«جنون الشهرة»| مشاهير «السخافات» يجتاحون «السوشيال ميديا» والفضائيات.. وهذه روشتة للعلاج

«جنون الشهرة»| مشاهير «السخافات» يجتاحون «السوشيال ميديا» والفضائيات
«جنون الشهرة»| مشاهير «السخافات» يجتاحون «السوشيال ميديا» والفضائيات

- «فرويز»: شخصيات «هيستيرية» تسعى للفت الأنظار.. ويشعرون بالدونية ونقص العاطفة

- «المرسي»: استضافة القنوات لهم «تسطيح» وغياب للقيم الإعلامية ونقل للأفكار الشاذة

- «عبدالله»: تسول افتراضي وكشف للخصوصيات.. و«اكتئاب التواصل الاجتماعي» أزمة

- الحلول.. توقف الجمهور عن المتابعة وعودة ماسبيرو وتسويق المؤسسات الثقافية والإعلامية

- الحبس 6 شهور والغرامة لتعريض طفل للخطر.. والسجن 5 سنوات لاستغلاله تجاريا

 

لم تكن واقعة اليوتيوبر أحمد حسن وزوجته زينب اللذان استغلا ابنتهما الرضيعة لغرض تجاري وجني الأرباح والشهرة، وتسويق «التفاهة» والسخافة لرواد «السوشيال ميديا»؛ الأولى من نوعها؛ بل سبقتها وقائع أخرى؛ كان أشهرها حمو بيكا ومجدي شطا، وسارة وكايا، وأيمن مصطفى الشهير بـ«عدو المرأة»، ورولين وضاح الشهيرة بـ«أبلة فراويلة»، وغيرهم الكثير.

 

لم تتعلق الظاهرة باللهث وراء الشهرة والربح المادي فقط، بل تسويق الانحدار الأخلاقي، وغياب الموهبة، والمبالغة لإضحاك الآخرين، وخلق صور لأنفسهم غير واقعية وحياة مزيفة، كتقديم أنفسهم بصورة منمقة جميلة، وبحجة التواصل مع الجماهير بلا حواجز اخترقوا خصوصية حياتهم فعرضوا منازلهم وغرفهم الخاصة وتحدثوا وهم على أسرّة النوم وبعد أخذ الحمام اليومي، وفي زياراتهم لمراكز التجميل وحتى داخل غرف العمليات!

 

المتزوجون منهم عرضوا حياتهم الزوجية كثنائيات يومية لزوج وزوجته، وبتأليف غريب وحكايات مملة فقط ليصبحوا حديثا للناس ويجذبوا عددا أكبر من المتابعين، الذين يحققون غاية هؤلاء بعمل المشاركات والمشاهدات وإرسال مقاطع الفيديو لتصل لكل بيت ويحاول تقليدها الصغار، ليتم تعليمهم الحماقة على أساس أنها اللغة العصرية للشباب، بدلا من نشر المثل والقيم العليا!

 

الأخطر من ذلك ما دأبت عليه برامج تلفزيونية يقدمها كبار الإعلاميين باستضافة أصحاب «التريندات» لتسطيح الجمهور وتغييب القيمة الإعلامية والهبوط بالذوق العام، وتعليم الأجيال الجديدة أن «التفاهة» في هذا الزمن هي ما تصنع الشهرة! ونقل الأفكار الشاذة واللهجات والأنماط السلوكية الغريبة على «السوشيال ميديا» لملايين المشاهدين في بيوتهم، لتتلقفهم بعد تلك الشهرة الكبيرة شركات الإعلانات لترويج سلع تعزز النزعة الاستهلاكية للمجتمعات، أو تقديم برامج على الفضائيات.

