حكايات| لحظات الغضب والفرح.. أسرار عن «السادات» من داخل طائرة الرئاسة

الرئيس الراحل أنور السادات
الرئيس الراحل أنور السادات

بعيدا عن قصور شديدة الحراسة، وصور نمطية قابعة على الجدران، ونوافذ تلفاز مضيئة، وأصوات مذياع مرتبة، ومقابلات رسمية ألفتها الأعين، وبروتوكولات غير قابلة للكسر.. تلك وغيرها بورتريهات ساكنة في عقول وقلوب الشعوب عن حياة رؤسائهم، لكن هناك حياة أخرى تحوي الكثير من الأسرار عن هؤلاء الزعماء تحدث بين السماء والأرض ننقلها لكم من قمرة طائرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات.

 

   

«من حرب الهزيمة حتى معارك النصر».. نحو ألفين و318 يوما كان فيها اللواء طيار متقاعد محمد أبو بكر حامد شاهدا على دموع وانكسار الهزيمة حتى فرحة وشموخ النصر.

 

 

عامان قضاهما حامد طالبا في الكلية الجوية حتى تخرج فيها قبل الهزيمة بنحو 4 أيام تحديدا 1 يونيو 1967، وحتى بلوغه سن التقاعد أواخر تسعينيات القرن الماضي.. أحداث جمة وذكريات حفرتها العين في ذاكرته فليس للنسيان فيها نصيب اختص بجزء منها «بوابة أخبار اليوم».    

 

«طيار مواصلات».. في خدمة الرؤساء

 

 

«طيار مواصلات».. هذا هو المسمى الوظيفي الذي اختير له الطيار محمد أبو بكر بعد أن وضعت حرب النصر عام 1973 أوزارها، ليرافق في تلك الفترة أبرز القادة في مصر والعالم.

 

ولعل أبرز هؤلاء القادة: الرئيس محمد أنور السادات، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الرئيس الفرنسي فرانسو ميتران، والرئيس الأمريكي بوش الأب، والرئيس السوري حافظ الأسد، والرئيس اليمني على عبدالله صالح، والمشير محمد أبو غزالة، واللواء عمر سلمان، وغيرهم الكثير.

 

 

ضحك وغضب.. في مفاوضات الانسحاب

 

«كان وجهه في الصباح ضاحكا مستبشرا، وفي المساء يكسوه الغضب».. هكذا وصف «أبو بكر» حال الزعيم الراحل، حينما كان يطير به بين القاهرة وأسوان لإتمام محادثات انسحاب إسرائيل من سيناء عام 1979 بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن، فيقول: «من أهم الطلعات التي رافقت فيها الرئيس كانت طلعات أسوان خلال مباحثات الانسحاب، فكان يستقل الطائرة الساعة 6 صباحا وتعلو وجهه البسمة وتستمر اجتماعاته حتى 10 مساء، وحين يعود للطائرة يكون حزينا وغاضبا وسمعته يقول: "الوفد الإسرائيلي بنتفق على حاجة الصبح يغيروها بالليل، إذا كانوا فاكرين إني هاتنازل عن حبة رمل مش هايحصل".

 

لحظات الغصب و«الروقان»

 

عن الحالة المزاجية للرئيس السادات وتقلباتها، كيف تكون حين يغضب، وما علامات الرضا في لحظات «الروقان» التي نبدأ بها كما يقول اللواء أبوبكر: «كان الرئيس السادات مغرما بسماع الأغاني الوطنية، فحين يكون راضيا يأمر بالاستماع لأغنية صوت الوطن لكوكبة الشرق الراحلة أم كلثوم.

 

وحين يكون سعيدا ومبسوط جدا يستمع إلى أسمهان وفريد الأطرش وليلي مراد»، في المقابل حين كان يغضب يقول «علامات الغضب عنده تكون واضحة فتبدو على وجهه وصوته، فكان صوته يرتفع بالشخط عند التعليق على أي أمر لا يرضيه». 

 

 

دموع السادات.. هنا تسلم سيناء

 

 

«هنا زرفت عيناه بالدموع.. إنها نتيجة كده وتعبه».. هذا كان محور حديث اللواء «أبو بكر» حول أجواء انفعالات الرئيس السادات خلال تسلم سيناء في الـ25 من إبريل عام 1982م.

 

 

ويضيف: «وجدته في هذا اليوم بوجه لامع فرح، وحين سجد على أرض سيناء بجوار قادة القوات المسلحة والله العظيم رأيته لم يتمالك نفسه فزرفت عيناه بالدموع، حينها علمت أنها دموع الفرح بعد جهود الحرب والسلام التي عانى فيها كثيرا، فكان هذا اليوم عيدا لنا جميعا».

 

 

رواية «قريبة السادات»

 

يذهب اللواء أبو بكر حامد إلى مسقط رأس الرئيس السادات في قرية ميت أبو الكوم التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، ليروي جانبا من تعامل السادات مع أهل قريته وأقربائه، رواية أنهاها بوصفه: «هذا هو السادات البسيط»، فيقول: «في إحدى زياراتي لقرية أبو الكوم مررت بمكتبة الرئيس الراحل السادات فقابلت أحد المواطنين الذي قارب على التسعين من عمره، فتحدثت معه وأفصحت له عن طبيعة عملي مع الرئيس، وطلبت منه أن يروي لي أهم موقف عاصره خلال زيارات الرئيس لمنزله في القرية».

 

 

يبدو أن الرجل السبعيني صاحب الرواية كان له جانبا من التعامل المباشر مع الرئيس خلال زياراته للقرية، فيكمل روايته التي ظلت كامنة في عقله عقودا من الزمان، فيقول بحسب «أبو بكر»: «في أحد اجتماعات الرئيس بعدد من القادة وسفراء الدول بمنزله في القرية فوجئ بسيدة فلاحة بسيطة تأتي إلى المنزل وتطلب مقابلة الرئيس وتريد أن أبلغه بأن إحدى قريباته تطلب مقابلته، ومع إصرار السيدة على طلبها سمعها أحد ضباط الحرس الجمهوري الذي قام بدوره بتوصيل رسالة إلى الرئيس».

 

 

يستمر اللواء أبو بكر في سرد رواية «قريبة السادات» حسب ما نقله من أحد مواطني مسقط رأس الرئيس الراحل، فيقول: «بعد إبلاغ الرئيس بطلب السيدة فوجئ الجميع بقطعه للاجتماع، وأمره لأحد معاونيه بدخول تلك السيدة في الحال، فدخلت في هيئتها وملبسها البسيط، وطلب منها الاقتراب منها ففوجئ الحضور من القادة والسفراء والشخصيات الهامة بأن الرئيس قام إلى السيدة وقبل رأسها وقال نصا: "هذه قريبتي ولي الشرف أن أقبل رأسها"»

 

 

«الظروف منعتني من التقاط صورة تجمعني بالرئيس السادات».. هكذا علق «أبو بكر» على عدم وجود صورة له مع الرئيس الراحل، فيقول: «معظم طلعاتي معه كانت تتزامن مع اجتماعات هامة يتوقف عليها مصير البلاد من الحرب والسلام بجانب أنه كنت أشعر به دائما يحمل على رأسه الهموم قبل الطلعة وبعدها، ولهذا استحيبت أن أطلب التصوير معه».

 

 

وعن سر اهتمامه بصوره مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، يقول اللواء أبو بكر: «التقطت العديد من الصور مع الرئيس الأسبق مبارك منذ أن كان قائدا للقوات الجوية وتوليه منصب نائب رئيس الجمهورية حتى صعوده إلى منصب رئيس الجمهورية، والتي رافقته كثيرا في أهم المواقف خلال طلعاته الجوية على مدار نحو أكثر ١٠ سنوات».. مواقف كثيرة يرويها اللواء طيار متقاعد محمد أبو بكر حامد في حلقات عبر «بوابة أخبار اليوم».  

 

 

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي