حكايات| أباليك ومزهريات وأنتيكات أوروبا «بتتكلم مصري»

 أباليك ومزهريات وأنتيكات أوروبا «بتتكلم مصري»
أباليك ومزهريات وأنتيكات أوروبا «بتتكلم مصري»

أعطها الإله «خنوم» قبلة الحياة لتصبح حرفة مصرية أبا عن جد، لتظل لآلاف السنين يتوارثها أبناء هذا البلد، ويعملون بها ويحافظون عليها خشية الانقراض، ونجح أبناء النيل ذو الأيدي السمراء في دمج الطينة مع عرقهم لينتجون التحف الفنية من الطمي.

 

في المعارض العالمية ينبهر الأجانب بصنعة المصريين ويعجبون بها ويأتون من كل حدب وصوب، لاقتناء الأعمال الفنية القيمة من مصر القديمة، ولكن للأسف عبارة «صُنع في الصين» ظلت تُطارد فخار المحروسة.

 

50 عاما من الخبرة

نادر محروس صاحب مصنع ومعرض للفخار تحدث عن وضع الفخار المصري، قائلًا: «منذ صغري وأنا أهوى تشكيل الفخار فكنت أخرج من المدرسة وأذهب إلى ورشة أبي لأتعلم كيف أشكل الطين وحين تخرجت تفرغت لها، وهذه المهنة ورثتها أبًا عن جد فأهلي كان يعملون بها منذ 50 عامًا تقريبًا، ومن شغفي وحبي لهذه الحرفة علمتها لأولادي خوفًا عليها من الانقراض».

 

 

ويضيف محروس: «أنتج الكثير من الأباليك في مصنعي وهي تستخدم في الإضاءة وكذلك المزهريات والأنتيكات مختلفة الأحجام، فشغلنا يعتمد على الديكور وجميع ما يخص الحدائق والفنادق والقرى السياحية».

 

من الطين إلى الأبليك

 

وعن صناعة الأباليك يقول محروس: « شغله أسهل من المزهريات، وله مجموعة من الخطوات يجب اتباعها بالترتيب أولها أحضر (استمبة) أصب فيها الطين وأتركه حتى يجف، وبعد ذلك يحرق الفخار وتتم عملية (المعجون والصنفرة) وأعطيها اللون المطلوب».

 

ويشير إلى أن الأبليك لابد أن يباع جاهز لأنه يضع له دواية كهرباء وسلك ويجعله جاهز على الاستعمال، فكل يومين ينتج حوالي 30 أبليك، ويضيف: «ممكن أزود العدد وهذا يتوقف حسب المطلوب مني، وبالنسبة للتصميمات تكون من وحي خيالي وأحيانًا أستعين بالإنترنت».

 

الأجانب والفخار

 

يتردد الأجانب كثيرًا على منتجات عم محروس وتعجبهم، ولذلك يصدر الشغل إلى الخارج، فدائمًا ما يأخذ السائح 150 و 200 قطعة فخار من مصر القديمة لوضعها في شقته  خارج مصر، ويُفضل الأجانب أصص الزرع لأن ألوانها بسيطة وتضفي لمسة جمالية بمساكنهم، ويكون المرشد حلقة وصل بينه وبينهم.

 

 

ومن أكثر الدول التي صدر«محروس» إليها الفخار هولندا وأمريكا، وتختلف الشحنات في العدد على حسب تقييم السائح لها فأكبر شحنة كانت حوالى 8000 قطعة، فالمصريون في الخارج يقبلون على شراء الفخار أما الآن الأوربيون نادرا ما يأخذون قطع صغيرة للاستهلاك الشخصي.

 

صُنع في الصين

 

ويحكي عن أطرف المواقف، قائلًا: «أشهر زبائني كان تاجر هولندي الأصل يأخذ الشغل من عندي ويصدره في بلده، ويكتب عليه صنع في الصين لكي لا يعرف الهولنديون أن هذا الفخار يصنع ويباع في مصر حتى لا يشترونه من مصر مباشرة ويتخلون عنه، ولكن أؤكد أن الفخار حرفة مصرية 100%».

 

 

وعن أكبر المشكلات التي تواجه صناعة الفخار يقول محروس: «نعاني من نقص الكهرباء والمياه والغاز مما يؤثر على المكسب بالإضافة إلى العديد من الحشرات والثعابين والعقارب بالمنطقة، لذلك أحلم بعمل مشروع أدرب من خلاله الأطفال على صناعة الفخار».