في ذكرى استشهاده:

حكايات| «مقعده في الفصل» و«أسرته».. لمحات من حياة محمد الدرة

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

تحيى الأوطان بدماء الأبرار، الذين يبذلون الغالي والنفيس، من أجل كرامة بلادهم، فالوطن هو العرض الذي لا يقبل التفريط فيه.

 

وفي فلسطين، لم يبخل شعبها بثمن استرداد الأرض، فجادوا بدمائهم وحياتهم فداءً لوطنهم، الذين يخضع للأسر منذ عام 1948. ولم تفتر عزيمة الفلسطينيين في سبيل حرية بلادهم جيلًا بعد جيلٍ.

 

ومن بين هؤلاء، طفلٌ نشأ في مخيم البريج في فلسطين، حينما فتح عيناه على الدنيا وجد محتلون يغتصبون أرض بلاده وآبائه وأجداده، وينكلون بجيرانها وأهله وأحبابه، فكان هو أحد ضحايا ذلك التنكيل أن صُوبت طلقات النيران صوب صدره بوحشيةٍ، فأسكتت أنفاسه للأبد، لكنها أيقظت معها نفوس ملايين البشر، وصحت ضمائرهم على مأساة شعبٍ أعزلٍ تداعى عليه محتلٌ بالقمع دون رحمةٍ أو هوادةٍ.

 

محمد الدرة كان استشهاده في 30 سبتمبر 2000، بمثابة شرارة اشتعال الانتفاضة الفلسطينية ضد المحتل الإسرائيلي، التي اشتعلت بوادرها مع اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آريل شارون للمسجد الأقصى على ظهر حصانٍ، في 28 سبتمبر، قبل استشهاد محمد الدرة بيومين.

 

مقعده الشاغر في الفصل

وبعد وفاته، كانت مدرسته الابتدائية جيم بمخيم البريج تتشح بالسواد، ويخيم على أقرانه الحزن على فقدان رفيق دربهم محمد الدرة.

 

ومن أكثر المواقف الإنسانية في ذلك، أن مقعده في الفصل ظل شاغرًا، منحوتًا عليه صورته، في لافتةٍ طيبةٍ من زملاء محمد، الذي أفجعتهم حادثة اغتيال الصغير بدمٍ باردٍ من الاحتلال الإسرائيلي.

محمد الدرة حيٌّ فعليًا في أهله

وبعد وفاته محمد الدرة أراد الله أن يربط على قلب والد محمد الدرة وأمه، فأنجبت أمه ولدًا، سمياه محمد، ليظل محمد الدرة حيًا في الأرض، بمحمد الثاني، وفي السماء بمحمد الدرة الأول، يستبشر بمن يلحق به من خلفه ألا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون.

ويشكر جمال الدرة، والد محمد الدرة،  المولى -عز وجل- أن أنعم عليه بمحمد الدرة الثاني، الذي عوض به فقدانه لمحمد الدرة.

«اثنين» الزيارة

ومع مرور الأيام والسنين يبقى محمد الدرة حيًا في قلوب أهله وأحبابه، يلتمسون ريحه عند قبره الذي دُفن فيه بالقرب من المخيم الذي وُلد فيه، مخيم البريج، حيث تسكن الأسرة هناك.

ويقول الدرة الأب "إن الأسرة عادةً ما تذهب إلى هناك لزيارة محمد كل فترةٍ وأخرى وخاصة يوم الاثنين ونذهب أيضًا إلى المكان الذي تم إطلاق النار علينا فيه وتم استشهاد محمد فيه".

واقترن يوم الاثنين عند المسلمين بأنه يوم ميلاد الرسول "صلى الله عليه وسلم"، يوم وفاته أيضًا. ويتقرب المسلمون بالعبادات في ذلك اليوم، وعلى رأسها الصوم، لكن أسرة محمد الدرة، وجدن أن تؤنس محمد الدرة في قبره في ذلك اليوم بصورةٍ مطردةٍ.

والد محمد الدرة ترحم على كل شهداء فلسطين والعالم العربي، ووجه رسالته للأمهات الثكلى "بألا يحزنوا فإن شاء الله سنلتقي بهم مرةً أخرى في جنات الخلد".

 

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي