لهذه الأسباب عاش «وطني حبيبي الوطن الأكبر»

لهذه الأسباب عاش «وطني حبيبي الوطن الأكبر»
لهذه الأسباب عاش «وطني حبيبي الوطن الأكبر»

ساعات تفصلنا عن الاحتفاء بذكرى نصر أكتوبر المجيد، الذي أعاد للمصريين بصفة خاصة و العرب بصفة عامة الكرامة والثقة بالنفس، وقلبت موازيين القوي في المنطقة بأثرها.

 هذا الحدث الجلل الذي سجلته كتب التاريخ من 46 عاما، ويدرس في الأكاديميات العسكرية، لم يخلده الأبناء والأحفاد في أعمال فنية تذكر اللهم في مرحلة النصر، وأخيرا جاد علينا الواقع بعمل سينمائي بعنوان «الممر» إنتاج 2019.

وإذا كانت الأعمال السينمائية تحتاج إلى ملايين من الجنيهات وتقبل المكسب والخسارة، فإن العمل الغنائي أقل تكلفة وأكثر انتشارا وتعيش على مر الأزمان.

ما دفعني لكتابة هذه السطور، فيديو أوبريت «وطني حبيبي الوطن الأكبر»، الذي أرسله اللواء هشام فرج وكيل وزارة الثقافة، ابتهاجا باحتفالات نصر أكتوبر المجيد لأصدقائه، الأوبريت كلمات المبدع أحمد شفيق كامل وموسيقى  محمد عبد الوهاب الذي أنتجه مع عبد الحليم حافظ عام 1960، ويضم كوكبة من الأصوات الشابة في زمنها ، شادية، فايدة كامل، صباح، نجاة.

عاش هذا الأوبريت الذي بادر عبد الوهاب وعبد الحليم علي إخراجه للنور بمناسبة وضع حجر أساس  السد العالي عشرات السنين، أي تجاوز عمره أكثر من نصف قرن ومازالت الأذهان تحفظه وتردد كل مقطع من كلماته، وتبحث أيادي الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب للاستماع إليه.

وليس معنى ذلك أن كل ما نسمعه بالسيئ ولكن النغمة  الراقية التي تحي الكلمة وتذكر المستمع بكلمات الأغنية اختفت، ومع ظهور الآلات الحديثة والأعمال التي تعتمد على الإيقاع الثابت، فقدنا التطريب الحقيقي واستسهال الملحنين في البحث عن جمل موسيقية سليمة، وانتشار ظاهرة المهرجانات  التي أفسدت علينا كل لقاءاتنا، ورغم هذا كله لا يمنع أن تلمع بأعجوبة أغنية وطنية صادقة كل فترة مثل الحلم العربي و بشري خير

كل ذلك دفعني للتساؤل، لماذا تعيش بعض الأعمال الغنائية عشرات السنين، وآخري لا تتعدى آذان صانعيها، الإجابة بسيطة جدا، فالأغنية لها عدة عناصر، الكلمة واللحن والمؤدي صاحب الإحساس الصادق، ويا حبذا إن ارتبطت بمناسبة وذكرى لدى المتلقي. 

وحين تلتقي كل هذه العناصر معا تعيش الأغنية أبد الآبدين، ومثال ذلك في أعمالنا الفنية كثيرة وعلى سبيل المثال أعمال كوكب الشرق أم كلثوم المثال الحي لهذه الفكرة، أما إذا أختلت أحدى هذه العناصر فنجاحها مرهون على الحظ، الذي ليس له معيار ثابت.

والموسيقي عنصر أساسي لتوصيل كلمات وصوت المطرب للأغنية، لأن اللحن يحرك عاطفتنا ويغيّر مزاجنا العام، ويصيبنا بنوع من النشوة والهدوء،والحنين، والقشعريرة وأحيانًا الانزعاج.

وبنظرة أكثر تخصصا نجد أن الموسيقى من أحد العوامل التي تحفّز إفراز «الدوبامين» أو هرمون السعادة الذي يلعب دورًا رئيسيًا في الشعور بالمتعة والسعادة، لأنه يرسل إشارات عصبية بين الجسم والدماغ،  وتناقص «الدوبامين» بالجسم يؤثر على المزاج من النوم، و تركيز، وتعلم، لذا قد يؤدي نقصه للإصابة بأمراض معينة، منها التحكم بالمهارات الحركية والاستجابات العاطفية كل هذا يؤكد على أن «هرمون السعادة» أساسيا للصحة البدنية والعقلية وقبل كل هذا الابتعاد عن الاكتئاب.

ومما يدلل على أهمية النغمة الراقية وتأثيرها على الإنسان، ما جعل صحيفة الجارديان البريطانية تنشر في أحد التقارير في سبتمبر عام 2015 عن استخدام الموسيقى كوسيلة للتعذيب، «torture music»، لأن الموسيقى العالية والصاخبة تعمل على زعزعة استقرار النفسية، وتشعر المستمع الدائم لها بعدم التركيز والتشويش نتيجة الأصوات العالية، كما أنها تلحق أضرارًا بالأذن المسئولة عن توازنه وصحته العامة.