لصوص «ضيوف الرحمن»| شركات تبيع تأشيرات «وهمية» للمواطنين..و«السياحة» تحذر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

- أحلام الحجاج تنتهى بضياع حلم العمر والترحيل
- مدرسة تتدخر مرتبها 10 أعوام.. وينصب عليها بـ 100 ألف جنيه.. وتلجأ للمحاكم
- بنت القليوبية تسلم أمها وخالتها لمحتالى «السوشيال ميديا» بسبب رسالة «حج ووفر النص»


نصابون باسم الدين.. مافيا يستغلون أحلام وأمنيات المواطنين فى أداء فريضة الحج.. يحققون مكاسب خيالية..ييبعون «تأشيرات وهمية» يخدعون المواطنين للاستيلاء على أموالهم ، ولعل خبر ترحيل 300 مصرى بسبب التأشيرات المزيفة التى حصلوا عليها لأداء مناسك الحج ، فجر القضية ، ودق ناقوس الخطر ، تجاه نصابى الحج ، ومافيا السماسرة والشركات الوهمية التى تتلاعب بعقول وقلوب المواطنين.

 

«الأخبار» ناقشت القضية وسلطت الضوء على أبرز الحيل التى يستخدمها السماسرة للإيقاع بضحاياهم ممن يرغبون فى أداء الفريضة المقدسة ، واستطلعت آراء المختصين وخبراء السياحة والعاملين فى هذا المجال..وتقدم نصائح للمواطنين حتى لا يقعوا فريسة لنصابى ومافيا الحج.


افترشوا أرضيات مطار جدة بالمملكة العربية السعودية، سيدات مسنات يبدو على ملامحهن الحزن ورجال تشققت ملامح وجوههم همًا بعد أن اكتشفوا ضياع «تحويشة العمر»، التيه يملأ العيون وكذلك حقائبهم التى استندوا عليها منتظرين قرار ترحيلهم إلى مصر من جديد دون أن يؤدوا مناسك العمرة التى وعدهم بها سماسرة وشركات سياحة واتضح أنها وعود وهمية وأن النصب أصبح أيضًا يدخل فى أداء شعائر الله وانعدام الضمير وصل للحد الذى يقتل أحلام البسطاء ورغبتهم فى زيارة بيت الله الحرام، فكانت التأشيرات الوهمية سلاحًا تملكه الراغبون فى تحقيق ارباح على حساب البسطاء، فمسلسل النصب فى موسم الحج لا ينتهى وبات الحلم كل عام هو «حج بلا تزوير».


السمسار الهارب
بعد أن بات الحج هو حلم حياتها الذى سعت للوصول إليه، وكانت تدخر كل مبلغ مالى من أجل السفر ضاع الحلم وتبدل بالدموع والحسرة، هذا ما ترويه أميرة صقر، تعمل معلمة بإحدى المدارس الدولية بمحافظة الإسكندرية، بأن شقيقتها تم النصب عليها فى مبلغ 100 ألف جنيه بعدما ظلت تدخر مرتبها أكثر من 10 أعوام من قبل سمسار أوهمها بأنه سيعطيها تأشيرة للحج وأنه يعمل باحدى الشركات السياحية الكبرى، وبعد أن تقاضى المبلغ اختفى.


بدأت شقيقتها فى محاولات مستمرة لمقاضاة «يوسف. ف» من منطقة النزهة وبالفعل قامت بتحرير محضر ضده – حصلت «الأخبار» على صورة من بطاقته الشخصية وصورة من المحضر- لتكتشف أنه تم الحكم عليه بأكثر من 19 حكما فى قضايا نصب مشابهة وأنه هارب منها جميعًا ويستمر فى النصب على الراغبين فى زيارة بيت الله الحرام باسم الدين.


«احنا محتاجين نوصله وعايزين ننبه غيرنا ياخدوا بالهم ميدفعوش فلوس إلا فى مكان موثوق منه ويسألوا عليه قبل أى خطوة وحسبى الله ونعم الوكيل فى الاستغلال» هكذا أنهت أميرة حديثها مؤكدة أن معدومى الضمير أصبحوا يستغلون حتى حاجة الناس لزيارة بيت الله وأحلامهم فى قضاء ركن من أركان الإسلام، وكذلك مع ارتفاع اسعار رحلات الحج والعمرة أصبحت أسهل وسيلة للنصب واللعب على أحلام الحجاج.


مسابقات الإنترنت
رسائل إلكترونية ترسلها بعض شركات السياحة الوهمية إلى بعض مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى أبرزها فيس بوك، حيث تخبر العميل بجميع التسهيلات ومبالغ أقل من المتعارف عليها للحصول على تأشيرة الحج وتسهيل التنقل والإقامة، وبالطبع يسرع الراغبون فى قضاء فرض الله للسؤال عن طريقة الدفع والحصول على التأشيرة ولكن سرعان ما يكتشف أن هذا كله «وهم»، وهذا ما حدث مع أسماء الجندى، من محافظة القليوبية والتى تم النصب على والدتها وخالتها من خلال سمسار يدعى» أحمد فرج» يعمل بإحدى الشركات السياحية بالمحافظة، فى مبلغ 50 ألف جنيه.


تروى أسماء أن والدتها وجدت الرسالة على حسابها الشخصى على «فيس بوك» وحاولت الاستفسار فكان الرد من السمسار أنه يمكن دفع 50 ألف جنيه وتقسيط باقى مبلغ التأشيرة والذى يبلغ 100 ألف جنيه على مدة عامين، وبالفعل سارعت بدفع المبلغ للسمسار باعتبار أن هذا تسهيل «فرصة» إلا أنها فوجئت باختفائه وعدم ظهوره فيما بعد وعدم حصولها على التأشيرة وعلمت ايضًا نصبه على العديد من اهالى المحافظة وأنه أصبح لديه شقة فخمة فى برج سكنى بالقاهرة بعدما كان يسكن غرفة بالإيجار فى قرية بالمحافظة.


بعد أن بدأ العمل بتأشيرة «الفعالية»، فى أول مارس الماضى من قبل المملكة العربية السعودية، تم ايضًا استغلالها فى النصب على الراغبين فى الحج، حيث إن هذه التأشيرة مخصصة لحضور الفعاليات المقامة داخل الأراضى السعودية، وتسمح التأشيرة لحاملها بدخول مناطق محددة والتحرك فيها بشكل حر، وذلك إلى جانب الدخول والاستمتاع بالفعالية، وكذلك خلال إقامة فعاليات الحدث وقبله وبعده بفترة محددة حسب مدة التأشيرة أو الحدث نفسه، إلا أن شركات النصب السياحية استغلت تلك التأشيرة لجمع الأموال من البسطاء حيث إن سعر هذه التأشيرة أرخص من سعر تأشيرة الحج فتعمل على إيهامهم بأنها مخصصة للحج ولكن هذا ما يكتشفه الحجاج فى المطار وأنهم غير مسموح لهم بدخول مكة والمدينة وأنها لحضور احتفال.


تأشيرة الفعاليات
لم يكن الحاج محمد حسن، من محافظة الغربية، يدرك الفارق بين تأشيرة الفعالية وتأشيرة الحج، وذلك حين أقنعه أحد السماسرة أنه يمكن أن يمنحه تأشيرة أرخص فى السعر وأسرع فى انهاء الإجراءات، وعندما أكد عليه انها لا يوجد بها أى مشكلة وأن التأشيرة سليمة 100%.


«إحنا بنعرف نخلص التأشيرات دى أرخص وأسرع من ناس حبايبنا فى السعودية متحملش هم يا حاج».. هكذا أكد السمسار للحاج محمد وبالفعل أعطاه التأشيرة التى اكتشف فيما بعد أنها تأشيرة فعاليات، ولكن كان ذلك قبل السفر إلى السعودية حين اخبره احد اقاربه «كنت بوريها لقريبى وأنا فرحان وبقوله شوف الورق خلص فقالى إن دى مش للحج» بنبرة يعتريها الحزن أكد الحاج محمد أنه حاول التواصل مع السمسار إلا انه فوجئ بإغلاقه هاتفه وأنه لا يعلم شيئًا عنه.


السيناريو ذاته تكرر مرة اخرى مع الحاجة سميرة إبراهيم، من محافظة كفر شيخ، والتى حصلت هى الأخرى على تأشيرة زيارة عائلية، بحسب ما أخبرها السمسار الذى تعاقدت معه بعد ان دفعت أكثر من 86 الف جنيه، وأنه أخبرها بأن هذه التأشيرة وبعد دخول الأراضى السعودية سينسق مع احد العاملين هناك بالشركة السياحية التابع اليها من اجل دخول مكة، وبالفعل سافرت على أنها تأشيرة رسمية ولا يوجد بها أى مشكلة، ولكنها تم احتجازها بمطار جدة بعد منعها مع بقية الحجاج المصريين الذين تم النصب عليهم بنفس الطريقة ليبيتوا فى المطار لحين ترحيلهم لمصر مرة أخرى.


صدرت تأشيرة الحاجة سميرة بتاريخ 3 يوليو 2019 على أن تكون صالحة للسفر حتى يوم 21 يوليو 2019، وعلى الرغم من تحذيرات أسرتها من هذه التأشيرة والشك فى النصب إلا أنها قررت خوض التجربة لأن هذا المبلغ يشمل الإقامة فى فندقين بالمدينة المنورة ومكة المكرمة وكذلك التنقلات وتذاكر السفر وذلك بعدما لم يتم قبول اسمها فى القرعة التى تجرى كل عام.


يذكر أن سلطات المطار قامت باستقبال الركاب العائدين من السعودية وعددهم 300 شخص بمبنى الركاب 2 بالمطار، وأجرت تحقيقات موسعة معهم لمعرفة الشركات التى قامت بحجز التأشيرات وتذاكر الرحلات الخاصة بهم، كما تم منع سفر عدد من الركاب بالمطار بنفس التأشيرات، وذلك عقب إبلاغ السلطات السعودية لشركات الطيران بوقف العمل بهذه التأشيرة خلال موسم الحج.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي