حكايات| يخلق من الشبه أربعين.. لماذا يتشابه التوائم والأقزام وبعض البشر؟

يخلق من الشبه أربعين.. لماذا يتشابه التوائم والأقزام وبعض البشر؟
يخلق من الشبه أربعين.. لماذا يتشابه التوائم والأقزام وبعض البشر؟

ربما يتعجب شخص من إمعانك النظر في وجهه «هو ولا لأ؟»، قبل أن تتدارك نظراته الغاضبة بابتسامة: «معلش يخلق من الشبه أربعين».. تاريخيًا وثقافيًا ليس المقصود بكلمة «أربعين» الرقم «40»؛ بل إنها كلمة فارسية تشير إلى الكثرة، وأخذها العرب ليتم تداولها كرقم في هذا المثل الشعبي.


ومن واقع تلك الكلمة، استخدمها العرب في مجموعة أخرى من الأمثال الشعبية الدالة على المبالغة، مثل: «الجار حتى البيت الأربعين»، و«عيار الشبع في الطعام 40 لقمة»، فتحول من لفظ المبالغة إلى الرقم نفسه.


5 مشبهين بـ «النبي محمد»


صحيح أن صلة القرابة لعبت دورًا في وجود أشخاص يحملون نفس ملامح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن هناك اثنين آخرين حملا شبها للرسول الكريم دون ذكر صلة قرابة.


ومما روي أن نبي الله «إبراهيم»، كان يشبه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وربما يكون ذلك منطقيًا فنسل النبي يعود إلى نبي الله إبراهيم، ثم الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو حفيد الرسول «ص» وأمه السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وكان يُشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس.


أما الرابع فكان الصحابي «مصعب بن عُمير»، حتى أنه سقط شهيدًا يوم غزوة أُحد؛ إذ قتله ابن قمئة، ظنًا منه أنه الرسول صلى الله عليه وسلم.


وأخيرًا «كابس بن ربيعة بن مالك»؛ وتتحدث روايات تاريخية عن أن أهل البصرة كتبوا إلى الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بأن الناس فتنوا برجل يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكتب معاوية إلى عامله على البصرة أن يوفده إليه، فأرسل «كابس»، فلما دخل إلى معاوية، قام إليه وقبل بين عينيه، إكرامًا له لشبهه بـ«النبي محمد».


«الدكتور مبروك عطية - عميد كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر فرع سوهاج»، يعلق على رؤية الشرع لمبدأ تشابه البشر شكلا، بقوله: «إن تحقُق الشبه موجود أولا بصفة عامة، فالله خلقنا جميعًا من آدم وإن اختلفنا طولا وقصرًا ولونًا»، مستشهدًا بالآية الكريمة: «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ».


لكن من الثابت بنص الحديث الشريف؛ حيث حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رحلته ليلة الإسراء والمعراج، وذكر النبيين وبعضًا من أهل النار، ولا شك في أنهم من الكفرة الفجرة وخص منهم رجلا كان أول من أدخل الأصنام إلى مكة، واسمه عمرو وقال: هو أشبه ما يكون بدحية الكلبي، والذي كان معروفًا بأنه جميل الوجه، وكان صحابيًا كريمًا ففزع (دحية)، وقال: أيضرني شبهه يا رسول الله؟، فأجابه النبي: لا.. أنت مؤمن وهو كافر»، بحسب ما ذكره الدكتور مبروك.


ويرى الدكتور مبروك فيما تحدث به إثبات على وجود شبه بين المسلمين وغيرهم في الشكل، لكن يظل الاختلاف في مضمون الإيمان، ولعل هذا الشبه يسوق معنى جميلا في أن يرى كل إنسان أخاه وكأنه نفسه فيرفق به ويعطف عليه ويرحمه ويعينه؛ لأن الجميع من نفس واحدة.


جريمة بـ«اسم الشبه»


17 عامًا سجنًا، دفعها «ريتشارد أنتوني جونز – أحد سكان الولايات المتحدة الأمريكية» من عمره، والسبب جريمة لم يرتكبها، حيث أدين عام 1999 بجريمة سرقة، وفي تفاصيلها: «انتزع هاتفا محمولا من يد امرأة في مرآب سيارات متجر ثم فر هاربًا».


ومع مقاومة السيدة الضحية لهذا المجرم، آنذاك، سقطت أرضًا وكسرت ركبتيها، ولذلك، تلقى المتهم حكما مشددا، لأنه لم يسرق فقط بل وألحق أذى جسديا بالضحية.

 


حينها كان جونز، وقت ارتكاب الجريمة، في حفل بمناسبة عيد ميلاد صديقته، حيث شاهده عدة أشخاص هناك؛ لكن شهود العيان للجريمة أكدوا أنه هو الجاني أمام المحكمة.


لكن بعد سنوات، لجأ «جونز» إلى نشطاء حقوق الإنسان، الذين اكتشفوا أن شبيهًا له هو المرتكب الحقيقي للجريمة، وعثروا بالفعل عليه وتبين أن اسمه «ريكي لي آموس»، ويعيش بالقرب من منزل جونز ومسرح الجريمة أيضا، بحسب موقع «CNN» الإخباري، ليتلقى تعويضا قدره 1.1 مليون دولار عن قضائه 17 عاما في السجن بسبب جريمة لم يرتكبها.


30 ألف جين 


في استعراضها العلمي لمثل هذا التشابه، تحدثت الدكتورة هدى العاصي مدرس الوراثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، عن أن جينات البشر بشكل عام متشاركة؛ إذ إنها تعود في النهاية إلى مصدر واحد «آدم وحواء».


ومع وجود نحو 30 ألف جين بشري تم التوصل إليها حتى الآن، وهذا العدد قابل للزيادة مع الاكتشافات الجينية الجديدة، يمكن جدًا أن يكون للأجداد المشتركين دور في وقوع حالات تشابه بين إنسان وآخر حتى ولو كان في قارة أخرى.


وتؤكد الدكتورة هدى أن كثيرًا من الاكتشافات لا تزال تزيح الستار عن النقاط المبهمة في «DNA»، وبطبيعة الحال لكل منها وظيفتها المحددة. وضربت مثالا على نفسها، بقولها: «كثيرون من زملائي وحتى أبنائي يشبهونني بالفنانة سوسن بدر».

 


عربيًا ترى مدرس الوراثة بطب الإسكندرية في زواج الأقارب، وانفتاح القبائل العربية على بعضها عبر آلاف السنوات، قد يكون له دور كبير في الأمر نفسه، موضحة أن تنفيذ خريطة واسعة لشجر العائلات في المنطقة يمكنه الكشف عن مفاجآت ترتبط بجذور كثير من المواطنين العرب.


غير أن «العاصي» تختص بالأخوات التوأم، أصحاب الشبه الواحد، في الشبه التام جينيًا، وبطبيعة الحال شكلا أيضًا؛ إذ لا يفرق العلم بينهما؛ لأنهما ببساطة خرجا من «نفس البويضة والحيوان المنوي»، وهنا تؤكد أنه في حال ارتكاب أي منهما جريمة لا يمكن على الإطلاق الاستناد إلى «DNA» للتوصل إلى الجاني.

 


ولعل وجود مصر في قلب خريطة العالم، باتت ملتقى وخليطًا لشعوب الأرض، وهنا تقول الدكتور هدى: «الشعب المصري مختلف عن شعوب العالم كله»، وفي حال تم وضع خريطة لجينات المصريين سيتم الكشف عن كثير من المفاجآت المرتبطة بالجذور.


الأقزام.. حالة خاصة


قبل أيام من نهاية الجزء الثامن والأخير من مسلسل صراع العروش «GAME OF THRONES»، فوجئ العالم بنادل في أحد مطاعم مدينة روالبندي الباكستانية، يُدعى «روضي خان» نسخة طبق الأصل من الممثل الأمريكي بيتر دينكليج، ممثل شخصية تيريون لانستر في المسلسل.


صحيح أن «خان - 26 عامًا» لم يعلم شيئًا عن «دينكليج»، إلا أنه بمجرد تصدر صورته لأغلفة الصحف العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي، انقلبت حياته رأسًا على عقب من مجرد عامل في أحد المطاعم إلى واحد من مشاهير الكوكب.

 


فالشبه لا يقتصر على ملامح الوجه فقط، لكن كلا من الرجلين يبلغ طوله أيضا 135 سنتيمترًا، إذن أين السر؟.. الإجابة في كلمات الدكتورة هدى العاصي مدرس الوراثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، والتي لخصتها في كلمتين: «FGFR GENE».


ببساطة هاتان الكلمتان تمثلان اسم أحد الجينات، وهو الجين المشترك لدى جميع الأقزام، والذي يجعلهم متشابهين في «الجبين البارز، واليدين القصيرتين، والأقدام أيضًا»، وإن اختلف لون البشرة حسب مواقع الدول المختلفة.


ويشترك في سمات الشبه كذلك، الأطفال المصابون بـ «متلازمة داون»؛ إذ إن «العيب الوراثي» واحد، على حد قول الدكتورة هدى العاصي مدرس الوراثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية.