علمنا المساواة وأنقذنا من التطرف.. ماذا يمثل الأزهر لشبابه؟

صورة مجمعة
صورة مجمعة

في مشهد مهيب لا يحدث إلا في الأزهر الشريف، اجتمع آلاف الأشخاص من جنسيات مختلفة وطوائف متعددة، تشيد بهذا الصرح العظيم، أثناء المشاركة في احتفال مرور 1097 عام هجري على تأسيس الجامع الأزهر.


ووسط الأجواء الاحتفالية التي ضمت ابتهالات وتواشيح وأناشيد وقراءة القرآن، وتوزيع هدايا وحفل تكريم الطلاب الفائزين في مسابقة الأزهر العالمية للقرآن الكريم، قامت «بوابة أخبار اليوم»، برصد بعض الآراء لنماذج مميزة من الشباب والفتيات حول ما يمثله الأزهر لهم وما الذي تغير في شخصيتهم بعد تجربتهم في الأزهر الشريف.


أروى: الأزهر علمنا الأخوة والمساواة


قالت أروى قنديل، أن الأزهر بمثابة هوية، وأحد التعريفات التي تفتخر بتقديم نفسها بها، ونعمة أنعم الله بها عليها. 


وأضافت أن الأزهر علمها أن التميز ليس حكرا على نوع واحد، وأن كونها امرأة لن يمنعها من التطلعات والطموحات، كما علمها تقبل الآخر لطالما كانت شاهدة على ذلك، خصوصا في المرحلة الجامعية، حيث درست خلالها مع طلبة أجانب، أفارقة وأسيوين وغيرهم، تجمعهم المساواة والأخوة تحت لواء واحد.

 

جميل: الأزهر لا يعرف التطرف 


فقال محمود جميل، وهو مراسل تلفزيوني، الحاصل على المركز الأول فى مسابقة إبداع ٦، مجال المراسل التلفزيوني على مستوى الجامعات المصرية، والمركز الأول في مسابقة إبداع العرب في مجال المراسل التلفزيوني، وهو المهرجان  الذي نظمته وزارة الشباب في القاهرة بمشاركة عدد من الدول العربية، إن بدايته مع الأزهر الشريف خلال الصف الأول الإعدادي عندما إلتحق فى هذه المرحلة بالأزهر الشريف لتعلم العلوم الشرعية بجانب العلوم العلمية وهذا ما كان.


وأضاف لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن التعليم في الأزهر بمنهجه الوسطي الذي لا يعرف التطرف أو التشدد يثقل عقل من يتعلم، سواء من الناحية الدينية فيخدم بها الدين أو علوم علمية فيخدم بها المجتمع، قائلا: « هو بيتى الذي تعلمت فيه وتلقيت فيه كل أنواع المساعدة والعون والتشجيع فيما حققته من نجاح في أمور مختلفة متعلقة بمجال عملي، وسفير الإسلام في بلاد الغرب متمثلا في قياداته الذين ينشرون تعاليم الإسلام الصحيحة للغرب ويأتي على رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر». 


ولفت إلى أن الأزهر علمه أن يكون سفيرا له في مجاله، يتحدث عنه وعن النماج المشرفة التي خرجت من الأزهر، قائلا: «افتخر بكل محفل أو تكريم خاص بالأزهر انضم إليه، وأقول بكل فخر أنا ابن الأزهر».


ياسمين: اشفقوا علي لأني لم أدرس في الأزهر


أما المراسلة ياسمين عبيد، فأوضحت أنها لم تكن تتخيل أنها ستندم يومًا على عدم إلتحاقها بالتعليم الأزهري، قائلة: «أتذكر تلك اللحظات التي دار فيها بيني وبين أفراد عائلتي حوار عن التعليم في معاهد وجامعات الأزهر، ولن أنسى تلك النظرة المشفقة التي اعتلت وجهي حينما علمت أن خالي ينوي إلحاق ابنه في معهد أزهري، حينها انطلقت مني عبارات اللوم والتحذير من صعوبة التعليم في الأزهر وثقل مناهجه وضآلة النتائج التي قد يحصل عليها الأزهري، لذا فالأمر لا يستحق هذا العناء».


