318 مركزا على مستوى الجمهورية للقضاء على الفساد الإدارى وتسهيل إجراءات التراخيص

وداعا «الشاى يابيه»!.. المراكز التكنولوجية تنهى سياسة «الدرج المفتوح»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شباك واحد.. نظام إلكترونى.. سرعة فى الأداء .. لتيسير خدمة المواطنين


أخيرًا.. وداعًا لـ«رشوة» الموظف والفساد الإدارى، وداعًا لمقولة «فين الشاى يا بيه»، وأهلًا بالانضباط الوظيفى داخل الأحياء والوحدات المحلية.. «كلمة السر» فى دحر وبتر جذور الفساد تمثلت فى إنشاء المراكز التكنولوجية وعددها 318 على مستوى محافظات الجمهورية، وجاءت بعد محاولات جادة من القيادة السياسية الرشيدة وأعقبتها خطوات سريعة لأذرعتها التنفيذية فى التحول من البيروقراطية إلى التكنولوجية، وآخرها منذ أيام افتتح وزيرا التنمية المحلية والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى 15 مركزًا تكنولوجيًا مطورًا بالقاهرة.

وتستهدف المراكز التكنولوجية تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين فى أفضل صورها بسهولة ويسر خلال فترة زمنية بسيطة، من خلال نظام مركزى موحد ومميكن ومربوط بالإدارات المختلفة بجميع المحافظات، وذلك لفصل مقدم الخدمة «الموظف» عن طالبها «المواطن» ومنع الاحتكاك بينهما وطلب وأخذ الرشوة لإنهاء المصالح. ولم يقتصر الأمر فقط على إنشاء وتطوير المراكز التكنولوجية الثابتة، بل تم تطبيق خدمة جديدة للتسير على المواطنين تُسمى بـ«الحى المتنقل» وتسمح لموظف الحى الانتقال إلى صاحب الطلب ويقوم بتنفيذ الخدمة على الفور من خلال جهاز التابلت.

«الأخبار» تجولت داخل عدد من المراكز التكنولوجية الجديدة ورصدت صورًا للانضباط الوظيفى واختفاء أشكال الفوضى والفساد داخل الإدارات المحلية.

هنا بالمركز التكنولوجى بحى الزيتون، لا صوت يعلو فوق صوت النظام الإلكترونى والانضباط الوظيفي، فشعاره «شباك واحد.. خدمة متميزة»، فمجرد أن تخطو قدامك أبوابه بالطابق الأرضى تجد موظفا بالمركز يستقبل المواطنين لمساعدتهم على تقديم الخدمات وتوجيهم للشباك المختص بعد إعطائهم رقم انتظار من جهاز النداء الآلي، وفور الدخول صالة الانتظار تجد شاشة عرض بلمسات إلكترونية «تتش» لها عدة مهامات، أولها كلوحة استرشادية تضم أكثر من 50 خدمة حكومية يقوم المواطن من خلالها بالضغط على نوع الخدمة التى يريدها وتقوم تلقائيًا بتوضيح الأوراق المطلوبة والرسوم والخطوات والمدة الزمنية التى يستغرقها الطلب المُقدم، وبالإضافة إلى ربطها بالنظام المركزى للمركز وتتيح للمواطن خدمة البحث والكشف عن المرحلة التى يسير فيها الطلب.. وغيرها من الخدمات الإلكترونية.
من هنا داخل المركز التكنولوجي، تبدأ رحلة الحصول على الخدمة المحلية المطلوبة والتى لم تستغرق بضع دقائق، يجلس المواطن فى هدوء تام، يحمل فى يداه أوراق الخدمة المطلوبة وينتظر دوره بـ «الندء الآلي» لتقديم أوراقه لموظف الشباك الواحد، وفور وقوفه أمام الموظف يقصر دوره فقط على تقديم الأوراق وبدوره يقوم الموظف بإدخال البيانات ومراجعة الأوراق ويحصل المواطن رقمًا لمتابعة رحلة الطلب وميعاد محدد للانتهاء منه وذلك بعد دفع رسوم الخدمة بشباك الخزينة، ومن هنا ينتهى دورا طالب الخدمة «المواطن» بتقديم الأوراق ومُقدم الخدمة «الموظف» بإدخال البيانات وبعدها يتم تسجيلها وتحويلها وتبدأ رحلتها الإلكترونية، وتلك الخطوات البسيطة قضت على فكرة أو محاولة الفساد لعدم تحكم الموظفين فى حالة الطلب يدويًا كما كانت من قبل، وكذا اختفاء الطوابير ومنع التردد على مكاتب الموظفين -الباب الخفى للفساد- للحصول على تأشيرات أو أختام.
التقينا بسلوى أحمد، مديرة المركز التكنولوجى بالزيتون، وأكدت أن التحول من العمل اليدوى الروتينى إلى التكنولوجى أحدث طفرة هائلة فى مستوى الخدمات المحلية المقدمة، ونال رضاء المواطنين بسببب سرعة الأداء، بالإضافة إلى أن المراكز التكنولوجية ستُساهم بشكل قاطع فى القضاء على الفساد نهائيًا وذلك لفصل طالب الخدمة ومؤديها عن طريق منع احتكاك المواطن بالموظفين داخل أروقة الأحياء.
وأضافت سلوى أن مركز الزيتون يفتح أبوابه يوميًا أمام 178 ألف مواطن من سكان الحى فى الـ 9 صباحًا، ويُقدم 50 خدمة محلية منها 25 خدمة مباني، و12 خدمة محال تجارية، و8 إشغالات وخدمات أخرى، ويُتيح المركز للمواطن قنوات الحصول والاستعلام عن حالة الطلب سواء من خلال بوابة الخدمات الحكومية « وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى» أو من خلال شاشة إلكترونية متواجدة بالمركز، أو تحميل برنامج QR code reader من الأجهزة المحمولة، بالإضافة إلى أنه يمكن للمواطن إرسال شكواه عبر البريد الإلكترونى للمركز التكنولوجى ويتم البت فيها وحلها حال إرسالها.
وأوضحت مديرة المركز التكنولوجي، أن الوقت المستغرق لإنجاز الخدمة حاليًا أصبح أقل بنسبة 50% مقارنة بالوضع السابق، فضلًا عن تحسُن الخدمات المقدمة للمواطنين وتنوعها، وذلك لوجود شبكة مركزية متصلة بوزارتى التنمية المحلية والتخطيط والإصلاح الإدارى لمراقبة عمل المراكز التكنولوجية والاطلاع على نسبة أداء الموظفين ومحاسبتهم حال التقصير فى العمل، وكذا حل المشاكل والعراقيل التى تقع أمام الموظف فور حدوثها.

المواطنون: الدولة نجحت فى دحر الفساد بالتكنولوجيا الحديثة

وأثناء تواجدنا داخل المركز التكنولوجي، رصدنا بالكلمة والصورة حالة من الارتياح والرضا على أوجه المواطنين بسبب تحسن مستوى الخدمات وأسلوب تعامل الموظفين وسرعة أداء الخدمة.
المواطنون أكدوا أن القيادة السياسية المصرية نجحت بامتياز فى وضع أيديها على أكبر مصدر للفساد داخل الإدارات المحلية بإدخال التكنولوجية الحديثة فى التعاملات الإدارية المحلية وفصل المواطنين عن الموظفين، وحماية المواطن من تعنت الموظف عديم الضمير لطلب رشوة لإنهاء رخصة أو طلب.
تغير مفاجئ
وأكد ماهر قدرى، صاحب عقار مخالف، أنه جاء للمركز التكنولوجى للحى لطلب التصالح فى قانون البناء، وكُنت أتصور أن الداخل للحى مفقود والخارج مولود بسبب الفساد المستشرى بالأحياء من موظفين عديمى الضمير، إلا أننى مازلت أعيش فى دهشة بسبب التغير المفاجئ فى سهولة الإجراءات والتعامل مع شباك واحد فقط، والحصول على رقم خدمى للاستعلام عن حالة الطلب ولم يستغرق طلبى أكثر من أسبوعين وتمت الموافقة عليه وحاليًا أقوم باستكمال إجراءات تقنين عقارى المخالف وتحصيل حق الدولة للحصول على حقى فى المرافق.
وأضاف محمد كامل، صاحب محل، أن الدولة بأجهزتها التنفيذية والأمنية قادرة على عبور تلك المرحلة الراهنة وبالفعل استطاعت تنظيم العمل داخل الإدارات المحلية وبتر جذور الفساد، فمنذ فترة كُنت أتردد على الحى للحصول على رخصة لمحل تجارى بالمنطقة وكان هناك أباطرة من عديمى الضمير يطلبون مبالغ مالية لإنهاء الخدمة، إما الآن فتغير الوضع تمامًا داخل المركز التكنولوجى وقمت بالحصول على رخصة للمحل دون دفع أى مبلغ أكثر من المقرر قانونًا.
وأوضح حسين نبيل، أن المراكز التكنولوجية ساهمت فى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وذلك عن طريق التعامل مع شباك واحد فقط دون الانتقال من موظف لآخر بسبب الحصول على تأشيرة أو ختم معين، وأن هذا ساهم بنسبة كبيرة فى تقليل زمن رحلة الطلب وتوفير الجهد وخاصة لكبار السن، مشيرًا إلى أنه جاء للحصول على ترخيص لساحة انتظار وخلال إجراءات الحصول على تلك الخدمة لم يتعامل إلا مع شباك واحد فقط وأخر للخزنية لدفع رسوم الترخيص.
وأشار عادل السيد، بائع، إلى أنه حصل على رخصة بيع بالطرق بسهولة ويسر، ولم أكن أتوقع سهولة الإجراءات وحُسن تعامل الموظفين وسرعة إنجاز الخدمة فى بضعة أيام، برسوم ضئيلة للغاية لا تتعدى الخمسين جنيهًا، ويُحسب هذا الإنجاز للرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وعد فأوفى، وهذا ما نلمسه الآن من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين داخل الإدارات المحلية.
حل الشكاوى
وقال أحمد حسين، موظف، إننا نعيش الآن عصرًا جديدًا من التقدم والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين داخل الجهات الحكومية، وخاصة أنه جاء للمركز للتكنولوجى لتقديم شكوى مرافق، وبعض أيام من تقديمها فؤجئ بموظف بالحى يتصل به هاتفيًا لمراجعة بيانات الشكوى ويخبره بضرورة التوجه للمركز التكنولوجى لإتمام حل الشكوى وبالفعل تم حلها.
وأضافت نجلاء فتحي، أن المراكز التكنولوجية الجديدة نجحت فى إعادة ثقة المواطنين وموظفى الإدارة المحلية بعد سنوات طويلة توغل فيها الفساد داخل أروقة الأحياء، وساعدت على راحة المواطنين وخاصة كبار السن من خلال التعامل مع شباك واحد وتوفير الوقت والجهد.