حكايات| كنوز وادي القرود التي يخفيها زاهي حواس

زاهي حواس
زاهي حواس

واد يحوي واد يخفي بين ثناياه كنوز مصرية قديمة لم يمسسها أحد، يعرف سرها المصري الشهير صاحب القبعة الشهيرة زاهي حواس.. وادي القرود يوجد في وادي الملوك ومعروف وسمي بهذا اللقب نظرا للرسومات الموجودة على إحدى جدران مقبرة الملك «آي» والتي يظهر بها ١٢ قردا.


يقول الأثري المصري الشهير زاهي حواس، إنه يعرف بوجود 5 مقابر فقط بوادي الملوك الغربي المعروف بوادي القرود بالأقصر؛ أما باقي المقابر - والتي يصل عددها إلى 64 مقبرة - فتقع بالوادي الشرقي.


 وقال في إحدى مقالاته إن الفرعون «أمنحتب الثالث» كان أول من بنى مقبرة في الوادي الغربي.


أيام نابليون


كتب أحد مهندسي بعثة نابليون بونابرت عام 1799 تعليقاً على كشف البعثة عن مقبرة «أمنحتب الثالث» قائلاً: «عندما كنا نبحث في وادي الملوك دخلنا أنا وجوليز إلى وادٍ ثانٍ وعثرنا على مقبرة لم يسجلها أحد».


وتعتبر هذه المقبرة من المقابر الكبيرة، حيث تبدأ بممر هابط طويل تليه بئر حوائطها مزخرفة بمناظر للفرعون في العالم الآخر؛ وبعد ذلك نجد حجرة ثم صالة مرسومة بمناظر ملونة غاية في الجمال؛ وبعد ذلك نصل إلى حجرة الدفن بعد عدد من الممرات والحجرات الجانبية.


وجدران حجرة الدفن مزينة بمناظر كتاب الموتى المعروف باسم كتاب «ما هو موجود في العالم الآخر» وداخل حجرة الدفن يوجد التابوت الذي عثر على أجزاء بسيطة منه وقامت بعثة جامعة واسيدا اليابانية باستكماله، ويوجد عدد من المخازن حول الحجرة، بالإضافة إلى حجرتين لدفن الملكتين «تي» و«ست آمون».


وأغلب المناظر داخل المقبرة مفقودة مثل رأس الملك أو ربات الحماية! حيث سرقت للأسف ومعروضة بمتحف اللوفر في باريس! وعلى بعد نحو 60 متراً من مقبرة «أمنحتب الثالث» عثر العالم الألماني لبسيوس على مقبرة أخرى صغيرة عام 1845، وأعطى للمقبرة الرقم (A). وأعتقد أنها حجرة لتخزين الأواني الجنائزية الخاصة بمقبرة الملك «أمنحتب الثالث»، وهي المقبرة الوحيدة بالوادي الغربي التي عثر بها على أختام الجبانة سليمة.


أما عن الفرعون «آي» الذي جاء بعد الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» عثر له على مناظر داخل مقبرة توت وهو يقوم بعمل طقسة «فتحة الفم»؛ وهي عبارة عن طقسة تعيد مومياء المتوفى للعالم الآخر كي يأكل ويسمع ويرى، وقد عثر المغامر الإيطالي بلزوني على مقبرة «آي» عام 1816.  


مغامرات

 

زاهي في الوادي 


يقول زاهي حواس عن زيارته للوادي : «أحسست برهبة شديدة عند دخولي إلى وادي الملوك الغربي للمرة الأولى؛ ولعل سبب الرهبة يكمن في أن هذا الوادي لم يشي بعد بأسراره! ولم يزل به مقابر كثيرة لم تكتشف بعد. خاصة لأن الوادي الغربي هو بحق، المكان المثالي للدفن أكثر من وادي الملوك الشرقي».


وتحدث في وصف الوادي المخفي قائلا: «وقد بدأت أتجول بهذا الوادي لأول مرة عندما بدأنا نفكر في العمل بوادي الملوك عام 2009م، وقد كشفت عن أسباب عزوف علماء الآثار عن الحفر في الوادي الغربي نظراً لكميات الرمال المهولة التي تغطيه وتستنزف ميزانية أي بعثة أثرية!


كذلك كميات الصخور الكبيرة المنهارة والتي تعوق عمل الحفائر العلمية بالموقع! وتضاريس الوادي صعبة جداً، ويعتبر من الوديان العملاقة التي تتكون من وادٍ سفلي ضيق وصغير يعلوه وادٍ علوي هائل وضخم، وقد لاحظت أيضاً كثرة الشروخ والشقوق والفوالق ما بين صخوره، وذلك بسبب كثرة الفيضانات والأمطار المسببة لذلك، وكثرة كميات الرديم والتي تتكون من الرمال والكتل الحجرية والتي تؤدي كما سبق وذكرت إلى صعوبة الحفر والعمل الأثري، الذي يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة بالإضافة إلى الوقت الطويل الذي يمكن أن تستمر فيه الحفائر حتى يتم الكشف عن مقبرة جديدة.


