام وفي حياتنا لم نر ميتا يظل جسمه دافئاً بعد وفاته بثلاثة أيام وتنبعث منه رائحة المسك.. رحمه الله».

مهما كتبت الأقلام ستظل عاجزة أن تسطر تاريخ هؤلاء العظماء من أبطال القوات المسلحة الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل مصر وشعبها الكريم.