فى الصميم

أمريكا تنسحب..

جـلال عـارف
جـلال عـارف

وسط الأزمات التى تلاحقه، يمارس الرئيس الأمريكى «ترامب» هواية فى محاولة خلط الأوراق.. يفاجئ الجميع بقرار الانسحاب من سوريا مبرراً ذلك بأن الأمريكيين أنتخبوا رئيساً ليعيد الجنود الامريكيين لبلادهم، ومراهناً على قطاع كبير من أنصاره يرون أن دور قيادة العالم قد كلفهم الكثير، وأن الاهتمام بالداخل هو المطلوب.
الغريب فى القرار أنه يأتى فى مكالمة تليفونية مع الرئيس أردوغان، وأن تكشف ردود الأفعال داخل الولايات المتحدة أن مؤسسات الدولة لم تكن طرفاً فى القرار. «البنتاجون» أعلن أن القرار يعطى الفرصة للدواعش لإعادة تنظيم صفوفهم فى سوريا مرة أخري. ورءوس الحزب الجمهورى المؤيدون لترامب يعلنون أن القرار كارثة، وأركان الإدارة يحاولون التخفيف من آثار القرار ويدفون ترامب لأخذ خطوة للوراء فيعلن أنه سيدمر تركيا اقتصاديا اذا تجاوزت «الحدود».. لكن ما هى هذه «الحدود»؟ لا أحد يعلم حتى الآن!!
على أرض الواقع فإن عدد الجنود الامريكيين فى سوريا لايتجاوز الألفين.. والمؤكد أن جزءاً كبيراً منهم سيبقى حول منابع البترول وفى قوعد الطائرات التى تحميها «!!» لكن القرار يعنى ترك المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية للسيطرة التركية، ويعنى التخلى عن أكراد سوريا الذين كانوا أقرب حلفاء أمريكا والذين دفعوا أرواح أكثر من عشرة آلاف كردى فى الحرب ضد «داعش» وتركهم لبطش الآلة العسكرية التركية.
الكثيرون حتى داخل أمريكا ومن أشد مؤيدى ترامب، يرون فى ذلك خطأ استراتيجياً يصب فى مصلحة المنافسين من القوى العالمية والإقليمية المتصارعة على أرض سوريا، كما يصب فى مصلحة «الدواعش» ويمنحهم فرصة العودة من جديد.. لكن «ترامب» يكتشف -بعد كل الدمار الذى وقع- أن سوريا بعيدة عن أمريكا «!!» وأنه لن يحارب «الدواعش» إلا إذا وصلوا للأرض الامريكية «!!» وأن أمريكا يمكن أن تحافظ على نفوذها ومصالحها وهى بلا حلفاء!!