عطر السنين

أعز الولد

ميرفت شعيب
ميرفت شعيب

 يقول المثل الشعبى (أعز الولد ولد الولد) ولكن لكل قاعدة استثناء وربما كان الاستثناء شديد الغرابة مثل قضية الجدة التى عذبت حفيدتيها بالكى بالنار حتى ماتت الطفلة جنة وأنقذت حياة الطفلة أمانى التى تعانى من آثار التعذيب والتشوه النفسى والجسدى، أما حجة الجدة فهى تربية الطفلتين اللتين حكمت لها المحكمة بحضانتهما بعد زواج أمهما وعدم مقدرة والدهما الكفيف على رعايتهما وهنا نناقش مفهوم التربية لدى بعض من يتولون أمر تربية بعض أطفالهم أو أقاربهم ويظنون أن القسوة هى الوسيلة المثلى للتربية ويتصورون أن سلطاتهم على الأطفال الأبرياء عديمى الحيلة تعطيهم الحق فى استخدام الشدة المفرطة فى حق الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم ضرا ويتحولون إلى كائنات مشوهة شكلا ومضمونا ولا يكونون أشخاصا أسوياء من فرط التعذيب والإذلال الذى تعرضوا له وأولاد الشوارع أكبر دليل على ذلك فهم ضحايا التفكك الأسرى والتمزق بين الأب والأم ويتلقفهم الشارع بكل قسوته ليتحولوا إلى أعداء للمجتمع وبدلا من أن يكونا مواطنين صالحين ينضمون لمن ينغصون أمن المواطنين ويعتدون على الآمنين فالطفولة السوية تنتج أطفالا أسوياء ومواطنين صالحين يشاركون فى تنمية هذا الوطن ولكن الأطفال المعذبين لابد أن يلقوا علاجا نفسيا ينسيهم ما لاقوه من تعذيب ورعب على يد أقرب الناس إليهم. إن الطفل لا يفهم سر المعاملة العنيفة التى يلقاها من الكبار وإذا كانت الجدة تنوء بحمل تربية الطفلتين فكان يمكنها إيداعهما بأحد الملاجئ فهى أفضل لهما وأكثر أمانا بدلا من أن توسعهما ضربا وتعذيبا لأن حظهما العاثر وضعهما تحت رحمتها، وحسنا فعل شيخ الأزهر بإعلان كفالته بمصروفات الطفلة أمانى بعد إيداعها دار الأيتام من حيث علاجها ودراستها كما أعلنت وزارة التضامن الاجتماعى عن صرف معاش للأب الكفيف وتدخل المجلس القومى للطفولة والأمومة لرعاية الطفلة أمانى التى عانت من التعذيب البشع وشهدت وفاة أختها تأثرا بالتعذيب وعاشت الرعب من الجدة التى تحولت إلى رمز للخوف والبشاعة بدلا من أن تكون رمزا للحب وينبوعا للحنان الدافق للأسف يوجد الكثيرون من أمثال الجدة البشعة ومن آباء وأمهات غاب الحنان عن قلوبهم فمن ينقذ أطفالهم من براثنهم؟.