عاجل

خواطر

ظاهرة ازدحام شوارعنا ٢٤ ساعة ضـد الإنتاج والنهـوض والتقـدم

جلال دويدار
جلال دويدار

ما تشهده شوارعنا من هدوء لحركة المرور فى الأعياد والأجازات شئ طيب وطبيعى ومريح للأعصاب. هذا يعود إلى إنشغال من وراء عشوائية حركة المرور فى القبوع بمنازلهم أو التوجه إلى مدن وقرى الأهل لقضاء الأجازة. بالطبع فإن هذا المظهر الحضارى يمكن أن يتواصل فى الأيام العادية خاصة فى أوقات العمل الرسمية.. لو أن هناك إلتزاما بتأدية الواجبات والمسئوليات الوظيفية والانتاجية.
إن ما يحدث عندنا أمر غريب ومثير حيث يستمر زحام المرور وحركة السيارات فى الشوارع فى أوقات العمل الرسمية على عكس كل بلاد الدنيا التى تبهرنا بتقدمها.
ليس من تفسير لهذه الظاهرة سوى أن هناك خللا وتسيبا وعدم انضباط وخصاما مع العمل والانتاج تتبناه غالبية من قوتنا العاملة. هذا السلوك غير السوى خاصة فى الأجهزة الحكومية يتمثل فى تركهم لأعمالهم ولجوء معظمهم الى التسكع والتجول فى الشارع.
قد يكون مقبولا خروج الناس الى الشوارع بعد المغرب وحتى منتصف الليل مثل كل شعوب البحر المتوسط. ولكن ما ننفرد به فى مصر هو أن هذا التواجد بالشوارع مستمر ومتواصل على مدى الـ٢٤ ساعة نهارا وليلا فى أوقات العمل وفى غير أوقات العمل. ما يحدث بهذه الصورة يبرر أسباب الاحصائيات والدراسات التى تشير الى التدنى المزرى فى متوسط انتاجية المواطن المصرى دونا عن الكثير من دول العالم.
من ناحية أخرى ورغم حالة الانفلات السكانى الذى نعانى منه وأصبح خطرا على مسيرة المستقبل.. فإن هناك فى نفس الوقت مئات الآلاف من الطبقة التى تحرص على مباشرة مسئولياتها فى العمل والانتاج بما يرضى الله والضمير. ان بينهم هؤلاء الذين يعملون بالمصانع ومراكز الانتاج يمارسون مهامهم فى أوقات العمل الرسمية دون أى تقاعس  أو إخلال.
كم أرجو وأتمنى من الأجهزة العلمية والبحث والاستقصاء أن تكون هذه الظاهرة فى مجتمعنا ضمن الاهتمامات والتحليل. فى هذا الشأن فإننا ننتظر منها إلقاء الضوء والتقدم باقتراحات لمواجهتها بالتعاون مع الأجهزة المعنية.
الشئ الذى يمكن أن يقال من وجهة نظرى هو أن وراء هذا السلوك تخاذلا وتهاونا يتمثل فى عدم تطبيق القوانين واللوائح التى تعاقب على إهمال العمل والتخلى  عن مسئولياتها. هذا يتجسد فيما نشهده من زحام على مدار اليوم خاصة فى أوقات العمل.
لا يمكن بأى حال من الأحوال ألا يلفت هذا  نظر  زوارنا  الأجانب على مختلف المستويات الذين دائما ما يتساءلون عن أوقات العمل عندنا؟! فى نفس الوقت فإنهم يحذرون بأن إنخفاض انتاجية عمل المواطن المصرى تعد خطرا يهدد انجازات ونتائج الاصلاح الاقتصادى الذى كان يجب ان  يشمل اصلاحا مجتمعيا حاسما وحازما.
فى اعتقادى أن تفشى هذه الظاهرة السلبية بدأت وبشكل أساسى  منذ عدة عقود مضت.. جاء ذلك نتيجة الترويج لشعارات كاذبة ووهمية تزعم الدعوة للاشتراكية غير الصحيحة. إنها زرعت فى النفوس إمكانية الحصول على الاحتياجات من المال اللازم للحياة دون تقديم مقابله عملا وانتاجا. جرى ذلك فى ظل شعار مضلل يزعم تحقيق العدالة الاجتماعية.
تم ذلك تحت شعار ان الدولة هى بابا وماما وبالتالى  فانها مسئولة عن تفعيل هذا الشعار الذى تتحمل وحدها مسئولية اخطائه الكارثية. ليس من سبيل لنا للانطلاق نحو المستقبل الذى نتمناه سوى التخلص من هذه الشعارات وكل ملحقاتها.