 

«جنون الشهرة» على «السوشيال ميديا»، تناقشه «بوابة أخبار اليوم» مع خبراء علم النفس والاجتماع والإعلام، لمحاولة فهم التحليل النفسي لهؤلاء، وخطورته استضافتهم على الفضائيات وتقديمهم للبرامج والإعلانات، وتأثيرات ذلك على المجتمع المصري، كما نطرح الحلول للخروج من مستنقع شهرة السخافات والتفاهة.

 

التشخيص النفسي.. والعلاج

في البداية يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن هؤلاء الباحثين عن الشهرة هم شخصيات «هستيرية» تبحث دائما عن الاهتمام والشهرة وتسعى للفت الأنظار لها، وجذب انتباه الناس دائما، ويعانون من فقدان قيمة الذات ويجدون السعادة في الحصول على إعجاب الآخرين، ويشبههم إلى حد كبير شخصين يقفون دائما خلف المذيع الذي ينقل وقائع صلاة الجمعة على التليفزيون، في محاولة منهم للظهور أمام عدسات الكاميرا، فأقصى حياة الباحثين عن الشهرة أن تعرفهم الناس وتشير لهم دائما، ولا يهدفون دائما للربح المادي والمكسب.

 

وتابع د. «فرويز»، أنه ظهرت حالات آخرى كشخص ظهر على التليفزيون في فيديو يردد «أنا بحبك يا هبة»، ورغم ظهور وهو يقوم بمعاكسة بنت وهي أمور تدعو للخجل وليس الفخر، ولكن ذلك لا يهم الشخصيات الهستيرية، بل الأهم لديها "أن الناس تعرفهم وتشاهدهم وتتحدث عنهم"، ولا يهمهم المثل والأخلاقيات.

 

وأكد أن هؤلاء الباحثين عن الشهرة لديهم شعور بالدونية مع نقص العاطفة، فيقوم بالتعويض بالظهور في فيديوهات بث مباشر في غرف النوم وبملابس مخلة وفي الشوارع بحثا عن «حمى» الشهرة.

 

واقترح استشاري الطب النفسي، أن يتوقف الجمهور عن مشاهدة هؤلاء وإرسال مقاطع الفيديو الخاصة بهم، وبالتالي لن يجدوا فائدة من وراء ما يفعلونه، ويتوقف الجمهور أيضا عن التعليق لهم ولو بالسب و«الشتيمة»، وبالنسبة لهم مجرد المشاهدة فهذا مكسب ويعتقدون أنهم على الطريق الصحيح.

 

وذكر أن السوشيال ميديا باتت تسوق للسخافات والتفاهة، والأزمة أن الأجيال الجديدة تتربي على أن التفاهة هي مصدر الشهرة وهي لغة العصر، ضاربا المثل بأن الفنان محمود شكوكو قال للأديب عباس العقاد: «تعالى ننزل التحرير وشوف الناس هتروح لمين؟ الناس هتروح لشكوكو ومش هتروح للعقاد!»، فالناس تبحث عن التفاهات، ولا يذهبوا لأصحاب القيمة، وهذا دليل على انحدار الثقافة ومشكلة في الهوية.

 

وأكد أن الحلول تكمن في رفع ثقافة المواطنين، ومسئولة عنها وزارات التربية والتعليم والثقافة والهيئة الوطنية للإعلام، وبصورة ممنهجة بعيدا عن العشوائية، ويجب وضع الضوابط العلمية.

 

قنوات تنشر السطحية.. والبديل «ماسبيرو»

أما الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فيقول: «للأسف خلال الفترة الأخيرة تقوم برامج على الفضائيات باستضافة أصحاب التريندات والباحثين عن الشهرة على السوشيال ميديا، وتتجه تلك القنوات للسطحية والتفاهة والسعي للحصول على أعلى نسب مشاهدة دون النظر لقيمة ما تقدمه على الشاشة، وكل ذلك يؤثر سلبا على المجتمع».

 

وتابع د. «المرسي»، حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن الأخطر من ذلك هو نقل الأفكار الشاذة والمتطرفة وضد عادات وتقاليد المجتمع، ويدعو لها بعض المتطرفين من الشباب، وفتاوى ما أنزل بها من سلطان، وإذا تابع هؤلاء حوالي 15 ألفا أو قاموا بالتعليق لهم، تستضيفهم القنوات فيتابعهم 15 مليونا! .. وبالتالي نتجه نحو السطحية والتغييب للشباب والمجتمع، مضيفا أن سبب ذلك الرغبة الشديدة من البرامج للحصول على أعلى نسب مشاهدة.

 

واستطرد، أننا ليس بالإمكان سؤال القنوات لماذا تلقي الضوء على هذا الموضوع أو القضية وتترك ما باقي المشكلات والقضايا، والقنوات لا تبحث عن القيمة الإعلامية ومدى تأثير الموضوع وأهميته، وذلك بسبب غياب وعي القائمين على الإعلام بأهمية الإعلام في التوعية والتنوير، ولا يشغل بالهم الرسالة الإعلامية إنما الحصول على الإعلانات ونسب المشاهدة العالية.

 

وأوضح الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن القنوات عليها أن تعمل للتثقيف والتنوير والخدمة العامة والتوعية، مؤكدا على ضرورة دعم ماسبيرو لأنه لن يلتفت لمثل هذه التفاهات في برامجه كما يحدث في بعض القنوات الخاصة.

 

ولفت د. «المرسي» إلى أن مشاهير «السوشيال ميديا» تستعين به الفضائيات لتقديم برامج مثل باسم يوسف، كما تسعى لهم شركات الإعلانات لتسويق منتجاتهم والوصول للجمهور، مشيرا إلى أن القيم في الإعلان شبه غائبة، فالمنظومة كلها يغيب عنها الهدف والرسالة وتتجه للسطحية سواء في الإعلام أو الإعلان.

 

وشدد على ضرورة توفير نظام تعليمي جيد ووسائل إعلام تقليدية (تلفزيون وصحف وإذاعات) تقوم بالتنوير والتوعية لبناء إنسان يستطيع التعامل مع «السوشيال ميديا» بوعي، متسائلا عن دور وزارة الثقافة والهيئة العام للكتاب وقصور الثقافة.

 

وطالب وسائل الإعلام التقليدية كالصحف والقنوات والإذاعات بالتواجد بقوة على «السوشيال ميديا» للوصول للشباب وعمل صفحات قوية وقنوات على «يوتيوب» والتسويق الجيد لها، منوها على أن كل المؤسسات العامة (الدينية والتعليمية والثقافية والأمنية) يجب أن تتواجد بصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وخطاب قوي يتواصل مع الشباب حتى لا تخلي الساحة للسطحية المنتشرة.

 

كشف للخصوصية وتسول افتراضي

من جانبها، أكدت د. إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أن السوشيال ميديا أصبحت ساحة للباحثين عن الشهرة، ويصدر عنهم سلوكيات تصدم المجتمع من خلال مقاطع فيديو جريئة أو تصرفات غريبة تخلع ثوب العفة والخصوصية والاحترام والقيم، منوهة على أنهم يسعون للتقليد الأعمى للغرب كنوع من التحضر والتحرر والاستقلالية، موضحة أن معظم أصحاب النفوس المريضة تعلقت بجنون الشهرة.

 

وتابعت د. «عبدالله» حديثها، قائلة: «بعض هؤلاء الباحثين عن شهرة تعرضوا للقسوة الزائدة والحرمان من العطف والحنان والحرمان المادي أثناء التربية أو التدليل الزائد، وحرموا من غرس الأخلاق والتربية الدينية»، مضيفة أنهم عندما يكبرون يمارسون الفن الفارغ بدون موهبة أو بدون علم، ويجدوا الملاذ في السوشيال ميديا لأنها غير مكلفة وسريعة الانتشار فيفوزون بالظهور لتحقيق ذاتهم حتى لو بطريقة غير سوية لتعويض النقص لديهم.

 

وأوضحت أن هناك من يريد الشهرة لكسب المال، ومنهم من يرغبون في التميز عن الآخرين نتيجة لعقد النقص، وهذا ما أكده عالم النفس "ادلر"  أن الحرمان من العطف والحنان من قبل الوالدين يحفز الأشخاص للبحث عن إكمال النقص عن طريق بث مقاطع مخلة أو فن ملوث عقيم.

 

واستطردت أن من فقدوا الثقة الأسرية وكذلك ثقة المجتمع إلى جانب غياب الرقابة الأسرية للناشئين وغياب الحوار الأسرى يكونون أكثر من يفعل ذلك، بالإضافة لعدم الإقبال على المواقع الهادفة والثقافية، منوهة على ان الفراغ وغياب فرص العمل والبطالة أحد الأسباب الهامة.

 

وأشارت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أن هناك شريحة كبيرة على السوشيال ميديا لديها إعجاب بنفسها وتفتخر بذاتها وتقوم بفيديوهات هزلية لا قيمة لها تستحوذ على عقول المراهقين دونما سعي من المتابعين لمشاهدة وتشجيع الفن الراقي.

 

وأكدت أن هناك أسر تشجع أطفالها على الظهور والشهرة عبر السوشيال ميديا بشكل يهدم حياء الطفولة من خلال القيام برقصات وحركات غير أخلاقية ولا تتناسب مع سنهم ونموهم النفسي، وبات الأطفال ينتهكون الخصوصية ويقارنون أنفسهم بمن هم أعلى في المستوى الاقتصادي والرفاهية والسفر والملابس وغيرها.

 

ووصفت «عبدالله»، السوشيال ميديا بوسيلة للتسول الافتراضي وكسب المال عن طريق تقديم التفاهة أو خداع المتابعين بالمثالية فهم أصحاب سطو على العقول والقلوب، منوهة على أن هؤلاء ينجرفون وراء الشهرة التي تجلب السعادة والمال مقلدين الفنانين دونما نظر لما بذلوه من مجهود كي يحصدوا الربح والشهرة.

 

وأشارت إلى أن هناك دراسة أثبتت أن اكتئاب التواصل الاجتماعي يتأثر به 50% من المستخدمين، وهناك المحبطون نفسيا ممن يميلون للعزلة والانسحاب من الواقع والانغلاق على أنفسهم ويستخدمون السوشيال ميديا بديلا للتفاعل الواقعي، منوهة على أن كثيرون جنوا أرباح ضخمة من الكسب على السوشيال ميديا فيما يعرف بـ«النجوم الرقميين» وهم ما يعدون لقدوة لكثير من الشباب ويسعون لتقليدهم.

 

وأكدت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أن الرجوع للدين والتمسك بالأخلاق والجهد في العمل وتوعية الأسرة بمخاطر السوشيال ميديا، وكذا تفعيل التوعية الإعلامية وزرع الثقة في النفوس واكتشاف المواهب الحقيقية وتقديم فن حقيقي.

 

عقوبات القانون لاستغلال الأطفال

ويواجه أحمد حسن وزوجته زينب، الذين استغلا ابنتهما الرضيعة لغرض تجاري وتحقيق الربح، بعدما تمت إحالتهما للنيابة، تلك العقوبات:

- تعريض الطفلة للخطر وفقاً للمادتين (96 و99 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008) وعقوبتها الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تجاوز 5 آلاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.

- يعاقب الزوجان بنص المادة 291 من قانون العقوبات والتي تنص على أن يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 200 ألف جنيه كل من باع طفلا أو اشتراه أو عرضه للبيع، وكذلك كل من سلمه أو تسلمه أو نقله باعتباره رقيقا، أو استغله جنسيا أو تجاريا، أو استخدمه في العمل القسري.