يحدث فى مصر الآن..

احتيال

يوسف القعيد
يوسف القعيد

شاهدت الفيلم التوثيقى بالصدفة. بقناة نايل سينما. لكنه ومنذ عنوانه: احتيال. شدنى لمشاهدته. وربما كان عنوانه أقل تعبيراً عن الهول غير العادى الموجود فيه.
الفيلم عن الجحيم الذى يمثله من يعتقدون أنهم امتلكوا الدين. وأن سواهم يمكن تكفيرهم. وهو الابتلاء الذى نعانى منه منذ سنوات. ولا نعرف متى يمكن الخروج منه؟ ثمة لقطات توثيقية من الواقع وتواريخ مدونة مررنا بها. ومازلنا نذكرها. ثم شهادات لعدد من الباحثين الذين اهتموا بهذه الظاهرة رصداً ودراسة وتحليلاً.
مع حفظ الألقاب. نحن نستمع لسعيد صادق. وخالد عكاشة. وحافظ أبو سعدة. وسامح عيد، وآخرين. والبداية كانت من اعتصام رابعستان التى تمر ذكراه الكئيبة علينا. والرصد يبدأ من الجهاز السرى لجماعة الإخوان. وها نحن نرى أحد وجوههم يخطب فى رابعة ويقول إن العنف فى سيناء سيتوقف فوراً بمجرد عودة الحاكم المعزول للحكم.
هل هناك اعتراف أكثر من هذا؟! إنهم الذين يحركون عنف سيناء. وإنهم يمتلكون وقفه فى اللحظة المناسبة. وفق شروطهم المستحيلة. فالذى عزل من يتصورون أنه رئيسهم كان الشعب المصرى. من أسوان إلى الإسكندرية. مظاهرات مليونية لم ترها مصر من قبل. لم يكن لها مطلب سوى رحيل هذا الذى جيء به للحكم. ولا يعرف أحد كيف تم هذا؟.
يتضح أن لديهم ثلاثة أهداف أساسية: القضاء، الشرطة، والقوات المسلحة. وكلمة البدء فى الفيلم هى عملية اغتيال الشهيد هشام بركات. التى تمت فى وضح النهار أمام منزله فى مصر الجديدة. ثم وصلت بهم الوقاحة إلى ادعاء أن ابنته دونت على الإنترنت تبرأهم من الجريمة. مما دفعها للخروج وتكذيب ما يقولون.
توقف الفيلم طويلاً أمام الإجراءات القانونية. التى اتخذت ضد من اغتالوا هشام بركات. ومدة المحاكمة الطويلة والاعترافات بالصوت والصورة. والأدلة. وشهود الإثبات. وشهود النفى إن وجدوا. قضية واحدة استغرق التحقيق فيها سنوات تصل إلى الأربع. ومع ذلك يحاولون مواجهة الفعل الآثم بأكاذيب لا تصمد لحظة واحدة. وسلاحهم الإعلامى يقوم على: الاجتزاء، الحذف، الإضافة، المونتاج.
توقف الفيلم أمام قضية الاختفاء القسرى فى مصر. وهى لعبتهم التى يقومون بها. وقد أثبت الفيلم وجود بعض من يدعون أنهم اختفوا قسرياً. أى تم اختفاؤهم وإيداعهم السجون. وعثر صناع الفيلم على من يقال إنهم مختفون قسرياً. وسمعنا صوتهم يتكلمون وينفون الاختفاء. بعد الاختفاء القسرى. ثمة جزء عن سلب العقول. وآخر عن ادعاء المظلومية. إزالة الحقائق. القدرة الفريدة على الكذب رغم حالة التدين الظاهر.
بعد عرض الفيلم تواصلت مع الصديق ابن الصديق خالد عكاشة. عرفت منه أن الفيلم من إنتاج إعلام المصريين. وقد عبرت له عن دهشتى من مشاهدتى له صدفة. مثل هذا الفيلم كان لابد أن يقام له أكثر من عرض خاص. وأن يعرض فى دور عرض عادية للجمهور العادى. وأن تطبع عليه ترجمة وأن يعرض فى سفاراتنا فى الخارج. إنه عمل أكثر من ممتاز قام به إعلام المصريين. لكن المشكلة تكمن فى وصوله للناس. نحن أمام معركة الكلمة والمعتقد.
كتب الفيلم: شريف أسامة، ومحمود حجاج. وأخرجه: كريم الشامى. وأنتجه: إعلام المصريين بقيادة تامر مرسى.