خاص| عضو بالأعلى للشئون الإسلامية: مؤتمر الإفتاء دعوة للتفاعل والحراك المستمر لتحقيق التكامل

 الدكتور أحمد على سليمان
الدكتور أحمد على سليمان

أكد الدكتور أحمد على سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على أهمية الموضوع الذي اختارته دار الإفتاء المصرية هذا العام ليكون عنوانا للمؤتمر الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء فى العالم وهو «الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي»،

وأضاف خلال تصريحه لـ«بوابة أخبار اليوم»، أنه يحمل عدة رسائل، منها: رسائل لغير المسلمين وهي أن الخلاف الفقهي كان وسيظل قيمة مضافة ومن أبرز ميزات وفرائد الفقه الإسلامي؛ فبه ومن خلاله كان تميز العقل المسلم الناقد الذي أبهر العالم في عصور التدوين الزاهرة بالمنهجيات العلمية الفريدة والتي كانت سبقا حضاريا لعلماء الإسلام، وبه كانت صلاحية الفقه الإسلامي لكل زمان ومكان، وبه كان التأسيس العملي لأدب الحوار، وحرية الرأي والتعبير.

ولفت إلى أنه يحمل رسائل للمسلمين ومن بينها البعد عن أصحاب الاتجاهات الفكرية والفقهية الأحادية الذين يريدون إلغاء الآخر أو تسفيه آرائه، والانتصار للهوى والإيديولوجيات على حساب نجاعة الفكر والفقه والآراء المعتبرة، وغيرها من الآفات الفكرية والسلوكية الخطرة التي أسهمت في إيجاد جماعات ألغت عقولها بأيديها وأرادت أن تلغي الآخرين لولا وجود مؤسسات راسخة ومجامع علمية رصينة وقوية كالأزهر الشريف والإفتاء والأوقاف وغيرها من المؤسسات المعتبرة في العالم الإسلامي.

وقال إن المؤتمر في جوهره إلى احترام العمل الجماعي وانتهاجه في إطار المنظومة الإفتائية، وأن الخلاف ينبغي أن يدار بشكل حضاري تمامًا كما كان في العصور الإسلامية الأولى، حيث كان تنوع الأفكار والمذاهب من أهم أسباب نهضة الحضارة الإسلامية.


 وأشار الدكتور  أحمد علي سليمان إلى أن الخلاف في المسائل الفقهية الفرعية ظاهرة صحية أمدت العقل الفقهي المسلم بأدوات منهجية ساعدته على فقه الحقائق الكبرى المبثوثة في كتاب الله المنظور وكتابه المسطور.

ويُعقد المؤتمر تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال الفترة من 15 إلى 16 أكتوبر الجاري، ويشارك فيه أكثر من 66 شخصية عربية ودولية لمناقشة كيفية إدارة الخلاف الفقهي بصورة حضارية. وتتضمن فعاليات المؤتمر عقد ثلاث ورشات، منها ورشة عن «الفتوى وتكنولوجيا المعلومات» وتهدف إلى التعرف على كيفية استفادة المفتي من الثورة الرقمية في تحسين الأداء الإفتائي، ووضع أسس نظرية وعملية للاستفادة الرقمية في مجال الإفتاء، وتفعيل مشروع حوسبة الفتوى. وكذا ورشة تتناول «آليات مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا».

وبحسب الدكتور أحمد علي سليمان فإن المؤتمر بمحاوره وورش عمله يمكن اعتماده منهجية علمية لإبراز عظمة الفقه الإسلامي والفقهاء المسلمين وكيف أن اختلافهم في الرأي يعد قيمة مضافة ورحمة بالأمة ووسيلة من وسائل خدمة البشرية في مختلف العصور.

ولفت إلى أن مؤتمر هذا العام ينادي علماء المسلمين في كل مكان لشحذ هممهم من أجل تجاوز التحديات المعاصرة والمستقبلية.

وأشار إلى أنه عندما أيقن فقهاء الإسلام أن العقل شريك النص في الفهم عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضت بهم الأمة والدولة نهضة لم تخل من خلاف في الفروع لكنه خلاف الرحمة والثراء والتنوع لا خلاف الشتات والنزاع والفشل.

وضرب الدكتور سليمان المثل بالمساجلة التاريخية التي دارت بين الإمام مالك والإمام الليث بن سعد داعيا إلى تعليمها للشباب وترسخيها جيدا في وعيهم.

ولفت في تصريحه إلى أن الاختلاف بين الائمة المجتهدين في الفقه لم يكن دعوة للفرقة والتعصب والمذهبية البغيضة، بل بالعكس كان دعوة للحراك المستمر والبحث عن البرهان ومصلحة المسلمين بشكل إيجابي مثَّل عاملا مهما من عوامل البناء الفكري والحضاري للأمة، ولا يمكن بحال من الأحوال التهوين من شأنه أو ترك الاستفادة من تجربته الفريدة في عصورها المختلفة.

وختم تصريحه بقوله: «لا يسعني إلا أن أقدّم تحية إجلال وإكبار لدار الإفتاء المصرية برئاسة فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام، على دورها الوطني والإسلامي والإنساني العظيم وتحية لعلمائها في الإفتاء وفي الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وعلى رأسهم فضيلة الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، على دورهم في إخراج هذا المؤتمر العالمي بما يليق بمكانة مصر الأزهر ودورهم في إحداث فقه التصالح بين الإنسان والكون».