أما عن مميزات هذا الوادي والتي تؤهله لكي يكون مكاناً مثالياً لإخفاء مقبرة؛ وهو الهدف الأساسي لدى المصري القديم والذي كان يقوم بإجراءات كاملة في سبيل حماية وإخفاء مقبرته عن أعين اللصوص؛ فتتلخص في وجود الحماية الطبيعية للوادي؛ وميزة الأمان وبعده أيضاً عن وادي النيل؛ بالإضافة إلى جودة صخوره التي تتكون من الحجر الجيري الجيد. هذا ويوجد بالوادي أربع قمم هرمية عكس الوادي الشرقي الذي يوجد به قمة واحدة فقط! وتعتبر القمم الهرمية من أهم الأسباب والشروط عند اختيار موقع لحفر المقبرة الملكية لأن المصري القديم أراد أن تستمر فكرة دفن الفرعون أسفل الشكل الهرمي مثلما كان الحال خلال الدولتين القديمة والوسطى؛ ولذلك عندما تم اختيار وادي الملوك الشرقي والغربي لدفن الفراعنة كان بسبب وجود القمم الهرمية الطبيعية حتى يمكن أن تستعمل الروح الشكل الهرمي كسلم تصعد به إلى السماء؛ وذلك طبقاً لما هو موجود في الكتب الدينية، وخصوصاً نصوص الأهرام.


وهناك ميزة أخيرة لهذا الوادي، وهي قرب الوادي من قرية العمال بدير المدينة والتي تقع إلى الجنوب من الوادي، حيث بلغت المسافة ما بين مقبرة الملك «آي» ومقبرة «سنچم» بدير المدينة 1600 متر فقط.


قام فريق العمل المصري بسير هذه المسافة واتضح أنها تستغرق نحو 40 دقيقة فقط؛ بل ووجدنا أن العمال كانوا يسيرون حتى يصلوا إلى قمة الجبل العلوي بالوادي الغربي ثم قاموا بعمل سلالم منحدرة لكي ينزلوا عليها للدخول إلى الوادي، لذلك لم يكن هناك أي داع لأن يعيش العمال داخل الوادي الغربي لقربه من سكنهم بالقرية عكس الوادي الشرقي الذي عثر فيه على المساكن التي عاشوا فيها وهم يبنون المقابر».

 

تاريخ الوادي القرود


لم يعثر بوادي القرود إلا على مقبرتين ملكيتين وثلاث مقابر أخرى غير معروفة، ولذلك فإن مقابر كل من الوادي الشرقي والغربي تصل إلى 64 مقبرة فقط، وهنا قد يتساءل البعض عن سبب إهمال علماء المصريات للحفائر في الوادي الغربي.


وقد يرجع السبب في ذلك إلى الكشف عن مقبرة الملك «توت عنخ آمون» بواسطة هيوارد كارتر عام 1922 في الوادي الشرقي، الأمر الذي فتح شهية علماء المصريات والأثريين للبحث عن اكتشافات أخرى كبيرة مثل هذا الكشف وعمل حفائر في الوادي الشرقي.


 وقد يكون هناك سبب آخر مهم، وهو أن العمل في الوادي الغربي صعب وشاق جداً؛ وذلك لكميات الرديم الهائلة المطلوب التخلص منها؛ والتي تؤدي إلى عزوف علماء المصريات عن فكرة العمل والحفر في الوادي الغربي؛ الذي يحتاج إلى أموال وجهد ووقت طويل حتى يتم الكشف عن مقبرة.


ولذلك نجد أن هناك عدداً قليلاً من العلماء الذين عملوا في الوادي الغربي بالمقارنة بقائمة الأسماء الكبيرة للعاملين في الوادي الشرقي!
ولعل أول من عمل بوادي القرود اثنان من المهندسين المرافقين لبعثة نابليون بونابرت الاستكشافية عام 1799، وقاما بالكشف عن مقبرة الملك «أمنحتب الثالث»، وعملوا أول تسجيل للمقبرة وكذلك عمل خريطة للوادي الغربي.


وبعد ذلك جاء جيواني بلزوني في شتاء عام 1816 وقام باكتشاف مقبرة الملك «آي» عن طريق الصدفة في أثناء استكشافه للوادي الغربي، وكشف أيضاً عن المقبرة رقم 25 والتي يعتقد أنها كانت مخصصة في البداية للملك «إخناتون» ولم يدفن فيها، نظراً لأنه اختار تل العمارنة لكي تكون مقراً لحكمه ودفنه.


وبعد ذلك جاء هيوارد كارتر في فبراير 1915 وعمل حفائر حول مدخل مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» رقم 22 وقد عثر على خمس حفر لودائع الأساس خارج المقبرة التي أُرخت بعهد الملك «تحتمس الرابع»، وذلك لوجود أختام داخل ودائع الأساس تخص الملك.


ويعتقد البعض أن الملك «تحتمس الرابع» قد اختار هذا المكان ليكون مكاناً لحفر مقبرته الأولى قبل أن يحفر الثانية في وادي الملوك الشرقي! وهذا الرأي ليس صحيحاً لأن ودائع الأساس تقام بعد أن يتم حفر المقبرة، أي أنها إعلان بانتهاء المقبرة، ولذلك أعتقد أن الملك «أمنحتب الثالث» قام بوضع اسم أبيه داخل هذه الودائع بعد أن حفر مقبرته في نفس المكان.

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي