حكايات| سر الغاز.. كيف تنقل مصر مومياوات ملوكها «دون خدش»؟

المومياوات الملكية في متحف التحرير
المومياوات الملكية في متحف التحرير

يستعد المتحف المصري بالتحرير لنقل 22 مومياء ملكية منهم 18 ملكًا و4 ملكات، من قاعة المومياوات الملكية إلى المتحف القومي للحضارة في موكب مهيب يليق بملوك مصر على مر العصور. 

 

الموكب الملكي المعد للانطلاق لا يقدر بثمن، فملوك وملكات مصر المومياوات شهود على عصر ور متعاقبة من الازدهار، فكيف يمكن نقلهم بطريق تليق بمكانتهم دون أدنى ضرر قد يلحق بيهم؟ 

 

«وضع المومياوات الملكية وطريقة حفظها»

 

تستقر المومياوات الملكية الآن في قاعتها بالمتحف المصري بالتحرير، في انتظار العُرس الكبير لكي تستقر في مكانها الجديد بمتحف الحضارة، ولكن لكي يتم هذا العرس دون خسائر مادية في المومياوات، لابد من اتباع بعض الخطوات في طريقة حفظها قبل وأثناء وبعد النقل، وهذا ما أوضحه الدكتور مؤمن عثمان، مدير إدارة الترميم بالمتحف المصري بالتحرير، قائلاً: «إن المومياوات حالياً محفوظة في فتارين خالية من الأكسجين للحفاظ عليها، جاءت من ألمانيا في عام 2008 – 2009».

 

وتعمل فتارين حفظ المومياوات بنظام الـ "dynamic system"، بمعنى أنه يتم إدخال غاز النيتروجين داخل الفتارين لمدة 24 ساعة للتحكم في درجة الحرارة والرطوبة لتصبح من 18 إلى 22 درجة مئوية كدرجة حرارة، ومن 35 إلى 45 درجة الرطوبة النسبية، لكي يصبح الغلاف الموجود داخل الفتارين أشبه بالغلاف الجوي الذي لا يسمح بنمو حشري يحدث بداخله وتصبح المومياء آمنة تماما من التغيرات الجوية التي تعمل على تحللها.

اقرأ للمحرر أيضًا: ماركة «أحلام سعيدة».. الأفيون يقود الفراعنة لانتصارات مذهلة


«نقل المومياوات» 


وتحرص وزارة الآثار على أمرين مهمين في عملية نقل المومياوات، الأول «حركة المومياء» أي كيف يتم نقل المومياء بشكل آمن من مكانها إلى داخل الصندوق التي يتم نقلها به، إلى متحف الحضارة، وأن تكون المومياء آمنة لأنها عبارة عن جسد وجلد مومياوات ليس جسم بشري به مرونة ، حيث أنها تكون هشة وضعيفة لذا لابد أن تكون حركة نقلها بلا اهتزازات للحفاظ عليها نظرا لعدم احتواءها على ألياف كتانية لذا تصبح أكثر عرضة للتلف. 


وأكد «مؤمن» أن الحركة تكون منضبطة تماما من خلال «شرايط عريضة» بمادة «سوفت» حتى لا يحدث لها أي صدمة أو احتكاك وسيتم وضع هذه الشرايط تحت المومياء من منطقة الكتف والوسط والقدمين ، ليتم نقلها بشكل محمك ولن توضع الشرايط عند منطقة بها حركة مثل المرفق لأنها تعرضها للكسر والتلف، وبعد ذلك يتم تحريكها على حامل من الألمونيوم وهو سبيكة أمريكية تسمى سبيكة 650 من معدن خامل لا يحدث منها أي إنبعاثات إلى المومياء التي تضر بها.

وأضاف أنه يتم وضع المومياء على الحامل وسيأخذ الحامل شكل المومياء وبعد ذلك يتم وضع كبسولة فقاعات "بابلز" من النيتروجين لحفظ المومياء، ويتم وضع المومياء المغلفة بالكتان داخل كبسولة النيتروجين حتى تصل لنسبة 0.2 للتأكد أنها خالية تماما من الأكسجين ومعبئة تماما بالنيتروجين، ويتم وضع كبسولة أخرى منتفخة لضبط درجة الحرارة والرطوبة داخل الصندوق ويتم عملية التغليف داخل الصندوق لضمان ثبات درجة الحرارة والرطوبة ونسبة النيتروجين والأكسجين وضمان ثبات المومياء أثناء التحريك وتتم اختيار المواد التي تستخدم لحفظ المومياوات لتكون خالية تماما من أي مواد كيميائية حتى لا تتفاعل مع المومياء إلى أن تصل بشكل نهائي في متحف الحضارة ويتم دخولها إلى فتارين العرض من جديد في جو خالي من الأكسجين مثل فتارين النقل التي وصلت بها.

 

اقرأ للمحرر أيضًا: الفراعنة والأسماك.. مزارع وتصدير و«جلسات كهربا»


«تمهيد الطريق للنقل»


وتتعامل وزارة الآثار منذ بداية قرار نقل المومياوات الملكية أيضاً إلى تمهيد الطريق من المتحف المصري بالتحرير إلى متحف الحضارة، لكي يصبح خالي من الاهتزازات، وتم أيضا وضع أجهزة بالسيارات الناقلة تمنع وصول أي اهتزازات للمومياء، وسيتم السير على سرعة 30 ليس أكثر، لأن مصر تشهد حدث تاريخي لأول مرة في تاريخ مصر القديم والحديث يتم نقل مومياوات ملوك مصر، فهذا حدث عالمي لم يحدث من قبل.