من باب العتب

الرجال يحبون الغش النسائى..!

د. محمود عطية
د. محمود عطية

حين ينظر رجل لامرأة متفرسا فاعلم أنه لا يهتم ولا يعنيه إن كانت تجيد الطهى وترتيب المنزل ولن يتساءل عن رأيها فى تحالف قوى الشعب العامل أو إن كانت تجيد العزف على البيانو.. لأنه ينظر متفرسا مليا باحثا عن مواطن الجمال فيها وجاذبيتها وهل تضاريسها مما تستدعى استمرار النظر إليها..لكن إن كان يفكر فى الزواج فربما تكون نظرته مختلفة قليلا فيدور فى ذهنه غالبا ملامح ذريته أن أرتبط بها وأحيانا مباهاته بجمالها أمام أصدقائه وعائلته.. ولذلك اعتاد مصممو الموضة إلباس المرأة ملابس مثيرة تصرخ بأنوثتها وتظهر جمالها الأنثوى للرجال..!
لكن الحركة النسائية التى اشتعلت فى ستينيات القرن العشرين رأت أنه من العار جعل المرأة أداة لإثارة الغرائز ومجرد آلة جنسية للرجل.. كما أنه من العبط أن يصبح الشغل الشاغل للمرأة هو مظهرها وإن كان من الضرورى أن تبذل بعض الوقت للاعتناء بمظهرها لكن دون محاولة إثارة للرجل..وسارعت الحركة النسائية فى هدم نظريات المرأة الآلة المثيرة وأعلت من شأن المساواة بين الرجل والمرأة..وبالفعل أقنعت الحركة النساء بأن كرامتهن وآدميتهن يتم دفنهما فى الوحل بارتداء ملابس مثيرة لحيوانية الرجل..وبدأت الحركة تطرح نظرياتها التى تتلخص فى أن الجمال الأنثوى الحقيقى جمال داخلى ينبع من عقل وأخلاق وفكر المرأة وهذا يفوق فى أهميته المظهر الخارجى المثير الذى يتم تصنيعه للضحك على الرجل مما يعد غشا تجاريا.. حيث تبدو البضاعة فى مظهر خلاب للزبون ثم يفاجأ بعد الشراء بشىء آخر..!
وبدأت صرعة المساواة بارتداء الملابس الرجالية.. البنطلون والبدل والكرافتات.
ثم تطور الأمر إلى ارتداء الملابس الصبيانية ثم الرثة الممزقة كنوع من أنواع التحدى للرجل وما يفضله من أثواب نسائية مثيرة..كل ذلك لإقناع العالم بأنه من الممكن أن تكون هناك مساواة بين الرجل والمرأة حتى فى قصة الشعر القصير جدا"الكاريه" و"اراجرسون".. وهذا النهج فى ارتداء الملابس غير الجذابة وقص الشعر بالطريقة الرجالى وصل ذروته فى التسعينيات من القرن العشرين..وقد أصبحت أجساد عارضات الأزياء هزيلة وبلا تضاريس مميزة ويمكن أطلاق عليها بكل ارتياح انها غير أنثوية واصبحن يضعن أحمر الشفاه الأسود ويرسمن هالات سوداء تحت عيونهن وكأنهن مدمنات للمخدرات أو فى أحد العزاءات.. ورغم ان النساء حققن بعض المكاسب الظاهرية فى المساواة فإن هذا المظهر الخارجى غالبا لا يروق للرجال فتجد نادرا ما يشاهد الرجال عروض الأزياء والموضة..!
لكن ربما عرض الأزياء الوحيد الذى سوف يروق للرجال هو ذلك الخاص بأثواب السباحة..وحينما تقام مسابقة ملكات جمال العالم نجد أن 70% من المشاهدين من الرجال الذين يرغبون فى رؤية سيدات يتمتعن بمقاييس الجمال الغابر الذى طالما أثار استجابات محددة قديما فى عقولهم..ورغم جهود الحركة النسائية التى اقتنعت بها المرأة وظهرت فى ملابسهن.
يبدو أن الرجال مازالوا لا يستمعون لنصائح الابتعاد عن الغش التجارى ولا لكلام جداتهم "لا يجب أن تحكموا على الكتاب من عنوانه"..والحقيقة التى لم تغب حتى يومنا هذا هى أن الرجال مازالوا يكتفون بالعنوان الخارجى ويسقطون فى الغش التجارى النسائى.