النوايا الحسنة لا تصنع سينما 

النوايا الحسنة لا تصنع سينما 
النوايا الحسنة لا تصنع سينما 

عبر حسابه على إنستجرام كشف الفنان محمد إمام عن مشروعه الجديد الذي ظهر فجأة، عن بطل وأسطورة الجيش المصري إبراهيم الرافعي. مع تحفظي على مفردات محمد إمام. وعبارة "ظهر فجأة".

 

فكرة توثيق السينما المصرية من بطولات وأمجاد أبنائها أكثر من رائعة. أبسطها أن تتعرف الأجيال التي –للأسف لم تعد تقرأ سوى سطور فيسبوك ومواقع السوشيال ميديا- على الحقائق من مصادر موثقة، تمتلك مشاهد حقيقية ومعلومات سليمة، لاسيما وأن هناك تسجيلات لدى الجهات المختصة، تكشف الحقائق والأسرار، فضلا عن بطولات الحرب التي دارت رحاها منذ 46 عاما مضت.

 

وليست بالنوايا الحسنة فقط تؤتى الثمار، إنما بالجهد والعرق والتدبر السليم. وأقصد هنا ، أن أعطي العيش لخبازه، وبلغه أهل السينما، أن يعكف متخصصون في شتى المجالات على كتابة السيناريو والحوار، وآخرون لكتابة المعارك الحربية، وهكذا.

 

كتاب لهم تجارب ناجحة، تركت بصمة في وجدان المشاهد، فليس كل كاتب "أسامة أنور عكاشة"، رحمه الله المعروف لدى المتخصصين بـ "نفسه" الطويل في صياغة الدراما، ولكنه عندما كتب فيلمه "كتيبة الإعدام" لم ينجح بنفس قدر مسلسلاته. وهذا لا يقلل من نجاحه بل يؤكد على تفوقه في مجال الدراما التليفزيونية.

 

 وعندما عرض فيلم "الممر"، لمس الجميع تعطش المشاهد لرؤية فيلم يعبر عن دراما هذا النصر العظيم. الذي نشأ بعده أجيال لم تسمع أو تري ما عايشه أبناء جيلي وما تلا النصر من بهجة وسعادة مازالت حلاوتها بين الوجدان.

 

 ومهمة أصحاب القلم والمبدعين أن يشكلوا وجدان تلك الأجيال من خلال إنتاج فني غني وقوي مثلما نتابع السينما العالمية التي مازالت تنسج جوانب جديدة عن الحرب العالمية الأولى والثانية.

 

 فإذا خرج مشروع محمد إمام،عن البطل إبراهيم الرفاعي للنور، فعلى صناع هذا العمل أن يدققوا في السيناريو، ولغة الحوار ومراعاة مرحلة السينيات من مفردات وكلمات حتى لا ينفصل المتابع عن الحدث ويصبغ عليه مصداقية وعمق في التناول، ويدرس السمات الواقعية للشخصيات من منطلق تلك الحقبة الهامة في حياة مصر والوطن العربي.

 

ولعل النجمة هند صبري في "الممر"  نجحت أن تتقمص دور زوجة الضابط بكل خلجات الشخصية الدقيقة، كذلك النجم محمد فراج الذي ينطلق بسرعة الصاروخ من دور إلى آخر نجح أن يعكس بأدائه السلس في دور الصعيدي هلال المفعم بالخجل والعار من الهزيمة وحماسه وحميته أمام العدو، وكذلك الفنان الشاب محمد الشرنوبي المهندس الواعي بمسئولياته تجاه وطنه وحبيبته، هذه الشخصيات الثلاث تم رسمها على الورق واستوعبها الفنانون وانعكس هذا الإحساس لدي المشاهد بصدق، كل هذا نقلنا إلى هذا الزمن الذي عايشه جيلي، كلنا متعطشون لمشاهدة عمل عن حرب الكرامة ونصر أكتوبر.

 

صحيح أن الجمهور المصري صعب إرضائه، ولكن العمل الجيد يفرض نفسه، ويخرس ألسنة المغرضين. ولأن الأسطورة إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعي، ليس شخصية عادية، وتاريخه الممتد من 26 يونيو 1931: 1973، حافل بالبطولات حيث ألتحق بالخدمة العسكرية، 1954 : 1973، إلى جانب اشتراكه في حروب العدوان الثلاثي، حرب اليمن، حرب الاستنزاف، حرب أكتوبر إلى أن لقي ربه،  يستحق أن نعمل عنه أكثر من فيلم لما تتمتع تاريخه الوطني من بطولات  وقدوة للشباب.


وأدعو المنوطين على إخراج هذه الفكرة الرائعة للنور إلى الرجوع لكتاب السيناريو اللذين لهم خبرة ولهم أعمال بل وعاصروا المرحلة ليشكلوا فريق عمل دقيق، مثلما كان فيلم الناصر صلاح الدين الأيوبي للمخرج يوسف شاهين. فكان قصة يوسف السباعي، معالجة درامية نجيب محفوظ ، عزالدين ذوالفقار ، محمد عبد الجواد. ملاحظ الحوار محمد عمارة. سيناريو عبد الرحمن الشرقاوي ، يوسف شاهين. حوار عبد الرحمن الشرقاوي ، يوسف السباعي. جميعهم قامات أدبية قدموا فيلما عاش للتاريخ منذ صدوره في فبراير 1963 وحتى الآن.