واستكملت تصريحها: «مضى الوقت وأنعم الله عليَّ بالسفر خارج مصر أربع مرات، اثنتان منهم مع الأزهر، إحداهما ببريطانيا لحضور منتدى شباب صناع السلام والأخرى بالإمارات العربية المتحدة للمشاركة في تنظيم مؤتمر الأخوة الإنسانية، وخلالهما شعرت وكأن الله يعلمني درسا غَيَّر من وجهة نظري الخاطئة النابعة من حكم سطحي جاهل بحقيقة التعليم الأزهري وعظمة ومكانة من يحصل عليه».


وقالت «لا زلت أذكر ردود الفعل المشدوهة بالجبة والقفطان -اللذين ارتداهما زملائي الأزهريون حينما كنا بجامعة كامبريدج-من قِبَل كل من رآنا هناك، تبجيل واحترام وتقدير للزي الأزهري وللعقل الأزهري بما يحمله من علوم دين ودنيا، حتى في الأسفار الأخرى غير التابعة للأزهر، حينما أذكر أمامهم أنني شاركت مع الأزهر في عدة مؤتمرات يغبطونني فإذا أخبرتهم أنني لم أدرس بالأزهر يشفقون علي!». 


وأوضحت أنها تعلمت من الأزهر الانفتاح على الثقافات المختلفة واحترامها، وحمل لواء الدفاع عن الإسلام الوسطي المعتدل المتسامح أينما ذهبت، كما علمها أن لغة الحب والرحمة وتقبل الآخر أقوى من لغة الحرب والتشدد.

 


خليل: الأزهر قبلة المسلمين


وبسؤال الأزهري خليل أمين، أحد المشاركين بمسابقة القراءة العربي، عن الأزهر الشرف، أجاب: «إن كانت الكعبة هي قبلة المسلمين في الصلاة، فالأزهر هو قبلتهم ومرجعيتهم العلمية في كل وقت، ومما ينبغي أن يُذكر أن الحياة الإسلامية تنتعش في هذا الوقت في الأمة المصرية وغيرها، وهذا الانتعاش يحتاج إلى عناية ورقابة وتدبير وتبصر، وبمعنىً آخر يحتاج إلى أزهر».


وأضاف: «إن استطعتُ أن أشبه نفسي بنبتة فحينها أستطيع تشبيه الأزهر بالتربة والماء بل وبالذرة الأم كذلك؛ فعلى الرغم من أن الأزهر لا يأخذ من الأزهريين شيئًا إلا أنه يُعطيهم كل شئ».


وأشار إلى أن بدايته في الأزهر كان خلال المرحلة الابتدائية حين قَويتْ ذاكرتي بفضل حفظه القرآن في مرحلة مبكرة من العمر، موضحًا أنه درس في الأزهر المذاهب الفقهية المعتدلة بالإضافة إلى أمور دينه وما يُدرَّس من المواد الثقافية في المؤسسات الأخرى.

 


ولفت إلى أن الأزهر هو الداعم لمميزات العصر والهادم لمشكلاته، موضحًا أن الإرهاب مثلاً كفكر إن قضينا على الإرهابيين لم نحل المشكلة؛ لأنه سيولد غيرهم ويحمل نفس الفكر أما ما يفعله الأزهر هو أن يقضي على الفكر وبهذا نكون قد كسبنا وسطيين جدد، ونستطيع أن نرى عطاء الأزهر في هذه الناحية في جوانب عدة كالمؤتمرات الدولية وكالمناهج الدراسية مثل مادة «الثقافة الإسلامية».

 

 


الأزهرية ابنة الأزهري


وقالت إسراء أمين، والتي شاركت بمسابقة إبداع في موسمها السادس مجال المراسل الإذاعي والتلفزيوني، ممثلة عن جامعة الأزهر، وحصلت علي المركز الثاني على مستوي الجمهورية، أن الأزهر لم يمثل لها في البداية سوى مكان اختاره والدها لكي تدرس فيه، كونه أزهري ومعلم للمواد الشرعية بالأزهر، ورغم اعتراضها في البداية وانزعاجها من الدراسة إلا أن رغبة والدها كانت الأقوى، وكان دائمًا ما يحدثها عن وسطية الأزهر وعن علومه.


وذكرت أنها بعد كبرت قليلا وبدأت في دراسة العلوم الشرعية استوعبت إصرار والدها مستمتعة بما تتعلمه مبحرة في علوم الفقة والعقيدة، وتَعبد الله على علم ويقين وفهم لصحيح الدين، وتهيم في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم. 


وأشارت إلى أن الأزهر غير نظرتها للأمور، فجعلها أكثر نضجا وعلما، قائلة: «عندما ذهبت للجامعة إزداد تعلقي بهذا الصرح العظيم إننا في مؤسسة عالمية لا مثيل لها، درست الإعلام رغبة فيه وأسعي لتصبح تلك المهنة هي عالمي الآخر، لأعلم الجميع عن أزهرنا».

 

شريف: الأزهر وطن العلماء


وتحدث شريف سيد، بطل تحدي القراءة العربي، عن الأزهر وما يمثله له، قائلا: «السؤال الأصح هو ما الذي لا يمثله الأزهر لي، فالأزهر يعد البيت الذي ترعرعت فيه ونشأت وتعلمت فيه آداب الدين والعلم والقيم الأخلاقية والمشتركات الإنسانية والاجتماعية، وهو بئر العلم الذي ما برحت اغترف وأنهل من بحرعلومه الصافي، وهو الجامع الذي تعلمت فيه الإسلام بأصوله وفروعه وعقائده وعباداته و معاملاته».


وأضاف: «الأزهر هو وطن العلماء؛ فأيما علم أردت تعلمه فأول ما يخطر في ذهني هو شد الخطوات إلى الأزهر وعلماؤه الأفذاذ، والأزهر هو قلعة الإسلام التي تذود عنه وترد عنه جميع الحاقدين والحاسدين ولذلك فهو أكبر مرجعية إسلامية في العالم يلجأ إليها الجميع من يريدون التعرف على الإسلام الوسطي السمح الذي يدعو إلى التكامل المجتمعي و قبول الآخر، وهو الذي أتعلم الآن في جامعته العلوم الطبيعية من علوم الصيدلة لتحقيق حلمي بخدمة المسلمين والبشرية، وتتجلى شخصيته في شيخه الكريم الأستاذ الدكتور أحمد الطيب الذي اقتبست شخصيته الراقية من هذه القلعة الكبيرة وما لها من مكانة عظيمة وتعظيم داخلي في قلوب ملوك ورؤساء دول العالم».


أما ما غيره الأزهر في شخصية شريف، فقال إنه ساهم بشكل كبير في تكوين شخصيتي الدينية والاجتماعية، فخلق منه شابًا يستوعب علوم دينه بشكل يليق بالشاب المسلم، وقوي التحصيل العلمي في مواد تخصصه الطبية التي هي مجال عملي الآن، كما كان للأزهر النصيب الأكبر من الفضل في الحفاظ على لسانه ناطقًا بفصاحة العربية ورونقها  بل والتحول من مجرد الحفظ للمتون والعلوم إلى حب القراءة والمعرفة والثقافة وقيمة الكتب والأدب ومعرفة سير السابقين والأوائل والقدرة على التحليل والاستنتاج ولذا فهو صاحب الفضل - بعد الله عز وجل ووالديه الكريمين- فيما وصل إليه الآن.


وأشار إلى أن ما تعلمه من الأزهر، كان سببًا أساسيا في الفوز بمسابقة تحدي القراءة العربي التي انعقدت بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتخطيه 7 ملايين طالبًا من 24 دولة في حدث واضح وصريح يدل على نبوغ الطالب الأزهري وسعة مداركه و قوة حصيلته اللغوية والثقافية.


الزهراء: الأزهر هو النور بقلب كل مريد


وأما إحدى المشاركات في منتدى شباب صناع السلام العالمي، الزهراء السيد، فقالت إن البعض يصف الأزهر الشريف بأنه «قلعة الإسلام» و«منارة العلم الديني» التي تنير الطريق، أمام شعوب العالم أجمع، أما لها فهو النور الذي يتسلل في قلب كل مُريد، فيرسم له المنهج الصحيح ويضئ له الطريق المستقيم ليسير عليه.


وأضافت «السيد»: «تربينا في الأزهر منذ نعومة أظافرنا على حفظ القرآن الكريم، كما درسنا في المرحلتين الإعدادية والثانوية فقة العبادات والمعاملات وأحكام الأسرة وعلوم الحديث والتفسير والسيرة والعقيدة، فضلاً عن دراسة اللغة العربية بفروعها والمواد العلمية والأدبية واللغات الأجنبية، فيجمع بين دراسة العلوم الحياتية والعلوم الشرعية، ويحافظ على الهوية العربية الإسلامية».


وتابعت: «يفتح الأزهر أبوابه كل عام لاستقبال الآلاف من الطلاب الوافدين من جميع بقاع الأرض للدراسة في أروقته والتتلمذ على يد شيوخه ومعلميه، ولذلك، فلا عجب لمن تربى في رحاب الأزهر الشريف على احترام الاختلاف، وتقبل الرأي الآخر، وتحري الوسطية في الأمور كلها، ودراسة المذاهب على اختلافها، والجمع بين فقة الأحكام وفقة الواقع، أي بين الأصول الثابتة والواقع المتغير، أن يكون هو الأكثر انفتاحًا على الثقافات المختلفة والأكثر تمسكًا بقيم التسامح والحوار والسلام».


وأشارت إلى أنه ساهم بوسطيته واعتداله الوسطية، في تصقيل شخصيتها، قائلة: «تحت إشراف القيادة الأزهرية الحكيمة للإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، شاركت في منتدى شباب صناع السلام الذي انعقد في كلية تشيرشل جامعة كامبريج وقصر لامبيث في لندن بحضور خمسين شاب وفتاة من العالم العربي والمملكة المتحدة البريطانية، وهو المنتدى الذي يُمثل نقطة تحول لكثير من الأفكار والمفاهيم المغلوطة، ورؤية سديدة لتعزيز قيم السلام والحوار والعيش المشترك، وفي ختامه، شُرفت بإلقاء الكلمة الختامية في قصر لامبيث أمام الإمام الأكبر وكبير أساقفة كنيسة كانتربيري ولفيف من الحضور الكرام».


وأضافت إلى أنها شاركت في العديد من المؤتمرات بفضل الأزهر وسط طوائف دينية مختلفة وثقافات وجنسيات متعددة تحت مظلة الإنسانية؛ لتعزيز التعايش بين الشعوب، لافتة إلى أن هذه الإسهامات هي وليدة الثقة التي تمنحها المؤسسة الأزهرية لأبنائها فيبدعون ويزهرون، وهي نابعة من إيمان شيخ الأزهر بتمكين الشباب الواعي.


وأنهت تصريحها، قالة: «هذا هو الأزهر الشريف الذي يعتز العالم أجمع بدوره المحوري في نشر الدعوة الإسلامية والعلوم الدينية وترسيخ قيم التسامح والسلام والعدالة بين البشر، والذي نفتخر دائمًا نحن أبناءه وبناته بانتمائنا وانتسابنا إليه جامعًا وجامعة».