كل يوم

المرأة والثقافة فى الصعيد

د. فاطمة الزهراء فوزى
د. فاطمة الزهراء فوزى

د. فاطمة الزهراء فوزى

أؤمن إيمانًا راسخًا بأن كفاح المرأة الجنوبية كفاح لا يضاهيه جهدٌ لامرأة غيرها فى كل المجالات التى تخوض فيها معاركها لتحقيق كينونتها والحفاظ على دورها الحيوى فى مجتمعها؛ والتى تبدأ من قيامها فى معظم الأحيان بدور رب الأسرة، ولا تنتهى أبدًا بكونها امرأة تصارع المستحيل الذى يحيط بها فى محيطها الخاص جدًا ( الجنوب) وما تلاقيه فيه من عناء البعد عن العاصمة إذا ما حلمت وسمح لها مجتمعها بذلك؛ لتفوز ببعض مما تفرّدت به تلك العاصمة من تيسير لصعوبات الطريق علميا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا، بل ما تلاقيه من عراقيل تخصّ مكانها الذى لم تفلح فيه كثيرًا كل محاولات ونداءات مثقفيه ودعواتهم إلى الاعتراف بمكانة المرأة ودورها الأجلّ فى كل زمان؛ هذا الدور الذى لا يمكن أن تقومَ للحضارة قَوْمَةٌ بدونه.
« الحل فى الثقافة»، تعبير حالم كما يراه بعض المتشائمين أطلقته صديقة لى فى نهاية حوار عن حال المجتمع الجنوبى فى التعامل مع المرأة على كافة المستويات و البحث عن حل جذريٍّ لأزمة الوعى والتنوير التى من ضمن أهم نتائجها ما تعانيه المرأة فى ذلك المجتمع، فهل يمكن لنا أن نجد فى هذا التعبير خلاصًا حقيقيًا ؟!
لقد آمنتْ الكثيرات من الجنوبيات بهذا التعبير إيمانًا حقيقيًا، وخرجن ليكنّ أنفسهن رغم محاولات التثبيط والتبكيت والسخرية من المجتمع بعاداته وتسلّطه فيما يخصّ اعتماد المرأة على نفسها وتنصّلها من وصاية المجموع وريبته الشديدة فى كل تجارب النساء اللائى تحركن خطوة منفردة ومتفرّدة للتعبير عن وجودهن، لقد استطاعت المرأة أن تحوّل هذه الريبة إلى استسلام لا أبالغ حين أصفه بأنه كان منبهِرًا فى كثير من الأحيان أمام نجاح أفكارها وإبداعها التى قدمت من خلاله للمجتمع الجنوبى الثقافة فى ثوب لا يقل وعيًا عن ثقافة المرأة فى العاصمة، وفى تجارب لا تقل عنها تفرّدًا، وما أدراك كيف يكون شغف مثقف الجنوب بثقافة العاصمة وما يتاح لها من إمكانات حُرمت منها مجتمعات كمجتمعنا الجنوبي، ولا أدل على ذلك من حرمان مدينة عريقة كمدينة قنا من وجود مسرح حقيقى تقام فيه عروض المسرح القومى كخطوة لاستعادة بعضٍ مما كان ومما سمعنا عنه من آبائنا من حركة ثقافية ساهمت فى تشكيل عقول الكثير ممن يحملون الآن رايات التنوير فى ذلك المكان، وللحديث بقية.
مدرس الأدب والنقد بأداب جنوب الوادى

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي