«السد العالي».. رحلة كفاح خلدها التاريخ 

السد العالي
السد العالي

ستبقى ذكرى ثورة يوليو خالدة، ليس فقط بأفعال وتحركات ضباطها الأحرار، ولكن بالمشروعات القومية التى ولدت من رحمها، والتي يأتي على رأسها، السد العالي الذي بقى على مدار 47 عامًا منذ افتتاحه في منتصف يناير 1971، شاهدًا على «كفاح المصريين»، الذين واجهوا الصعاب، للسير في دروب التنمية والازدهار، لتتعالى أصواتهم في نهاية المطاف، مرددين نغمات النصر: «قلنا هانبني وإدينا بانينا السد العالي».

بعد ثورة 23 يوليو وخروج مصر من حقبة الظلام والفساد السياسي والأخلاقي عملت مصر والثورة على إعادة إحياء نفسها من جديد وعلى التطوير الدءوب في كل مجالات ونواحي الحياة السياسية والاقتصادية، جاء فى مقدمة تلك المشاريع التطويرية مشروع بناء السد العالي التي اعتبرته الثورة في مقدمة مهامها لتحقيق التنمية الزراعية لتحقيق الرخاء، بعد توفير مياه الفيضان التي كانت تلقى دون التمكن من استعمالها، وبذلك يمكن زيادة الرقعة الزراعية المحدودة بالإضافة إلى تفادى الجفاف وتوليد الطاقة الكهربائية لاستخدامها في التصنيع الوطني وتطوير البلد من وطن زراعي إلى بلد صناعي وأمنت الثورة فى السنين الأولى بتكليف الخبراء الألمان بإعداد الدراسات عن المشروع وظهرت من الدراسة مشكلة التمويل لضخامتها ولكن تصميم مصر على بناء السد العالي لما ينتج عنه من فوائد اقتصادية لم يثنيها عن محاولة التوصل الى اتفاق وذلك حفظا لمصالح الشعب المستقبلة، فقد كان ذلك أول مشروع بعيد المدى في مصر.
والسد العالي يعتبر أعظم وأكبر مشروع هندسي فى القرن العشرين من الناحية المعمارية والهندسية متفوقا في ذلك على مشاريع عالمية عملاقة أخرى والذي أقيم لحماية مصر من الفيضانات العالية التي كانت تفيض على البلاد وتغرق مساحات واسعة فيها أو تضيع هدراً فى البحر المتوسط.‏. كما يُعد السد العالي من أهم المشروعات الهندسية التي نفذتها ثورة 23 يوليو واتخذت محافظة أسوان هذا التاريخ عيدًا قوميًا لها وسيشهد العام الحالي افتتاح المتحف المفتوح، الذي تم إنشاؤه لأول مرة أمام «رمز الصداقة المصرية السوفيتية» بمنطقة السد العالى، ويضم بين مقتنياته سيارة ماركة شيفروليه موديل 1958، كان يستقلها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، خلال زياراته المتعددة لمتابعة المراحل التحضيرية لإنشاء السد، بالإضافة إلى مجموعة من المعدات الثقيلة التي استخدمت فى عملية البناء.

يعتبر السد العالى رمزا خالدا لعظمة مصر على مر العصور. وهو أهم إنجازات عهد عبد الناصر والمشروع الذى يختصر طبيعة ذلك العهد، وقد تم تكريمه عالميا باختياره كأعظم مشروع بنية أساسية في العالم بالقرن العشرين وبالتالي في التاريخ لأن التقدم العلمي والتقني في ذلك القرن، سمح بإقامة مشروعات لم يكن الإنسان يحلم أو يتصور إقامتها قبله.
 وجاء في حيثيات اختيار السد العالي كأعظم مشروع بنية أساسية في العالم في القرن العشرين، أنه عمل إنشائي وهندسي عالمي أحدث تغييرات إيجابية كبيرة في حياة شعب بأكمله.