ضرب الزوج.. بين المرض النفسي وسلاح استرداد الحقوق

ضرب الزوج.. ما بين المرض النفسي وسلاح استرداد الحقوق
ضرب الزوج.. ما بين المرض النفسي وسلاح استرداد الحقوق

- إحصائية: 1800 رجل تعرضوا للاعتداء لمخالفتهم أوامر زوجاتهم في 2019

- أستاذة «علم اجتماع»: وقائع فردية أبطالها «نساء الزوجة متسلطات».. والمرأة المصرية «غير عدوانية»

- خبير نفسي: هؤلاء السيدات مصابات بأمراض الهوس والفصام والاكتئاب التوتري واضطراب الشخصية

- خبيرة اجتماعية: تحايل على القانون لكسب قضايا «الطلاق والخلع»
 

في إحصائية صادمة، كشفت أرقام متداولة بمحاكم الأسرة المصرية ومكاتب تسوية المنازعات الأسرية، النقاب عن مشكلة اجتماعية تؤرق عددًا من البيوت المصرية تتعلق بالعنف الأسري، مفصحة أن 1800 رجل تعرضوا للاعتداء لمخالفتهم أوامر زوجاتهم خلال العام الجاري 2019، وسيطرة زوجاتهم وتعرضهم للتهديد على أيديهم، إما بالطلاق أو الحرمان من الأطفال أو بالعنف الجسدي والحرمان من الحقوق الزوجية والهجر وترك المنزل، ليتوجه الأزواج بعد ذلك إلى مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، للمطالبة بإثبات نشوز زوجاتهم وخروجهم عن طاعتهم.

 

روشتة خبراء

وناقشت «بوابة أخبار اليوم» خبراء وأساتذة علم نفس واجتماع، في تلك الإحصائية، والأسباب التي دفعت الزوجات إلى التعدي على الأزواج سواء لفظيًا أو جسديًا -في بعض الحالات-، فضلًا عن تقديم روشتة من الخبراء لتفادي مثل هذه الأمور الدخيلة على المجتمع المصري، والحفاظ على عمار البيوت وتماسكها.

 

خناقات الأزواج

في البداية، رأت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن العنف موجود في كل دول العالم، وبالمقارنة بهذه البلاد فمصر سجلت أقل الدول عنفًا على مستوى العالم وخاصة فيما يتعلق بـ«خناقات الأزواج» أو التعدي على أحد طرفي العلاقة الزوجية، موضحة أن الحياة لا تسير هانئة في كل الأوقات، ولكن هذا لا يبرر أبدًا حدوث العنف الأسري.

 

رؤية اجتماعية.. الأسباب والحل

وذكرت «خضر» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن المرأة في أغلب الأحيان تميل إلى استقرار البيت والحفاظ على هدوءه، مستبعده كون السيدات البادئات في المشاكل الزوجية التي تنتهي بالتعدي بالضرب على أحد طرفي العلاقة الزوجية، لافتة إلى أن الأمر قد يرجع إلى اختلاف وجهات النظر بين الزوجين، أو معاناة أحد أطراف العلاقة الزوجية من مشكلة نفسية وعقلية، قد تضطره إلى التصرف بأسلوب عنيف وغير لائق مع الطرف الآخر، مستطردة: هناك بعض السيدات تكون لديها نزعة مسيطرة، فتلجأ إلى سلاح هجر الزوج بفراش الزوجية أو الهجر وعدم إعطائهم حقوقهم الزوجية، فتسلك طريق عدم الطاعة نظرًا لتقصير الزوج في تنفيذ أحد طلباتها، وقد يكون الزوج هنا معذور لأسباب مختلفة، أغلبها تتعلق بأمور اقتصادية.

واستبعدت أستاذة علم الاجتماع تحول هذا الأمر إلى ظاهرة، موضحة أنها وقائع فردية، وهذه النسبة لا تعبر عن المجتمع المصري الذي يفوق عدد مواطنيه 100 مليون نسمة، لافتة إلى أن العولمة والإنترنت وسعت الفجوة بين الزوجين، ودفعت المرأة إلى اتباع نهج حياة لا يتسق مع ظروفها، فدائمًا ما تقلد تصرفات غيرها حتى تتحقق مطالبها من زوجها.

وعن الحل، ذكرت «خضر»، أنه يكمن في الرجوع إلى تعاليم ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا المصرية الأصلية، التي تحث على حسن المعاملة بين الزوجين، والجلوس على مائدة حوار خلال فترة الخلافات، مع اتباع الطرق المنطقية في الحديث والمناقشة، والبعد عن أحاديث الأطراف الوسيطة من أجل استمرارية الحياة وعدم هدم البيت، وأخيرًا عدم تقليد العادات الدخيلة على مجتمعنا، بل فمن المفترض تعظيم تبجيل الرجل المصري وعدم إهانته سواء داخل بيته وخارجه، وتعظيم دوره كرب أسرة حتى إن لم توجد أولاد.

