ظاهرة غريبة فى دنيا الكتابة.. أدباء لا يقرأون ما يكتبون!

ظاهرة عجيبة فى دنيا الكتابة.. أدباء لا يقرأون ما يكتبون!
ظاهرة عجيبة فى دنيا الكتابة.. أدباء لا يقرأون ما يكتبون!

كثير من الأدباء تنتهى علاقتهم بأعمالهم عند صدورها فى كتاب، فإذا حدث ذلك نسوها، ولم يعودوا إليها لا قارئين ولا متأملين، ولا متابعين لأصدائها عند جمهورهم؟، مما يمثل ظاهرة عجيبة فى عالم الكتابة، فلماذا يفعلون ذلك؟، وما أسبابهم؟.


فى البداية يقول الناقد والمترجم المتميز د.حامد أبو أحمد: أنا من النوع الذى لا يعود إلى قراءة أعماله بعد نشرها، لأن الكتاب يتحول إلى كائن قائم بذاته، ولا أرجع إليه مرة أخرى لأبدأ فى عمل جديد، وهذا عادة يحدث فى الشعر، وهناك شعراء عالميون كانوا بعيدى النظر فى قصائدهم، منهم شاعر إسبانى مشهور حاصل على جائزة نوبل اسمه «خوان ريمون خمنيث»، وكان بعيد النظر فى قصائده ويغير فيها، وقد يضيف ويحذف أشياء فى الطبعات التالية.


وتؤكد الأديبة ضحى عاصى قائلة: علاقتى بأعمالى تنتهى بعد طبعها ونزولها إلى القارئ مثل الطالب الذى حضر الامتحان، ثم قام بتسليم ورقة الإجابة، وانتهت علاقته عند هذا الحد، بالرغم من أن ذلك يحدث فى « الدماغ» ولا يستلزم العودة إلى الكتاب المطبوع خاصة مع توالى رأى النقاد والقراء فى العالم الخارجى، خاصة وأنه لا يوجد عمل كامل ولذلك ما الجدوى من العودة مرة أخرى.


أما الأديبة مى خالد فتقول: بعد أول رواية لى «جدار أخير» والتى صدرت عام 2001 ظللت مرتبطة بها جدا، وأعود إلى قراءتها من وجهات نظر مختلفة، وقد اتعبنى ذلك لأننى كنت أضع نفسى أمام أنماط مختلفة من القراء، بعد ذلك قررت ألا أفعل ذلك مرة ثانية على أساس أن الكتابة تقوم بالدور المنوط بها، فأقوم بالتحرر من عبء ما أكتب سواء كانت جيدة أم لا، وأستفيد من ردود أفعال القراء لكى أستطيع التخلص من الشخصية فالكتابة شكل من أشكال الحياة، وحياتنا مراحل ودوائر نعيشها أولا من التحرر من كل مرحلة حتى تنضج ونستمتع بالمرحلة التى تليها، ولذلك قررت أن أنسى كل ما يتألف بعملى بعد وصوله إلى المطبعة حتى لا أرتبط به، حيث انتهى وأهيئ لنفسى مرحلة جديدة وهى العمل القادم، لكى أعيش المرحلة الإبداعية القادمة ولا أظل أعيش فى دائرة هذه المرحلة.


بينما يقول الأديب هيدرا جرجس: عادة لا أعود إلى قراءة أعمالى بعد النشر خوفا من أن أجد أخطاء معينة فى الإعداد أو النشر أو الإملاء مما قد يصيبنى بالحزن، والاستياء. وعادة لا أعيد قراءة ما أكتب بعدما أسلمه إلى الناشر وأكتفى بمتابعة ردود أفعال القراء وأنفصل تماما عن النص بعدما أقر بنهايته، وقد تستغربين أنه ربما وبعد مرور ستة أشهر أبدأ فى كراهية النص فقد أصبح صفحة انطوت، والسبب أنه بمجرد التفكير ولوم نفسى فى أن العمل كان من الممكن أن يصدر بشكل أحسن يجعلنى أضيق، كما أننى أكون قد تجاوزت النص، وشرعت فى آخر، أو فكتابة الجديد يشغلنى أكثر، وهذا هو الذى يحفزنى على الكتابة فلا أريد أن أعيش حالات مضت، والنص لم يعد ملكى فهو كذلك حتى اللحظة الأخيرة، قبل الطباعة، أما بعد ذلك فيصبح بين يدى القارئ وقد يحبه أو يكرهه.


فى حين تقول الأديبة عبير درويش: بعد صدور الكتاب أحيانا أقوم بقراءته وتنتابنى الوساوس وأقول ربما كنت أستطيع أن أكتب أحسن من ذلك، ولكن هذا لم يحدث فى كل كتاب أصدرته، ولكنى عادة أعود إلى الكتب التى تتناول أجزاء من سيرتى الذاتية مثلما حدث مع «تعاريج» أى الأشياء ذات الجذور فى الواقع، لكن القصص التى فيها خيال إبداعى فأتركها وتنقطع علاقتى بها.


وفى الختام يقول الأديب سمير الفيل: أنا من الكتاب الذين إذا انتهوا من الكتابة سواء نشر النص فى كتاب أو على مواقع التواصل الاجتماعى، فلا أعود إليه مرة أخرى، لكنى استفيد من الآراء التى تقال فى أعمالى القادمة، ولكنى أحيانا أعود إليه لأعرف كيف كانت الشخصية، وكيف كان مسارها، أى من أجل زيادة الخبرة فى نصوصى القادمة، فبعد نشر العمل أكون قد انتهيت من دورى، ولكن أحرص على متابعة ردود أفعال القراء من خلال ندوات نقدية فى أماكن متفرقة، وهذا يفيدنى فى تقييم العمليات السلبية والجيدة فى نفس الوقت، فعين القارئ أكثر استشرافا لجميع أطرافه الفنية، أما الناقد فهو يضيء النص ويقدم إلى الكاتب خط سير لأعماله القادمة.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي