يوميات الاخبار

على ناصية مكتبة الإسكندرية

د. هشام الشريف
د. هشام الشريف

د. هشام الشريف

شكرًا للفن والإبداع... وشكرًا لأهل الفن والإبداع... وبالفنون تتقدم الأمم... وبالتنوير تبنى العقول.

بناء العقول:  هل يصنع التقدم ؟ وهل تبنى العقول ؟ التقدم صناعة وبناء، والمعرفة علوم وثقافة... السؤال الذى يتردد فى جلسات ولقاءات متعددة بصور مختلفة وتلقائية من كل إنسان يسعى لحياة أفضل له ولعائلته ولأهله ولبلده هو كيف نتقدم؟... الأجابة واحدة بالعقول المستنيرة... بالعلم والمعرفة والفكر والثقافة... خلال رحلة اليوميات شاهدت وتعايشت مع صناع للتقدم فى واقعنا المصرى...


منارة تنوير


 بعد زيارة لست الحبايب (والدتى الفاضلة) بالإسكندرية حيث تحب أن تكون فى الصيف كما جرت العادة عبر السنين، استقللت السيارة عند الغروب وعلى ناصية مكتبة الإسكندرية فوجئت بزحام شديد وشباب يبتسم وعلى وجوه السعادة والمرح... وآثار المظهر اندهاشى بل ورأيت فى عيونهم سعادة تمنيتها لكل شباب مصر... واستوقفت الأخ سعد السائق المتميز الذى شاركنى نفس الملاحظة بأن «شباب شكله فرحان»... وعلى يسارنا لاحظت زحاما كبيرا على شباك التذاكر... وقمت بالاتصال بالأخ الفاضل السفير/ مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية للاستفسار عما يحدث وشاركته سعادتى بالشباب المبتسم والمرح المتجمع على ناصية مكتبة الإسكندرية وسألته عما يجرى مساء ذات الجمعة فأخبرنى أن فاعليات الصيف وأنشطتها...

وكلف الأستاذة/هدى الميقاتى مشكورة - فى يوم الإجازة - بإرسال تقرير عن أنشطة المكتبة أسعدنى وأشار أن هذه احتفالية من احتفاليات مهرجان الإسكندرية للفنون والتى تستمر كل شهر أغسطس... وطلبت منهما أن يتم تسجيل بالصوت والصورة هذه الفاعليات وللشباب لعرضها على مجلس الأمناء (والذى أشرف بعضويته) بل وعلى المجتمع ككل كى يشارك شبابنا بسمته ومرحه وشغفه ورغبتـه فى الاطلاع والمعرفة، والتثقيف والتعلم، والانفتاح والتواصل... شبابنا جميل ورائع وعطشان ثقافة وفنون وعلم وتقدم...


 بسمة صيف 2019 التى رأيتها على وجوه الشباب والشابات التى يصنعها المهرجان لصيف يشرف عليه الأستاذ/راجح داود مستشار مكتبة الإسكندرية واستوقفنى معرفة التكريم النبيل للمكتبة لرموز فنية من موسيقيين ومخرجين هم:


د/ حسن شرارة عن عطائه الفنى المتميز فى مجال العزف الموسيقى .


د/ عصام السيد عن عطائه الفنى المتميز فى مجال الإخراج المسرحى.


 المخرج/ خالد جلال عن عطائه الفنى المتميز فى مجال الإخراج المسرحى.


 د/محمود أبو دومة عن عطائه الفنى المتميز فى مجال الإخراج المسرحى.


د/ نيفين علوبة عن عطائها الفنى المتميز فى مجال الغناء الأوبرالى.


 المخرجة/ هالة خليل عن عطائها الفنى المتميز فى مجال الإخراج السينمائى.


د/ عثمان المهدى عن عطائه الفنى المتميز فى مجال التعليم الموسيقى لمدرسة السوزوكى.


الفنان/محمد حسنى عن عطائه الفنى المتميز فى مجال الموسيقى العربية.


د/ أسماء البربرى عن عطائها الفنى المتميز فى مجال تعليم الأطفال فن الرسم.


 الفنانة/ آمار مصطفى عن عطائها الفنى المتميز فى مجال التأليف المسرحى.


 الفنانة/ نرمين بدر عن عطائها الفنى المتميز فى مجال تعليم الفنون.


