من وراء النافذة

حكومة إسرائيل.. وبركات الشيخ ترامب

هالة العيسوى
هالة العيسوى

 لم يتحمل الرئيس الأمريكى رؤية خليله وصديقه الأثير نتانياهو ينهزم فى الانتخابات الإسرائيلية ويقف فى مزنق سياسى لا نجاة منه الا بتنازلات قاسية تخرج بالدم. وهو نفسه يخشى ان يلقى نفس المصير بعد بضعة أشهر فى الانتخابات الرئاسية القادمة، والصحافة العالمية رزيلة وسمجة ومحرجة تطلب منه التعليق على هزيمة نتانياهو وهو الداعم الأول له فيقول وبراءة الأطفال فى عينيه: «لم ألتق نتانياهو مؤخرا»  ليؤكد حياديته وعدم تدخله فى الانتخابات الإسرائيلية ( والرجل صادق لم يكذب فنتانياهو ألغى رحلته لنيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب الظروف السياسية لإسرائيل وهى رحلة لو تعلمون عظيمة فهى فرصته ليصول ويجول ويندد بإيران ويكشف مخططاتها ويزهو بمعلومات موساده عنها لكنه أوفد مندوباً عنه  لحضور هذه المناسبة الهائلة والتحدث باسمه)، ثم  يواصل ترامب  فى تصريحاته للصحافة بمنتهى الحكمة:  «نحن نتعامل مع إسرائيل لا مع أشخاص»!
 الأنقياء من المراقبين هللوا بأن ترامب تخلى علنا عن نتانياهو بتصريحاته تلك وأنه أظهر من النذالة ما لم يكن متوقعاً، وأن هذا قد يعنى تخليه عن صفقة القرن ولم ينتبه هؤلاء الى التفسير العكسى لهذه التصريحات بأنه سيتعامل مع أى رئيس للحكومة الإسرائيلية بنفس أفكاره وخططه المعلن عنها، فهو يضع عينه على الإنجيليين انصار إسرائيل الموجهين لسياسات البيت الأبيض الذين لو خسرهم سيخسر ولايته القادمة فى الرئاسة).
على الجانب الآخر وفى ساحة الوغى كان طوق النجاة الوحيد لنتانياهو من أجل الإبقاء عليه رئيسا للحكومة  هو العمل على تشكيل حكومة وحدة مع غريمه بينى جانتس وإقناعه بالتخلى عن شروطه المتشددة المتمسكة بحكومة يمينية، و فى المقابل إقناع جانتس بالجلوس مع نتانياهو والتخلى عن رفضه رئاسة الأخير لحكومة الوحدة.
نتانياهو وهو يتشبث بآخر أمل يضمن له البقاء فى رئاسة الحكومة يظهر صباح أمس قبل اعلان النتائج الرسمية وانتهاء عد الأصوات فى فيديو مفاجئ يدعو غريمه للجلوس وتشكيل حكومة وحدة تجمعهما معا ( الليكود مع أزرق- أبيض) لصالح البلاد والعبادويذكره بحكمة الأسلاف حين شكل إسحق شامير زعيم الليكود حكومة وحدة مع شمعون بيريس زعيم حزب العمل .. وفى تزامن لافت يتم الإعلان عن زيارة خاطفة يقوم بها جيسون جرينبلات مبعوث البيت الأبيض الخاص الى اسرائيل يلتقى فيها بكل من نتانياهو وبينى جانتس على حدة ليقنعهما بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لمصلحة اسرائيل.
التسريبات تقول ان ترامب يرغب فى تأمين اعلان خطته للسلام فى الشرق الأوسط وأنه فى قرارة نفسه يتأهب لليوم التالى لمغادرة نتانياهو لو اضطر لذلك، ومن ثم فإنه يحتاج لتوسيع دائرة الثقة به فى سدة الحكم الإسرائيلية واقناع جانتس وفريقه بحيادية البيت الأبيض ليضمن تبنيهم لخطته التى يعتزم اعلانها قريبا ويسبغ رعايته عليهم.
من جانبه لو قبل جانتس بمبادرة البيت الأبيض دون مقابل سياسى صلب أى بمشاركة الليكود فى حكومة وحدة موسعة والتناوب مع نتانياهو فى رئاسة الحكومة فإنه يغامر بتعريض تحالفه  المكون من ثلاثة أحزاب إلى التفكك، احتجاجاً على التراجع عن احد مبادئ اتفاقهم وهو رفض مشاركته نتانياهو فى رئاسة الحكومة مع جانتس، لذلك يحتاج هذا الأخير الى الكثير من كرامات عصا ترامب السحرية.