حكايات| هل توصل الفراعنة للكهرباء؟.. قراءة ونقوش في جوف الليل 

نقش يرجح أنه لمصباحين تم إضاءتهما بالكهرباء
نقش يرجح أنه لمصباحين تم إضاءتهما بالكهرباء

يستصعب البعض أن يكون قد وصل المصريون القدماء، إلى علوم الطب والفلك وغيرها، إذ تصيبهم الدهشة فور معرفة ما وراء تلك الحقائق من نقوش وبرديات، لكن تلك الدهشة ستصل ذروتها إن نما إلى علمهم إن الفراعنة يرجح أنهم توصلوا إلى المصابيح وطرق إضاءتها أيضا بلا عرفوا الكهرباء. 

في دراسة أثرية جديدة للباحث رضا عطية الشافعي الباحث في الآثار المصرية القديمة، أكدت استخدام المصري القديم للمصابيح في بعض المدن التي لم تسكن لفترات طويلة مما يدل على استخدام المصابيح في الإضاءة المنزلية ومن أهم هذه المدن مدينة اللاهون ودير المدينة وتل العمارنة، حيث عثر في منازل تل العمارنة على العديد من الأواني الصغيرة التي استعملت كمصابيح.


ويرصد لنا خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء معالم هذه الدراسة، مؤكدًا أن المصري القديم ترك لنا مناظر المصابيح مصورة على أحد مقابر تل العمارنة وهي مقلدات للمصابيح التي كانوا يستعملونها في المنازل والقصور، حيث صورت العائلة المالكة في تل العمارنة في منظرين متماثلين وهي تتناول وجبة العشاء في القصر الملكي ويلاحظ بجوارهم مصابيح وضعت على حوامل مرتفعة للانتفاع بضوئها الضعيف إلى أقصى حد ممكن.


ويشير الدكتور ريحان إلى وجود منظر فريد من نوعه في المقبرة رقم 99 بجبانة الشيخ عيد القرنة بطيبة الغربية من عصر الملك تحتمس الثالث لصاحبها (سن نفري) يمثل فتاة تقوم بترتيب السرير على ضوء شمعة على نمط ما كانت تقوم به في حياتها الدنيا، وكان الفلاح المصري القديم لا يعود من الحقل إلى منزله كما هو الحال عليه الآن إلا حينما يرخي الليل سدله وكان يجد زوجته في انتظاره وقد أضاءت له المنزل وقد وردت فقرة في قصة الأخوين التي ترجع إلى عصر الدولة الحديثة.


 

القراءة ليلا
وفي عصر الرعامسة نجد معلم يحث تلميذه على أن يكتب بالنهار ويقرأ بالليل «اقض النهار في الكتابة بأصابعك على أن تقرأ بالليل» وتدل هذه العبارة على استخدام المصابيح في المذاكرة أثناء الليل فضوء النهار القوي يساعد على الرؤية الجيدة والتمكن فيما يُكتب لأن الكتابة تحتاج إلى ضوء أكثر من القراءة والتي كان يفضل أن تتم ليلًا علي ضوء مصباح.

 

ويوضح الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن المصري القديم أطلق على المشاعل عدة مسميات ولم يقرر الشيوع إلا لثلاثة أسماء منها وهي «تكاو – خبس – ستات» وكانت هذه المسميات تطلق على المشاعل والمصابيح منذ عصر مصر القديمة (نصوص الأهرام)، وحتى نهاية عصور مصر القديمة كلمة واحدة لم يفرق بها بين الشعلة والمصباح ولم يختلف في نطق هذه الكلمة وترجمتها اختلافًا جوهريًا اذ ينطق بعض العلماء وهم الغالبية هذه الكلمة (تكا) خاص بالفعل بمعنى (يضيء).

 

اقرأ للمحرر| صناعة فرعونية 100%.. أول طائرة بدون طيار في التاريخ

 

ويتابع الدكتور ريحان بأن نقوش النصف الشمالي للحائط الشرقي لصالة الأعمدة الكبرى بمعبد (آمون رع) بالكرنك تصور مشاهير الخدمة اليومية للمعبد خمسة مشاهد خاصة بالشعلة وإضاءة المعبد ونرى من بين هذه المشاهد الخمسة صورًا للمشاعل المسماه (تكاو) متشابهة في شكلها العام وبدون شك في المادة التي استعملت في صناعة هذه المشاعل ويتضح من الصورة أن الشعلة تتكون من قطعة طويلة من الكتان الأبيض النظيف ويتم طي هذه القطعة في منتصفها ويجدل هذان الطولان معًا ثم يتم غمسها بعد ذلك في شحم جديد وهناك مسافة كافية لحمل هذه الشعلة منها.


وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى شكل المصباح في أبسط حالاته وهو عبارة عن طبق صغير وآنية ليست عميقة تملئ بالزيت أو الدهن وتوضع فيها الذُبالة إما طافية على سطح الزيت أو مثبته على حافة الطبق واتخذ شكل المصباح في بدايته الأولى شكلًا زخرفيًا عبارة عن مصباح على شكل القارب كشفت عنه حفائر (بيير مونتيه) في منطقة أبو رواش شمال الجيزة في مقبرة رقم 8 هناك وهو مصنوع من الفخار الأحمر وذو حافة تبدو عريضة وله عروة تستخدم كمقبض من ناحية ومن ناحية أخرى يصب الزيت منه عند الضرورة.


ويضيف أن المصباح نٌقش كله بزخارف ذات خطوط مستقيمة تذكرنا بزخرفة الأواني في حضارة نقادة الثانية وامتازت بعض مصابيح الدولة القديمة المصنوعة من النحاس بوجود مشبكين أو ثلاث مشابك من نفس المادة المصنوع منها المصباح مثبته بمسامير في قاع الطبق وربما كان الغرض من هذه المشابك هو استخدامها كمكان لتثبيت الذُبالة وربما كان ايضا هناك في كل مشبك من هذه المشابك ذبالة وبذلك يكون في الطابق الواحد ذبالات بعدد المشابك الموجودة فيه، وفي متحف اللوفر توجد مجموعة من المصابيح التي ترجع إلى الأسرة السادسة عثر عليها في مقبرة الوزير (اس) في تل ادفو وهي عبارة عن أواني نحاسية صفت على أنها مصابيح.


ويؤكد الباحث رضا الشافعى على تطوير المصريين القدماء لمصابيحهم في الدولة الوسطى وقد صُممت بحيث أصبحت أكثر تعقيدًا من مصابيح الدولة وأصبح للمصباح الواحد فتحتان الأولى هي فتحة جانبية تعادل ذلك النتوء الذي يوجد على حافة الإناء واستمر النوعان معا الفتحة الجانبية والنتوءه وقد صنعت هذه المصابيح من الفخار وقد ظلوا يدخلون عليها بعض التحسينات إلى أن أصبح المصباح عبارة عن إناء ذو فوهة ضيقة من أعلى تمثل رقبته وقد حافظت هذه الفوهة الضيقة على نظافة الزيت وعدم تعرضه للأتربة وتُشبه هذه الأنواع من المصابيح التي استخدمت في العصر اليوناني في مصر وربما ظلت تستخدم حتى اليوم في بعض الأنواع المستخدمة حاليا ويوجد جزء كبير من هذا النوع من المصابيح في متحف المتروبوليتان.

اقرأ للمحرر| تاريخ «المزراب» المصري.. من إبداع الفراعنة لماسورة «سطوح البيت»


ويتابع الشافعى بأن مصابيح الدولة الوسطى امتازت بوجود مكان داخل الإناء يحيط بالإناء الداخلي يملأ بالماء ويملأ الثاني بالزيت وقد أرجع (فلندرز بتري) ذلك إلى سببين الأول هو جعل مادة المصباح رطبة بصفة مستمرة حيث أن استمرار المصباح مشتعلًا لمدة طويلة تجعل الفخار من الصعوبة أن يحمله أحد أما السبب الثاني فإن وجود الماء يمنع تسرب الزيت من خلال مسام الآنية الحجرية وقد امتازت أيضا هذه الآنية بضخامتها النسبية عن مصابيح الدولتين القديمة والحديثة.


ويشير الشافعى إلى استخدام المصريين القدماء بعض الزيوت النباتية وشحوم الحيوانات كمادة وقود لمصابيحهم وأهم هذه الزيوت زيت الخروع وزيت الزيتون وزيت السمك بالإضافة إلى بعض الزيوت الأخرى كما كان يستخدم كوقود للمصابيح شحم الجاموس وزيت السمك.

 

كهرباء الفراعنة
في موقع منعزل نسبيًا على طرف الصحراء، على بعد نحو 2,5 كم إلى جنوب غرب بلدة دندرة الحالية ، يوجد معبد قديم، عرف في مصر القديمة باسم «لونيت» أو «تنترة».


يقول الآثري مجدي شاكر، إن تاريخ دندرة يعود إلى عصر ما قبل الأسرات في مصر، ويدل على ذلك المقابر القديمة القريبة من حائط معبد حتحور، وكانت حتحور معبودتها الرئيسة، ويرجع نظام المعبد إلى عهد الملك خوفو، كما قام الملك بيبي الأول بترميمه فيما بعد .


كانت توجد في الأصل ثلاثة حوائط حول منطقة المعبودة حتحور ، لا يوجد منها إلا الحائط الأول المحيط بالمعبد في حالة جيدة. يبلغ طول الحائط نحو 290 متر ونحو 280 متر عرضا . يبلغ سمك قاعدة الحائط بين 10 إلى 12 متر ، ويصل ارتفاعه غلى نحو 10 أمتار.


وقت التنقيب عن المعبد كان المعبد مغطى بالرمال إلى النصف تقريبا، وهو ما حافظ على الرسومات على جدران المعبد وأعمدته ، كما حافظ عليها من النهب . ووجدت الغرف العليا في المعبد مسكونة ، وعاش فيها أناس فترات طويلة . كنوا يوقدون النار لطعامهم والتدفئة ، لذلك نجد حتى اليوم آثار الهباب على الأسقف الداخلية للمعبد للأسف الشديد.


 ومن الأمور المثيرة للجدل  والتي يسال عنها الزائر ويتعجب منها بكل تأكيد هو ما يعرف باسم كهرباء دندرة  وهو عبارة عن رسم واحد فقط لا مثيل له على الجدار الايسر في أحد سراديب دندرة.

 

اقرأ للمحرر| حرب «الترميم العظمي».. أسلحة مصرية لتدمير الحشرات «الآكلة» للآثار


وقيل أن الكهنة تمسك المصباح احتفالا ببداية السنة الجديدة وأن القردين في الأسفل يحذران من الصعق بالكهرباء وانتشرت الشائعة بأن المصري القديم قد عرف الكهرباء والمصباح الكهربائي ودار جدل ونقاش عنه وحتى يومنا، حيث ذكر كثيرون كيف نقش ولوّن المصري القديم كل هذه المقابر والمعابد في هذه الأعماق البعيدة المظلمة دون كهرباء والألوان تظهر وكأن الفنان أنتهى منها الأن ولا توجد أي لأثار الدخان عليها ولكن نحن على ثقة بان هذا النقش لا يمثل سوى (عمود الجد) وهو واضح تماما في النقش والذى يمثل القيام في داخل زهرة اللوتس، وإحدى الطرق الفنية في النقش في العصر اليوناني الروماني وليس اكثر من هذا، وواضح في الصورة عمود الجد وزهرة اللوتس والنص المكتوب  يتحدث أصلا عن أعياد راس السنة المصرية القديمة،  الرسم الكبير في الداخل ما هو إلا رسم ثعبان وندقق في الرأس والذيل وهذا النقش أصلا ما هو إلا تعبير فني جميل ويشمل ثلاثة رموز هامة خاصة بالعقيدة المصرية القديمة وهما:


عامود الجد أو عامود القيام: وكما هو واضح في النقش، هو رمز مصري قديم في شكل عمود قيل ربما هو العمود الفقري لأوزريس معبود البعث والخلود وتعلوه أربعة طبقات من زهرة اللوتس، وهو دلالة على القيام او الدوام او البقاء في الخلود. ونجده كثيرا يرسم مع رمز الحياة عنخ وصولجان السلطة  وفيها دلالة ان يبقى الملك حاكما حيا على الدوام في الأرض وفي السماء.
زهرة اللوتس: وهى عنوان الخلق عند المصريين القدماء حيث تخبرنا أسطورة الخلق المصرية عن نشوء زنبقة الماء الزرقاء (لوتس النيل) حيث كان المصريون القدماء يراقبون تفتح أزهار اللوتس التي تعوم في النيل كل صباح لتغلق تويجاتها بعد كل ظهر يوم يمر ثم تغطس تحت سطح الماء.


الثعبان: فالثعبان في الحضارة المصرية له أمور شتى ومهمة أيضا، ولكن رمزية الثعبان هنا مع وضعية عمود الجد فيعنى او يرمز الى الأرض، لأن هذا الحيوان في تماس مع الأرض بكل جزء من جسده.


ورأى القدماء أن الأفعى عندما تخترق جوف الأرض، فهي تنتزع أسرارها، وأصبحت عند بعض الشعوب رمزاً للمعرفة والحكمة خاصة شعوب مصر والشرق الأدنى، ففي مصر القديمة يكشف الثعبان أسرارها للربة (ايزيس) التي تنقلها بدورها للفرعون وبعد الكهنة، ومنذ عهد الأسرة الحاكمة الأولى يحمل الفرعون اسم الثعبان.