مهرجان هذا العام شارك فيه 500 فنان فى 45 فعالية ثقافية منهم على الحجار ومدحت صالح والموسيقار عمر خيرت وأوركسترا مكتبة الإسكندرية وغيرهم من الأصوات والفرق الشبابية والمستقلة.


  مكتبة الإسكندرية


هل هناك تقدم دون تنوير؟ وهل هناك تنمية دون ثقافة؟... اكتشف كل يوم أن هناك الكثيرين الذين لم يقوموا بزيارة مكتبة الإسكندرية وهى بالنسبة لى - منارة للثقافة - أعاد بناءها المصريون بعد حريقها الشهير الذى يرجح بعض المؤرخين أنه كان فى عام 48 قبل الميلاد على يد بطليموس الصغير حين حرق 101 سفينة أمام المكتبة انتقاما من يوليوس قيصر الذى اعتقد أنه يساند أخته كليوباترا عليه ويعتقد البعض أن النيران امتدت للمكتبة امتدادا للحريق... وهناك اختلافات بين المؤرخين على الحريق.
 أعاد المصريون بناء مكتبة الإسكندرية أواخر القرن العشرين وكانت هناك محاولات متعددة لمشروع إنشاء المكتبة من عام 1974 حتى تبنت منظمة اليونسكو المشروع عام 1988 وتم تصميم المكتبة من مكتب هندسى نرويجى فاز بالمسابقة ودعت مصر لاجتماع كان فريدا من نوعه فى أسوان قامت دول صديقة مانحة (معظمها من الدول العربية) بتخصيص 65 مليون دولار آنذاك للمشروع الثقافى الكبير. ووصل إجمالى ما خصص للمكتبـة عبر سنوات إلى حوالى 140 مليون دولار ووضع فى حساب خاص لم يمس وهو الآن بالبنك المركزى المصرى... وقامت حكومة مصر - من موازنتها - ببناء صرح مكتبة الإسكندرية والذى افتتح عام 2002 ولازال منارة للمصريين ليكون: نافذة لمصر على العالم. نافذة للعالم على مصر. مؤسسة رائدة فى العصر الرقمى. مركزا للتعلم والتسامح والحوار والتفاهم.


 ولتحقيق هذه الرؤية تقوم المكتبة وهى من أكبر مكتبات العالم بتقديم خدماتها بإتاحة الكتب والمراجع مثل أى مكتبة أخرى بالإضافة إلى المكتبة الرقمية المتميزة التى تتيحها فى الإسكندرية وفى الجامعات بل فى كل مصر ولكل المصريين... وبالإضافة إلى ذلك هناك لقاءات دورية للمثقفين والمفكرين ومعرض الكتاب، والمؤتمرات العالمية الرائدة مثل بيوفيجن ومهرجان الفنون، المعارض الفنية وورش الكتب والشعر وغيرها... بالإضافة إلى ذلك هناك سبعة مراكز متخصصة للمكتبة تم إنشاؤها للمخطوطات، توثيق التراث الحضارى والطبيعى، العلوم المعلوماتية، دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط، والبحوث العلمية والحوار. وتضم مكتبة الإسكندرية القبة السماوية وأيضا متحف للآثار، متحف للمخطوطات، متحف لتاريخ العلوم بالإضافة إلى المعارض الدائمة والمكتبات المتخصصة، وبرامج والمعارض العلمية للأطفال... عدد الكتب فى مكتبة الإسكندرية يزيد عن 5ر2 مليون كتاب بلغات متعددة وأرشيف الإنترنت يحتوى على أكثر من 15 بليون صفحة... كل هذا متاح لشباب مصر ولصناعة عقل مثقف ومستنير لمستقبل أفضل سلاما ورخاء... التنمية ثقافة، والثقافة تنمية.


 سراج الدين و الفقى


لا يمكن أن أنسى يوم احتفالية تسليم العلم والقيادة بين الدكتور/إسماعيل سراج الدين إلى الدكتور/مصطفى الفقى فى تبادل شرف تولى المسئولية لإدارة المكتبة... كان الاحتفال نموذجا للرقى الحضارى الإنسانى والثقافى والمهنى والعملى وكانت كلمات الجميع خاصة دكتور/مصطفى الفقى فى الإشادة بالدور الكبير للدكتور/إسماعيل سراج الدين تسعد القلب والعقل وتؤكد أن منارة الثقافة بإدارته يجب أن تكون أيضا منارة لمكارم الأخلاق والمحبة والوفاء. دور وعطاء الدكتور/إسماعيل سراج الدين فيما وصلت إليه المكتبة منذ افتتاحها وحتى تسليم العلم والإدارة يشيد به الجميع فى داخل مصر والعالم... ويتواصل عطاؤه العلمى والعملى من خلال مجلس الأمناء وعلى كافة الساحات الدولية... اسجل - بكل تقدير - السجل الكبير للدكتور/إسماعيل وأضم صوتى للدكتور القدير/مصطفى الفقى فى تقديره وأحيى فيه النبل والوفاء والتواصل فى إبداع والتحديث الذى نراه فى مكتبة الإسكندرية بإدارته... وأيضا أحيى د/مصطفى وفريق المكتبة - وأنا متحيز لهم جميعا - حبا وفخرا فيما رأيته وأحسست به فى المكتبة وأيضا على ناصية المكتبة من بهجة وابتسامة لشباب مصر الذى يزداد تنويرا وانفتاحا... القيادة شرف وفخر، وتواصل ووفاء واحترام... وبالتنوير تبنى العقول.


بينالى القاهرة


شكرًا للفن، وشكرًا للفنانين... مرة أخرى هذا العام يستوقفنى حدث فنى كبير ومتميز حيث عاد بينالى القاهرة فى إصداره الـ 13 إلى قاهرة المعز بعد توقف 8 سنوات. أشكر الفنانة الوزيرة/ إيناس عبد الدايم وقطاع المتاحف باسم كل المهتمين والمحبين للفن الراقى والفنون التشكيلية فى مصر والعالم على عودة البينالى بصورة متميزة ولقيادات قطاع المتاحف والبينالى ومنهم أ/خالد سرور (رئيس القطاع) وأ/ إيهاب اللبان (القوميسير العام للبينالى) وأ/داليا مصطفى وأ/محمد إبراهيم وغيرهم من كتيبة الفنون المتميزة للبينالى.
 بينالى القاهرة لعام 2019 هو لوحة فنية، أو عمل تشكيلى... هو عرض للتجارب التشكيلية والفنية العالمية من لوحات وأعمال قام بها 80 فناناً من 52 دولة كان منهم 14 دولة إفريقية... عنوان البينالى هذا العام هو «نحو الشرق»... البينالى أتاح للوسط الفنى المصرى الاطلاع على بعض مما يجرى فى العام والاحتكاك العالمى... هو أشبه بأوليمبياد للعالم وللفنانين الكل يتنافس فى الإبداع... ضيف الشرف هذا العام هو الفنان الفرنسى الكبير جيرار جاروست... وقد فاز بجوائز البينالى هذا العام كل من صادق الفراجى (العراق)، كيم هيتشيون (كوريا الجنوبية)، بريجيت كوفانس (النمسا)، أيمن يسرى (الأردن)، أحمد البدرى (مصر).


 البينالى هو ملتقى أيضا للحوار الفنى ولتغيير المفاهيم... هو ملتقى للجرأة والإقدام... هو ملتقى للتحريض على فتح العقول وعدم الانغلاق... هو ملتقى للجمال ولكل أطياف الإبداع والألوان والمواد والأدوات... هو ملتقى للشرق والغرب، والجنوب والشمال، هو ملتقى للشعوب كى تتعلم الفن والجمال والذوق الرفيع... هو ملتقى لكل ما هو إيجابى فى الحركة التشكيلية العالمية والإفريقية والعربية والمحلية... هو ملتقى للقوى الناعمة حيث شارك بالإضافة للفنانين 120 شخصية عالمية من المهتمين بالفنون... عاد كل منهم برسالة قوية بأن مصر تسترد عافيتها وأن فنانيها عادوا للمشاركة والمساهمة فى الفنون عالميا وجماليا وإبداعيا... هى رسالة لعودة مصر من الشرق إلى العالمية وعودة العالم والفنون إلى مصر الشرق... شكرًا للفن والإبداع... وشكرًا لأهل الفن والإبداع... وبالفنون تتقدم الأمم... وبالتنوير تبنى العقول.