حكايات| جواهرجي الباليه.. عّم محمود أشهر صانع أحذية فراشات بالشرق الأوسط

جواهرجي الباليه.. عّم محمود أشهر صانع أحذية فراشات بالشرق الأوسط
جواهرجي الباليه.. عّم محمود أشهر صانع أحذية فراشات بالشرق الأوسط

نظرات من عيني صقر، ويدين من ذهب، وجسد لا يمل من الجلوس لساعات بحثاً عن «حذاء» وراءه لقمة عيش.. هنا «عم محمود» صاحب أقدم ورشة في مصر لتصنيع أحذية الباليه. 


 
محمود صالح رجل بسيط، شق عمره حائط السبعين، لكن يده لم تعترف بـ «الهرم»، فأعضاء جسده باتت مبرمجة على العمل داخل ورشته الممتدة لبضع أمتار، محتفظة بذكرياتها مع ورشته الصغيرة، التي حققت شهرة داخل وخارج مصر.

يد تمسك بمقص حاد يحول الحرير إلى قطع صغيرة، مقاساتها محددة بالمليمتر، يحولها إلى حذاء جديد خاص براقصي وراقصات الباليه، وإلى جواره يجلس تلاميذه يواصلون النهل من «الصنعة».  

 

في سن صغيرة، تمسك عم محمود بجلباب والده الحاج صالح، بين جدران ورشة معهد الباليه بأكاديمية الفنون المصرية، وفيها حفظ كل صغيرة وكبيرة في الصنعة، وإن لم يتوقف قطاره عند تلك المحطة؛ بل ظل يتابع التطورات التي تدخل عليها عامًا بعد الآخر.

 

«أخدت الصنعة دي تحدي، أكون أو لا أكون».. بين هذه الكلمات الثمانية عبر «عم محمود» عن مشوار عمره أكثر من 45 عامًا، مضيفًا: «عيلتي كان عندها ورشة لصناعة الأحذية، لكن ما كنتش بحب أشتغل معاهم، ولحبي للفرق الفنية والشعبية اتجهت إلى صناعة أحذية البالية، وفي عام ١٩٦٨بدأت كصانع أحذية صغير في أكاديمية الفنون، واتعلمت على أيدي الخبير الروسي بورشوف».

 

 

يقسم عم محمود حذاء الباليه إلى ثلاثة أنواع «البوانت» و«الديميه» و«الكراكتر»، وهنا يتحدث عن كل نوع، قائلا: «جزمة البوانت خاصة بالرقصات الصعبة، وترتديها الفتاة في سن مبكرة حتى تتحمل جسمها صعوبة الرقصة، أما الديميه فمخصص للتدريب، وأخيرًا الكراكتر للتانجو والإسبانيول».

 

منذ نعومة أظافره في هذه المهنة، يحرص هذا الرجل الذهبي على استخدام الخامات المصرية في صناعة الأحذية من الجلود والخامات القطنية، إذ يقول: «أنا باعشق مهنتي وأتخيل أنني أصنع ذهب مش حذاء».

 

 

وعن جودة الخامات المصرية المصنوع منها، يقول عم محمود إن العديد من الدول الأجنبية تفضل الصناعة المصرية وتقبل على شرائها؛ لأن المادة المستخدمة في صناعة الأحذية تساعد على «نشفان» الحذاء عكس صناعته في الخارج «بيطرى بسهولة».


منذ العاشرة صباحًا وحتى التاسعة مساء، وبشكل يومي، يظل محمود صالح وتلاميذه عاكفين على صناعة نحو 15 حذاءً يوميًا، بين جدران ورشته فـ«الرزق يحب الخفية».