وشددت على أهمية رسالة وسائل الإعلام في التأكيد على كينونة الأسرة المصرية، سواء بالأعمال الدرامية التي تحافظ على النسيج الأسري وتدعو إلى الود والرحمة وصلة الرحم، أو البرامج التي تدعو إلى ذلك أيضًا، مطالبة بحجب أي برامج تلفزيونية تقلل من قيمة الرجال وتهينهم، وتقدم نصائح تحريضية للزوجات حتى تهجر زوجها بطرق دخيلة علينا، مؤكدة أنها تتنافى مع قيم مجتمعنا وعاداتنا المصرية الأصيلة، وأن الزواج ليس مباراة كرة قدم، وندية بين الطرفين يمكن أن يكسب فيها أحدهما.

المرض النفسي.. في القائمة

أما الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، فيرى أن السيدات اللاتي تلجأن إلى معاقبة أزواجهن فعالبًا ما تكون مريضة نفسيًا، ومصابة بأمراض الهوس والفصام والاكتئاب التوتري واضطراب الشخصية، فغالبًا ما تتعرض هذه السيدات إلى الانهيار والهياج، المرض الذي يؤدي إلى الاعتداء على الزوج أو الأبناء أو تكسير المنزل أو القيام بتصرفات غير متوقعة، موضحًا أن العلاج والتأهيل النفسي وهنا يأتي بنتائج محمودة، ويمكنه السيطرة على هذا النوع من الأشخاص بمعدلات كبيرة.

وأضاف «فرويز» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أنه استقبل حالات كثيرة من هذه النوعية من السيدات وتم بالتدخل الطبي إنقاذ الوضع، متابعًا: "أيضًا استقبلت حالات أخرى، أغلبها يكون فيها الرجل، ضعيف البنية والشخصية، ويتعاطى نوع من المكيفات المهبطة وليست المثبطة، بينما تكون الزوجة من صاحبة (العباءات السوداء) والجسد العريض السمين، فتكون فاض بها الكيل من تعاطي زوجها المخدرات أو له تصرفات شائنة سواء داخل البيت أو خارجه، لذا تلجأ إلى الاعتداء بالضرب عليه وقد تلجأ إلى أخواتها أو أقاربها لضربه، فغالبًا ما يكون هو الضحية"، مشيرًا إلى أن هذه الأسرة تنتج أطفالًا كارهة للأسرة والحياة، وتتسبب في مشاكل اجتماعية.

وشدد أستاذ الطب النفسي، على ضرورة تحمل الزوج لزوجته في حالة إصابتها بمرض نفسي يؤدي إلى هذه التصرفات، أما بالنسبة للحالات العادية فأوضح أنها تكون مسؤولة عن كل تصرف، وقد يؤدي سلوكها المعادي إلى ضياع أسرتها وتفككها، وبالتالي فيخسر جميع أفراد الأسرة ويدفعون ثمن التصرفات العدائية التي غالبًا ما تؤدي إلى ارتفاع نسب الانفصال والطلاق، وتعتبر آفة اجتماعية واجبة الحصار.

 

تحايل على القانون

واختلفت الدكتور هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس، مع «فرويز»، فبعد تأكيدها على أنه «لا خير في منزل لا يقدر الرجل ورب أسرته»، إلا أنها أكدت أن هناك نوعًا من الرجال يلجأون إلى التحايل على القانون نظرًا لتحول الحياة إلى الصيغة المادية البحتة بغض النظر عن صورة الأسرة والأولاد أمام المجتمع، فيقومون بحيل من شأنها تشويه صورة المرأة والتأكيد على أنها تتعدي على زوجها بالضرب ووصفها بالعنيفة المفترية، على غير الحقيقة، نظرًا لطلب الزوجة الانفصال والطلاق وحقوقها من نفقة وخلافه.

وأضافت «منصور» لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن هذه الحالات شائعة في المجتمع، وفي أغلبها يلجأ الزوج إلى المحكمة للرد في قضايا الخلع، فيشعر بالمهانة لذلك يوجه إلى الزوجة صفة مشينة لتشويهها من ناحية، وعدم التزامه بحقوقها من ناحية أخرى.

وأشارت إلى أن الحل يكمن في احترام جميع أطراف العلاقة، مع الحفاظ على عاملي التقدير والاستقرار الأسري الذي ينعكس بطبيعة الحال على استقرار الأسرة واستقرار المجتمع ككل.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي