د.حسام بدراوى : أتعلم الرسم والبيانو..وأمى أجمل نساء العالم

د.حسام بدراوى
د.حسام بدراوى

 

هو شخصية موسوعية،طبيب ناجح وسياسى قدير،مفكر ومثقف وفيلسوف،شخصيته ودودة وابتسامته دائمة،ويمتلك كاريزما خاصة ترتبط بالفكر والحكمة والقدرة على جذب الانتباه وكسب الثقة،فتستمتع بحديثه ومحاضراته،وتستمتع أكثر بالحوار معه.
...................
مقومات عديدة كونت شخصيتى،وأبى كان يقول إن «الجغرافيا تصنع التاريخ»..فلو تأثرنا بالبيئة التى نشأنا فيها تأثيرا إيجابيا،يتشكل تاريخنا بشكل سوى. وقد كنت محظوظا من حيث ظروف البيئة والنشأة،فأنا من المنصورة،هذه المحافظة الجميلة ذات التركيبة الخاصة المؤثرة،التى قضيت بها سنواتى الأولى،ثم انتقلنا 1961 لحى الزمالك،الذى كان منطقة جميلة لم تطلها يد التشويه،وكان يضم مجموعة فيلات قليلة ومشهد النيل متاح للجميع بدون حواجزعمرانية،فتأثرت كثيرا بهذا الحى الجميل جغرافيا وثقافيا،كما تأثرت بأساتذتى العظام فى مدرستىّ القومية والأورمان،ثم قصر العينى الذى أفخر بانتمائى له.
.......................
تأثرت كثيرا بأبى وأمى،فأبى كان مهندسا مثقفا ومفكرا يؤمن بالعدالة،نجح
فى خلق أسرة متماسكة،ودفعنى لدراسة الطب،أما أمى فهى أجمل امرأة فى الوجود،شكلا وموضوعا،هى من الجيل الذى كانت الأم فيه داعمة للأسرة،أخذت الكثير من ملامحها وصفاتها،كنت أصغر أخوتى الأربعة،والمقرب منها بمعنى القرب الإنسانى،وليس «الدلع» الذى يأخذك من مسئولياتك،لم أرها غاضبة ولم أسمع صوتها يعلو،كانت تؤكد لنا دائما حبها لأبى،وكان أبى يؤكد أنها أهم ما خرج به من الدنيا،تأثرت أيضا بوالد زوجتى اللواء حسن أبو باشا،الذى كان وزيرا للداخلية فى وقت عصيب من تاريخ مصر،ورغم أن الناس كانت تراه رجلا شديدا إلا أنه كان عاطفيا رقيقا وصاحب وعى سياسى،تأثرت أيضا بجارنا المستشار محمد اسحق الذى كان يقتنى مكتبة رائعة..شكلت حياتى الثقافية..لدرجة أننى فى سن 16 عاما قرأت حياة غاندى والعقاد وطه حسين،وأحببت القراءة فى الطبيعة،التى جعلتنى أرى العالم بمنظور مختلف،وأربط بين العلم والروحانيات والصوفية.
..........................
التعلّم والاستفادة بالآخرين يحتاج إلى جودة الإرسال والاستقبال،فكفاءة الأستاذ وحده لا تكفى،بل يجب أن تكون لدى التلميذ الرغبة فى التعلم وملكة التأمل ومهارات الالتقاط،فهذه المقومات تجعلك قادرا على الاستفادة من كل الأشخاص،بل وقد تتعلم شيئا ايجابيا من شخص يفتقده،فأول ما أثار داخلى فكرة العدالة كان تحيز أستاذتى فوزية رضوان للذكورعلى حساب الإناث،مما جعلنى أشعر بالظلم الواقع على البنات،وبأهمية العدالة بين الولد والبنت.
........................
قال لى أحد أصدقائى إننى أرى فى الناس أفضل ما فيها،وأرى فى النفوس أجمل ما فيها،فبدأت أركز أكثر فى تنمية هذه الصفة،وربطتها بمقولة الإمام على بن أبى طالب :»يرتفع الناس لمستوى ظن الآخرين بهم «،فكلما رأيت فى الناس أفضل ما فيهم،كانوا أكثر حرصا على عدم هدم هذه الثقة،وهذه الرؤية كفيلة بتحقيق النجاح مع الأبناء والأهل وفى العمل،ومع الشعوب أيضا.
.........................
أتفرغ حاليا لممارسة دورى كطبيب،والعمل فى مشروعات تطوير التعليم والمدارس من خلال العمل الأهلى داخل مؤسسة النيل بدراوى للتعليم والتنمية،حيث ساهمنا فى تنمية قدرات الطلاب وتدريب المدرسين فى مدارس بالدرب الأحمر وبنى سويف والسويس وغيرها،فإذا صلح التعليم صلح المجتمع كله.
............................
ينبغى أن نتنبه لكل ما يحدث حولنا،فأى أمة يمكن هدمها بالتشكيك فى الحاضر وتشويه الماضى وقتل الأمل فى المستقبل..ويمكن أيضا بناؤها بالاهتمام بالماضى والحاضر والمستقبل،وهناك 4 عناصر تلعب دورا رئيسيا فى تشكيل هذا الفكر والوجدان هى التعليم والفن والثقافة والإعلام..
............................
نحن عائلة تحترم زوجاتها،وأمى لها فضل كبير فى ذلك،وقد تزوجت عن حب من شقيقة صديقى..ولكن ليس شرطا أن يكون زواج الحب هو الأفضل،فقد يولد الحب القوى بعد الزواج،وأؤكد أن الرجل هو الذى يصنع علاقة أهله بزوجته،صحيح
أن دور الزوجة مهم،لكن الأهم هو ما تنقله عنها لأهلك،»يعنى ببساطة مش كل حاجة تتحكى»،حتى يراها الأهل بعين المحب وليس الغاضب،ونفس الشئ بالنسبة للزوجة التى تستطيع أن تجعل زوجها محبوبا من عائلتها.
...............
أبنائى: حسن،يعمل فى اقتصاديات التمويل بلندن،وداليا مدرسة،ربيتهما على السلام مع النفس والثقة فى الأسرة وحرية الاختيار،وتعلما القيم بالمعايشة وليس بالإملاء،وقد حاولت دائما أن أكون ما أقوله،والحمد لله نشأ الإثنان أسوياء يحبان الناس والخير،وهى أكبر نعمة،وأنا حريص على تماسك الأسرة،وارتباط أجيالها المتتالية،وكل سبت تجتمع العائلة الكبيرة بأجيالها الخمسة.
....................................
السعادة لا تهبط من السماء،لكن علينا أن نصنعها،والخطوة الأولى أن تكتشف الأشياء التى تسعدك،ثم تكون جادا فى البحث عنها،فى كل مراحل
عمرك،فالإنسان لديه قدرات خطيرة يجب ان يستغلها دائما،ولا يعطلها بحجة تقدم السن او الانشغال بالأسرة أو العمل،فقد اعتدنا أن يقتصر التعلم على مرحلة الشباب،ولكن الحقيقة أن أفضل شئ للسعادة ولتقوية الذهن البشرى هو تعلم الجديد،حتى يواكب العالم حوله،ومن المفيد والممتع لكبار السن أن يتعلموا هوايات ومهارات جديدة،وأنا شخصيا وجدت أن أكثر ما يسعدنى الرسم والموسيقى واللغات،فبدأت خلال السنوات الأخيرة تعلم عزف البيانو والرسم واللغة الصينية،وأشعر بسعادة كبيرة مع كل إنجاز جديد.