يوميات الأخبار

اسألوا حرب أكتوبر

حمدى الكنيسى
حمدى الكنيسى

الوسيلة التى تكون على حساب القيم تسقط معها «الغاية» مهما كان بريقها

لقد سكب انتصارنا فى عام ١٩٦٧ نشوة القوة الطاغية فى أفكارنا وتصرفاتنا حتى سادت بيننا مشاعر العجرفة والاحتقار والاستهتار بالاخرين، إلى أن جاءت حرب أكتوبر ١٩٧٣ فقوضت كل شىء، وأصبح علينا أن ندرك أنه بدون سلام مع مصر لن يكون لنا وجود. و.. اسألوا حرب أكتوبر».
هكذا تحدث المفكر الاسرائيلى أستاذ التاريخ المعاصر فى الجامعة العبرية «يعقوب تلمون» وكأنه كان يلخص ما فعلته فيهم حربنا الاكتوبرية المجيدية عندما تحدى جيشنا ما يمثل المستحيل بعينه حيث كانت تقف فى وجهه أشرس وأخطر الموانع الطبيعية والصناعية بالصورة الرهيبة التى تجعل أى جيش لا يجرؤ فى مجرد التفكير فى العبور والاقتحام والمواجهة، ويكفى أن تكون هذه الموانع كالتالى:
١- قناة السويس: أخطر مانع مائى فى التاريخ بتكوينها وطبيعتها
٢- الساتر الترابى الذى أقامه الإسرائيليون على الضفة الشرقية للقناة بارتفاع يصل إلى ٢٠ مترا، وتعلوه مرابض للدبابات والمدرعات.
٣- سلاح اسرائيل السرى وهو مواسير النابالم الكفيلة بتحويل القناة إلى قطعة من جهنم تحرق أى شخص يعبرها أو حتى يقترب منها.
٤- قبضة اسرائيل الحازمة كما يصفون قلاع  وحصون خط بارليف الرهيب
٥- ذراع اسرائيل الطويلة المتمثلة فى سلاحها الجوى الذى يقوم على أحدث وأخطر المقاتلات والقاذفات الأمريكية
٦- المانع النفسى الذى نشأ بسبب النكسة وما خلقته الدعايات الاسرائيلية والغربية الضخمة التى وصفت الجيش الاسرائيلى بأنه لا يقهر، وانتقصت من كفاءة وشجاع مقاتلينا
> مع ذلك فعلها أبطال جيشنا فاجتازوا وحطموا كل تلك الموانع، وحطموا معها كل الأساطير الاسرائيلية، وذلك بالتخطيط العلمى الذكى، والتنفيذ العملى المبهر الذى تجلت فيه شجاعة وبراعة المقاتل المصري، وبهذا الإنجاز الذى يصل إلى حد الإعجاز والذى غير مجرى التاريخ مازالت الأكاديميات العسكرية العالمية تدرس وتستكشف تفاصيله وخباياه وأبعاده.
المقاتل: المفاجأة
حيث إن المقاتل المصرى كان -كما قال الاسرائيليون- من أبرز مفاجآت الحرب فإننى مع كل الاحترام وكل التقدير لجميع فصائل وعناصر قواتنا المسلحة التى تسابقت فى انتزاع النصر العزيز فى أكتوبر، أتوقف الآن أمام بعض ما حققه رجال «الصاعقة» خاصة أننى -من موقعى كمراسل حربى للإذاعة علمت وأذعت تفاصيل مثيرة ومبهرة عن عملياتهم الرائعة كنماذج للشجاعة والإقدام فى الالتحام المباشر مع جنود ومدرعات العدو فأذكر مثلا ما حققته مجموعات منهم كان قد تم تكليفهم بمهام شبه انتحارية بإبرارهم في عمق سيناء ليقموا بعمل كمائن يتصدون خلالها لقوات العدو المتوقع تقدمها غربا لعرقلة انطلاق قواتنا فى العبور واقتحام حصون خط بارليف، وهذا ما حققه أبطالنا فعلا بإعاقة وإرباك الألوية المدرعة للعدو وتدمير الكثير من دباباتهم. وقد أذعت فى برنامجى «صوت المعركة» فحوى رسالة استغاثة أطلقها قائد لواء مدرع وهو يصرخ قائلا: «يا إلهى.. انها ليست أشجارا.. انها تتحرك.. انهم الكوماندوز المصريون الذين انهالت قذائفهم وصواريخهم علينا حتى اضطررت للتراجع بما تبقى من دباباتنا مدرعاتنا»، وقد توالت العمليات الناجحة لأبطال هذه المجموعات من خلال الكمائن التى أقاموها فى مضايق وادى فيران وصدر الحيطان، والجدى وغيرها، هذا بالرغم من عدم التكافؤ لأنهم كانوا مجرد أفراد بأسلحة صغيرة فى مواجهة دبابات ومدرعات العدو وحيث انه يضيق المقام عن استعراض عمليات بطولية أخرى لرجال الصاعقة إلى جانب تلك الكمائن فإننى اكتفى بأن أشير فقط إلى أن منهم من عبروا القناة قبل ساعة الصفر لإيقاف عمل أجهزة إشعال النيران على الضفة الشرقية للقناة وبالمناسبة كان من أوائل الأسرى ضابط مهندس يدعى البرت رجيم كان قد تواجد بجانب احد تلك الأجهزة ليطمئن على استعدادها للعمل.. فوجد نفسه تحت يد رجل الصاعقة أسيرا مقهورا.
جيش مصر بين «اكتوبر».. و»يونيه»
مثلما حقق جيشنا معجزة النصر العزيز فى «حرب أكتوبر»، أضاف صفحات ذهبية أخرى فى سجلات تاريخه عندما تبنى ودعم «ثورة يونيه لينقذ مصر من حكم الجماعة الارهابية، ويجهض مخطط الشرق الأوسط الجديد الذى يستهدف تمزيق وتفتيت مصر، ويقود -باقتدار- معركة البقاء فى المواجهة الحاسمة للإرهاب، ومعركة البناء والتنمية فى إنجاز أكبر المشروعات والاصلاح الاقتصادى حتى انطلقت الشهادات العالمية بأن ما تحققه مصر نموذج يحتذى به، والمعروف أنه بقدر ما ينال جيشنا من هذه الشهادات الرائعة، بقدر ما أثار حقد وشهوة الانتقام لدى أعداء مصر فى الداخل والخارج وإن كانت محاولاتهم الدنيئة للإساءة إلى صورة الجيش، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس السيسى قد لقيت فشلا ذريعا بفضل الوعى العميق لشعبنا العظيم.
«عفوا.. إنه زمن المصلحة الفاجرة»
من السذاجة طبعا أن نرفض ونستنكر سعى أحد لتحقيق ما يراه فى مصلحته فهذا حق مشروع لأى انسان، وأى دولة، لكن الرفض والاستنكار موقف مقبول بل مطلوب اذا كان السعى لتحقيق المصلحة على حساب القيم والمباديء والشرائع فهما مغلوطا لما قاله «مكيافيللى» فى مؤلفه «الأمير بأن الغاية تبرر الوسيلة.
 حيث يتأكد أن الوسيلة التى تكون على حساب القيم.. تحمل فى ثناياها ما يكشف مساوئها وخطاياها فتسقط معها «الغاية» مهما كان بريقها. والمعروف أن «المصلحة» هى معيار مواقف وتحركات الدول وراء مصالحها حتى لو كان ذلك بطريقة الاستعمار وقهر الدول واستنزاف مواردها كما كان يحدث ومازال بشكل أو بآخر، وقد يكون بالغزو والتدمير والتمزيق كما يتم فى عصرنا هذا ومثال ذلك ما فعلته أمريكا وبريطانيا فى العراق وافغانستان وما يحدث حاليا فى سوريا وليبيا والصومال وما نشهده فى أزمة ايران وامريكا والسعودية هنا تظهر حقيقة وبشاعة منطق»المصلحة»، خاصة عندما نراه حاليا بين المواطنين حيث يجرى بعضهم وراء مصلحتهم تشبثا باقتناصها ولو كان ذلك على جثة أقرب المقربين وأكثر من مدوا أيديهم إليهم بالخير والمساعدة، وقد تصل البشاعة والخطورة إلى أن يكون تحقيق المصلحة مهما كان بريقها على حساب الوطن، وحتى على حساب الدين كما نرى فى أولئك الذين تستهويهم الأموال والشهرة فتتلقفهم القنوات والاذاعات والصحف المعادية فى قطر وتركيا ليبثوا سمومهم ضد بلدهم..
قالها أمير الشعراء أحمد شوقى:

رغم أنفهم.. يواصل صلاح التألق
رغم أنف الحاقدين -وهم قلة محدودة والحمد لله- يواصل نجمنا العالمى محمد صلاح تألقه الذى يضاعف من شعبيته مصريا وانجليزيا وعالميا، كما يضيف إلى مكانته البارزة بين أفضل لاعبى العالم، وها هو ذا يتفوق على نجم النجوم «كريستيانو رونالدو» فى نسبة الأهداف خلال عامين حيث سجل صلاح ٧٧ هدفا مع «ليفربول» فى كل المسابقات فى نحو عامين، وذلك بعد أدائه الرائع فى مباراة فريقه مع «ريد سالزبورج» حيث قاد الريدز للفوز بتسجيله هدفين خاصة الهدف الرابع الذى أنقذ فريقه من فخ التعادل وضياع نقطتين، وقد كان من الطبيعى أن يتم اختياره «رجل المباراة»، ولعله يكون قد أغلق تماما ملف أزمته مع اتحاد الكرة التى تفجرت بعدم اعتماد الفيفا استمارة تصويت مدرب وكابتن منتخب مصر فى مسابقة أفضل لاعب فى العالم وذلك بسبب وصولها بعد الموعد المحدد، وهو خطأ لا يغتفر سواء كان قد وقع بحس أو بسوء نية، ومما أضاف لصدمة صلاح أن الصحفى المعتمد مصريا المدعو «هانى» لم يمنحه صوته كأى لاعب.
أنا شخصيا أثق أن صلاح تجاوز فعلا تلك الأزمة.. وكان وسيظل تركيزه على التألق فى الملعب مع ناديه ليفربول، ومع المنتخب الوطنى الذى سيقوده بصفته الكابتن وفقا لقرار المدير الفنى حسام البدرى.
بين الأجمل.. والأقوى

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا