شهدت البلاد أزمة حادة في الطاقة الكهربائية عقب ثورة 25 يناير، مما دفع القيادة السياسية للتحرك بسرعة والسعي في كافة الاتجاهات لتوفير احتياجات البلاد من الطاقة وزيادة الطاقة المنتجة على مستوى الجمهورية لدعم الشبكة القومية الموحدة للوفاء باحتياجات المواطنين وأيضا المشروعات الاستثمارية والتنموية، وإيجاد فائض منها لتصديره عبر الشبكة القومية الموحدة للكهرباء.
ووقع الاختيار على محافظة أسوان لما تتمتع به من أكبر نسبة سطوع للشمس لإقامة عدد من بعد توليد الكهرباء من الطاقة المائية أسوان تروض حرارة الشمس ، وبعد عدد من الدراسات تم اختيار موقع المشروع بناء علي دراسات وتقارير شاركت فيها وكالة ناسا الفضائية وبعض المؤسسات العلمية العالمية والتي أكدت الميزة النسبية لأسوان لإقامة محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية .
تم اختيار صحراء قرية بنبان غرب النيل بمركز دراو ،لإقامة أكبر مدينة للطاقة الشمسية في العالم وأضخم مشروع يقام على أرض أسوان، خلال العامين الماضيين من خلال استغلال طاقة الشمس كمصدر متجدد ولا نهائي لإنتاج الكهرباء النظيفة، وللتعرف على المزيد عن مشروع المدينة الشمسية بقرية بنبان التقت بوابة أخبار اليوم، عدد من المسئولين المتصلين بالمشروع .
في البداية يقول محمد الحسيني مدير الاستثمار بالمحافظة، إن العمل بالمشروع بدء بعد إن تم تخصيص مساحة 8834 فداناً بالقرار الجمهوري رقم 274 الصادر في عام 2014 لصالح هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة التي قامت بدورها بطرح مناقصة بنظام حق الانتفاع لمدة 25عاماً لإنتاج طاقة متجددة من خلال طاقة الشمس.
وأوضح الحسيني، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر القرار الجمهوري رقم 466 لسنة 2017 بالموافقة على تخصيص 9968 فدان لصالح هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة وهذا القرار يخص المنطقة المجاورة لمشروع مدينة الطاقة الشمسية بقرية بنبان بمركز دراو وستطرح في مناقصة عالمية للشركات والمستثمرين العاملين في مجال الطاقة الشمسية.
المدينة الشمسية
من جانبه قال اللواء أحمد إبراهيم محافظ أسوان ، إن هذا المشروع الذي أطلقنا عليه أسم المدينة الشمسية ببنبان سيشهد في سبتمبر القادم دخول 1465 ميجا وات إلى الشبكة القومية للكهرباء، بعد إنتاجهم بواسطة 32 شركة بمشروع الطاقة الشمسية بنبان وهى بمثابة "أكثر من نصف إنتاج السد العالي".
وأضاف محافظ أسوان، أن مشروع الطاقة الشمسية بنبان يعد من أكبر مشروعات الطاقة النظيفة في مصر،لافتا لأن المشروع حصل في عام 2018 على جائزة أفضل مشروعات البنك الدولي على مستوى العالم.
وقال محافظ أسوان ، إن المشروع بعد استكماله سيصل إنتاجه إلى 2050 ميجا وات من الطاقة بينما ينتج السد العالي 2100 ميجا وات، مما يمكن وصفه بـ«سد عال» جديد على أرض أسوان، لافتاً إلى أن هذا المشروع العملاق سيتيح لمصر تصدير الطاقة خارجياً سواء للقارة الأفريقية أو لعدد من الدول العربية، مما يعود بالنفع والخير على بلدنا مصر،هذا بالاضافة إلى قيام إحدى الشركات السعودية ببدء الإجراءات التنفيذية لإقامة محطة شمسية بقرية فارس بمركز كوم أمبو على مساحة 500 فدان بطاقة 200 ميجا وات وباستثمارات 750 مليون جنيه .
وأشار إبراهيم، لأن المشروع يعتبر خير دليل على اهتمام الدولة بتنمية الصعيد وضخ المزيد من الاستثمارات الكبرى لتنفيذ مشروعات تنموية وخدمية على أرض محافظة أسوان العريقة والتي أصبحت الآن بمثابة إقليما واعدا استثماريا وسياحيا لما تمتلكه من توافر الثروات الطبيعية ومصادر الطاقة المتنوعة .
لافتا إلى أن مشروع الطاقة الشمسية سيحقق عوائد خير عديدة للشركات الاستثمارية المشاركة في المشروع وأيضاً للشباب الأسواني الذي يتم إعطاء الأولوية له في التشغيل بمثل هذه المشروعات بالاتفاق مع المنفذين خاصة بعد أن تم إضافة تخصص تركيب وصيانة محطات الطاقة الشمسية لجميع المدارس الفنية الصناعية في أسوان،تمهيدا لافتتاح مدرسة مخصصة للطاقة الشمسية تضم ورش ومعامل متقدمة والجاري إنشاؤها وتشطيبها بتكلفة 7 مليون جنيه لتبدأ الدراسة فى العام الدراسي القادم.
نقلة اقتصادية وانجاز تاريخي
المهندس جمال محمود نائب رئيس شركة نقل الكهرباء المشرف على المشروع، قال إن مشروع بنبان للطاقة الشمسية يعد من المشروعات القومية الواعدة استثمارياً، حيث تم التشغيل الفعلي لعدد 22 محطة شمسية حتى الآن تنتج حالياً ألف ميجا وات على الشبكة القومية الموحدة من إجمالي 32 محطة مستهدف تشغيلهم خلال العام الحالي لإنتاج 1465 ميجا وات كمرحلة أولى من إجمالي 42 محطة ستنتج 2050 ميجا وات بما يعادل إنتاج السد العالي ليعد هذا المشروع أكبر مجمع محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فى العالم.
وأوضح نائب رئيس شركة نقل الكهرباء، بأن حصول مشروع الطاقة الشمسية مؤخراً على الجائزة السنوية لأفضل مشروعات البنك الدولي تميزًا على مستوى العالم، يأتي لأن المشروع تصل إجمالي الاستثمارات به إلى نحو 2 مليار دولار، كما أنه ساهم في توفير نحو 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وأشار المشرف على مشروع الطاقة الشمسية ببنبان إلى أن هناك تنسيق مستمر.
و بين أن محافظ أسوان اللواء أحمد إبراهيم،مع مسئولي البنك الدولي والشركات الاستثمارية المنفذة للمشروع قاموا بتخصيص نسبة من الاستثمارات للتنمية المجتمعية يهدف رفع جودة البنية الأساسية والخدمات بالمنطقة المحيطة بالمشروع ومنها جارى تنفيذ مشروع ازدواج الطريق الصحراوي الغربي "أسوان القاهرة" في المسافة المواجهة لمشروع الطاقة الشمسية ببنبان بمسافة 9 كيلو متر وبتكلفة 60 مليون جنيه، بالإضافة إلى إنشاء منطقة خدمات متكاملة يستفيد منها المشروع علاوة على أهالي بنبان والقرى المجاورة وهو الذي يتوازى مع دراسة الاستفادة من العمالة المدربة والغير منتظمة التي تعمل حالياً في مرحلة إنشاء المحطات الشمسية في مشروعات مستقبلية مماثلة وخاصة أن هذه العمالة اكتسبت الخبرات الكبيرة من العمل في المشروع لتكون مؤهلة في هذا المجال الهام.
تخصصات جديدة للطاقة الشمسية بمدارس أسوان
ومن جانب أخر، أكد السيد الفيومى وكيل وزارة التربية والتعليم بأسوان، أن محافظ أسوان وافق على تشكيل المجلس الاستشاري لمدرسة الطاقة المتجددة "الطاقة الشمسية" ببنبان بإدارة دراو التعليمية في مبادرة رائدة هي الأولى على مستوى الجمهورية من أجل دعم التعليم الفني وخاصة في مجال الطاقة الشمسية.
وأشار إلى أن المجلس يهدف إلى إنشاء وتكوين أداة للتواصل والتعاون بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات القطاع الخاص العاملة في مجال الطاقة المتجددة بالإضافة إلى الاهتمام بدعم المدارس الفنية وتزويدها بالموارد والأدوات المطلوبة مع تحديد أنسب الأساليب والوسائل اللازمة لمجابهة التحديات التي تتعلق بجودة الخريجين من طلبة التعليم الفني في مجال الطاقة المتجددة وتحسين مستوياتهم التعليمية و العملية .
وقال الفيومي، إن المجلس الاستشاري يهدف أيضاً إلى توفير التدريب العملي للطلاب بما يضمن دمجهم في سوق العمل ورفع مهاراتهم وإطلاعهم على أخر المستجدات وما توصل إليه العمل الحديث في مجال الطاقة المتجددة، لافتاً إلى أن المجلس سوف يساهم في توفير رؤى جديدة حول التوجهات الاقتصادية فيما يخص قطاع الطاقة المتجددة بأسوان.
وأوضح بأن المجلس الاستشاري لمدرسة الطاقة المتجددة "الطاقة الشمسية" يتشكل من 15 عضواً يضم ممثلين عن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص والذين ينتمي أغلبهم للشركات والمستثمرين العاملين بمشروع الطاقة الشمسية ببنبان بجانب ممثلي مشروع تطوير القوى العاملة وتعزيز المهارات الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مشيرًا إلى أن المجلس يحق له الاستعانة بأعضاء من الخارج وذلك لفترات دائمة أو مؤقتة تحقيقاً للمنفعة والصالح العام.
