حكايات| «التُلي» الأسيوطي يُبعث من جديد.. كان يزين بـ«الأحجبة» ووصل للعالمية

التلي الأسيوطي من يد السيدة الصعيدية إلى العالمية - (صور من صفحة بيت التلي على فيسبوك)
التلي الأسيوطي من يد السيدة الصعيدية إلى العالمية - (صور من صفحة بيت التلي على فيسبوك)

بخيوط من الفضة والذهب، نشأ فن «التُلي» في قطعة قماش تزخرفها نساء أسيوط، ليصنعن تحفة فنية نادرة جابت العالم، وهي من الفنون الفرعونية القديمة والتي توارثتها الأجيال تباعاً حتى وصلت لعصرنا.


"التُلي" التي تشتهر بين دول العالم الغربي بأنها صناعة يديوية صعيدية أسيوطية تجتاح الأحياء بعد أن أوشكت على الاندثار، وتحتاج الدعم المناسب لإحيائها في كل مكان.


كيف بدأت قصة إحياء "التُلي" في أسيوط بعد أن توقفت صناعته عام 1965، عندما كانت السيدة عزيزة الشعراني، حرم الدكتور سليمان حزين، تركت أسيوط وذهبت مع زوجها للعمل بالقاهرة بعد أن تم اختياره وزيراً للثقافة 1965، فأغلقت الأتيليه الخاص الذي كان يصنع التلي خصيصاً للسياحة وللراغبات لاقتنائه من السيدات المرموقات في المجتمع لأنه كان مكلف بشكل كبير.
في عام 1991 زارت أسيوط سيدة أجنبية متجاهلة تحذيرات سفارتها من الذهاب لمصر بصفة عامة والصعيد بصفة خاصة لأحداث فتنة طائفية وقتها وكان كل همها أن تتعرف عن كثب على ذلك النوع من القماش المشغول بخيوط الذهب والفضة، الذي رأته في متحف فيكتوريا ألبرت في لندن، إلا أن الزيارة حطمت كل آمالها، حيث اكتشفت أن هذا الفن لم يعُد له وجود منذ الثلاثينيات من القرن الماضي.


الفنان سعد زغلول قابل هذه السائحة واستمع لطلبها عن هذه الأزياء التي لم يكن يعرف عنها أي شيء، وبحث معها في كل مكان، لم يجد طلبها وكان من الصعب عليه ألا يقضي طلب ضيف، هذا هو نوع من الذوق والفن الجميل، رأته في متحف الفن فيكتوريا في لندن، ولم يكن عنده فكرة نهائياً عن هذا الفن فقرر البحث عن شيء إنشاء  "بيت التُلي" في أسيوط.


في القرن الماضي كانت الأم الاسيوطية تهدي لابنتها العروسة طرحة التُلي، التي تبدأ بمجموعة من الأحجبة تكفيها شر عين الحسود، ثم ترسم شموع الفرح والجمل، الذي سيحمل ابنتها إلى بيت زوجها، وحقول القصب، التي ستمر عليها في طريقها، ولا تنتهى الطرحة إلا برسم بيت العريس، الذي غالبًا ما يكون في الدور، الذي يعلو بيت أسرته.

 

وبعد البحث كثيراً وجد سيدة عجوز تخطت السبعين من عمرها كانت تعمل في مهنة "صناعة التُلي"، وبعدها حصل على منحة من الصندوق الاجتماعي، قدرها 140 ألف جنيه، لتدريب 100 فتاة على هذا الفن وذلك عبر إحدى الجمعيات الأهلية، حيث لا يسمح للصندوق بتقديم منح للأفراد، وتمكن خلال عام واحد من تدريب حوالي 600 فتاة على فن التلي، إلا أنه واجه بيروقراطية شديدة دفعته إلى تأسيس جمعية سعد زغلول للحرف التقليدية والتراثية بهدف رعاية فن "التُلي" والمحافظة عليه، ويعد "بيت التلي" أحد المعالم التراثية التي تشتهر بها محافظة أسيوط، أنشأه الفنان التشكيلي سعد زغلول عام 1994 تحت مسمى مركز حماية التراث، بهدف إعادة الروح للحرفة التي كانت على وشك الاندثار .

 

وكان افتتح المهندس عمرو عبد العال نائب محافظ أسيوط  المعرض الفني للحرف التراثية ببيت التلي للفنان سعد زغلول بمدينة أسيوط، رافقهما خلال الافتتاح الفنان التشكيلي سعد زغلول والكاتب الصحفي جمال أسعد، وعقب الافتتاح تفقد نائب المحافظ ومرافقوه أقسام المعرض الذى يتكون من 4 طوابق ويشمل قسم الفنون التشكيلية وقسم معروض ومشغولات التلي اليدوية والمطرزة بخيوط الذهب والفضة وبعض أعمال النحت والمشغولات اليدوية الخشبية والمعدنية والتي تجسد مراحل زمنية مختلفة.

وأشاد نائب المحافظ بمتحف الفنان سعد زغلول الكائن بشارع بيت التلي والذي يعد أول متحف لفنان من أبناء أسيوط يحتوى بعض الحرف والمشغولات التراثية ويعتبر مركز تدريبي على صناعة التلي للسيدات والفتيات فضلًا عن عرض لأهم أعمال الفنان التشكيلي سعد زغلول معلنًا دعم الوزير المحافظ للمعرض الفني وللحرف التراثية بالمحافظة والتي تعبر عن واقع وتراث المحافظة من المشغولات اليدوية التي تميزت بها.

ووجه الفنان سعد زغلول الشكر لمحافظ أسيوط والقيادات التنفيذية بالمحافظة لدعمه الحركة الثقافية والفنية بالمحافظة مشيرًا إلى أن الأعمال الفنية المعروضة بالمتحف كانت موجودة قبل ذلك وتم نقلها للمتحف الجديد ببيت التلي والذى يضم مقتنياته الخاصة من لوحات الفن التشكيلي بجانب المقتنيات الخاصة من الفن المصري الحديث المهداه إليه من معظم فناني مصر.

وافتتح متحف بيت التلى ال1ي تأسيسه عام 1994 كأول مركز لحماية التراث في أسيوط والحفاظ على هذا الفن الشعبي وتم افتتاحه عام 2015، ويتضمن المتحف لوحات الفن التشكيلي للفنان سعد زغلول والذي يضيف بعدًا إنسانيًا على عالمه الفني بإشراق الفنان الفطري النساج ابن أسيوط في ابداعه الفني في صناعة التلي الذي يعد حرفة فنية ونوع من التطريز بخيوط الذهب والفضة أو ما شابههما من معادن.
 

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي