فيض الخاطر

عيون شيخ الأزهر

حمدى رزق
حمدى رزق

حمدى رزق

 أذهب البأس ربّ النّاس، اشف وأنت الشّافى، لا شفاء إلا شفاؤك.. رجاء من الله من قلب محب أن يرده سبحانه سالماً معافى من كل سوء.
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب يجرى جراحة فى عينيه خارج البلاد، تسلم عيونك مولانا الطيب، عيون الطيب لاترى سوى كل طيب، وعيون الإمام ترى الخير فى أهله.
عيون الإمام أرهقت من حمل الهموم، جبل الحمول، عين على الأزهر، وعين على البلاد، عين بكت من خشية الله، والإمام الأكبر عيناه تبكيان خشية، وقلبه يتفطر حزنا، الألم جوه القلب بين الضلوع.
الإمام الأكبر يحمل أمانة ثقيلة، أعانه الله عليها، تجديد الخطاب الدينى أمانة، والعيون ترقبه، والقلوب تحوطه، وهو يشق طريقه صعيباً يحمل رسالة الأزهر الشريف، ويواجه تطرفا، ويجابه عنتا، ويستنقذ صحيح الدين من براثن خوارج العصر.
ربما لم يمتحن شيخ للأزهر كما امتحن الإمام الطيب، ممتحن، يخطو صابراً فى حقل الأشواك منذ أن حمل الأمانة، تنبح عليه كلاب الإخوان عقورة، وتنقر رأسه حدادى التكفير والغربان، وتشده إلى الخلف أفكار عتيقة موروثة، والإمام يرنو ببصره إلى يوم يسود الأمن والسلام ربوع البلاد.
عين الإمام باكية على حال المسلمين الذين تمزقوا شيعاً متناحرة وأحزاباً، يبكى ضياع الأمانة من أيدى المؤتمنين عليها، انحرفوا وانجرفوا عن الصراط المستقيم وهم يحفظون الكتاب، ورفعوا المصاحف فى غير موضعها، وفسروا الآيات على هوى أمراء الحرب، واستحلوا الحديث الشريف بضاعة، ماحذر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم، تكالبت عليكم الأمم.
يحمل الإمام فوق أكتافه الواهنة ميراث القرون الماضية، وهن العظم واشتعل الرأس شيبا وعليه أن ينهض بالدعوة منيرة من بين ركام الأساطير المؤسسة للتكفير والتفسيق واستحلال الأعراض، وسفك الدماء.
لعمرى لم يمر بالأزهر العريق مثل هذه السنوات العجاف، والإمام ينظر إلى السماء، لائذا برب العرش، يمسح وجهه من أثر الوضوء ويدعو ربه أن يهدى عباده إلى طريق الرشاد، وأن ينفروا إلى البناء والعمران، بدلا من الحرب والاحتراب.
المطلوب من الإمام الأكبر كثير، وما ينتظر عودته ثقيل، الحمل ثقيل، جمل الحمول، والسباحة فى البحار المضطربة بسفينة عتيقة تحتاج إلى ربان ماهر، وسفينة الأزهر العتيقة تحتاج جهدا مضاعفا من الإمام للسير فى طريق الاجتهاد لتجلية جوهر الدعوة إلى الله بالحسنى.
الآمال معلقة فى رقبة الطيب، تجديد الخطاب الدينى ليس نزهة خلوية فى يوم مشمس فى بستان يفج عطرا، ولكنها أعمال شاقة تستأهل عزما أكيدا، والإمام نظنه من أولى العزم، وعقد العزم على تجديد الخطاب الدينى الذى نطمح إليه ويرنو إليه العقلاء المستنيرون من إمام طيب يمشى على الصراط المستقيم.