أول سطر

«الاثنين الحزين» فى إسرائيل

طاهر قابيل
طاهر قابيل

لم يكن 8 أكتوبر 1973 يوما عاديا.. فبعد نجاح قواتنا المسلحة فى عبور أعقد مانع مائى وتسلق ساتر ترابى بزاوية ميل 35 درجة وفتح الثغرات به واقتحام خط بارليف وتساقط نقاطه الحصينة الواحدة تلو الأخرى وتحقيق انتصار ساحق فى ٦ ساعات على من كانوا يقولون عن أنفسهم أنهم جيش لا يقهر وله ذراع طولى وأن حدود دولته عندما يقف الجندى الإسرائيلى.. بعد كل ذلك وأكثر مما قاله وهمًا العدو الجاثم على أرضنا عن نفسه كان قادتنا العظام ومقاتلونا الأشداء ينتظرون منه أن يقوم بالهجوم المضاد وخططوا وتدربوا على إفشال مخططه وتلقينه درسا لن ينسى على مدار التاريخ.
ففى ثالث أيام المعركة وبغطرسة إسرائيلية دفع الجنرال إبراهام ادان اللواء 190 مدرع بقيادة العقيد عساف يأجورى للوصول إلى الشاطئ الشرقى لقناة السويس وتحطيم القوات التى نجحت فى العبور وأنشأت ما يطلق عليه رأس كوبرى الفرقة الثانية مشاة ميكانيكى احدى فرق الجيش الثانى الميدانى.. ترك المرحوم العميد حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية العدو ليخترق الدفاعات الأمامية معتقدا أنه نجح فى رد الصاع صاعين.. وما كادت «المهزومة ان تفرح» وهى ترى شاطئ القناة وكوبرى الفردان أمامها.. فوجئت القوة الاسرائيلية المهاجمة نفسها داخل ما يطلق عليه «أرض قتل» والنيران المصرية تحاصرها من ثلاث جهات فى وقت واحد.. ودبابات العدو تتساقط ويتم تدميرها بمعدل سريع بنيران أبطالنا فى نصف ساعة ولم يجد يآجورى وعصابته سوى الهروب والاختباء عدة دقائق فى حفرة ونجح النقيب يسرى عمارة المصاب وزملاؤه فى أسره وظلت الدبابات الإسرائيلية المدمرة شاهدا على بطولة وجسارة المقاتل المصرى.. وأطلق الإسرائيليون على هذا اليوم «الاثنين الحزين».
ليست معركة الفردان البطولة الأبرز لمقاتلينا فى انتصارات أكتوبر فهناك الكثير والكثير من البطولات التى لا تعد ولا تحصى ولن أغالى إذا قلت إن كل حبة رمل ونقطة عرق أو  قطرة دماء سقطت من مقاتل أو مصاب أو شهيد فى سيناء تحمل قصة بطل.. وكل نسمة هواء عبرت فى سماء مصر تحكى قصص أبطال ومن بينها ما سنحتفل به بعد أيام يوم ١٤ أكتوبر عن أضخم وأطول معركة جوية فى سماء المنصورة والتى بحق قطعنا فيها ما كان يقال عنه الذراع الطولى لإسرائيل بكفاءة وجسارة الطيارين والملاحين والمقاتلين المصريين.
شهر أكتوبر يحمل العديد والعديد من البطولات والأمجاد التى لا تنسى ويتوارثها جيل بعد جيل.. ولا أعلم إذا كانت وزارة التربية والتعليم تخصص منهجا متكاملا فى مختلف السنوات الدراسية ليعلم الأبناء والأحفاد ماذا حقق آباؤهم وأجدادهم من بطولات؟.. تحيا مصر أمس واليوم وفى المستقبل.