حوار| إيناس جوهر: الإذاعة حرمتني من الأمومة.. وكاميرا التليفزيون لا تحبني

الإذاعية إيناس جوهر
الإذاعية إيناس جوهر

- الواسطة والمحسوبية أساءت لمهنة الإعلام


- أصوات كثيرة مستفزة تسربت للميكروفون

- أتمنى محاورة الرئيس السيسي

 

حوار: إسراء حامد - تصوير: محمد نصر

وكأنها أمام عشقها الوحيد «الميكروفون»، تحدثت الإذاعية الكبيرة «ايناس جوهر» بمنتهى العفوية والصدق، وفتحت لـ«الأخبار» قلبها، واستدعت الذكريات، وتحدثت عن رأيها فى الساحة الإعلامية وعدد من الإعلاميين، مؤكدة حرصها على متابعة عمرو أديب ومحمود سعد، موضحة أن تدنى أجور العاملين بماسبيرو سبب رئيسى فى تراجعه، لافتة أن هناك معوقات كبيرة أمام إنشاء نقابة تضم كل الإعلاميين.

 

ووجهت «جوهر» فى حوارها رسائل واضحة إلى العاملين بالإعلام، مُعتبرة أن الإذاعة قامت بتطوير برامجها وتجديد الخطاب الدينى لمواجهة الإرهاب،لافتة إلى أن الراديو مازال يُزاحم التليفزيون،موضحة أن المحسوبية أساءت لمهنة الإعلام والعاملين به.. وعن رأيها فى زيادة تمثيل المرأة بالبرلمان أبدت «جوهر» استحسانا كبيرا لتلك المادة الدستورية، لافتة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يمتلك فكرا مُتفردا عن كل الرؤساء السابقين واللاحقين له.

 

> فى البداية،ماذا قدمت الإذاعة لإيناس جوهر؟ وماذا سلبت منها؟
قدمت لى كل شيء جميل فى حياتي، يكفى حب الناس لى والشهرة،وانى كنت أول مذيعة خلعت الزى الرسمى فى التقديم، وكنت على طبيعتي،وكنت مختلفة وسط جيل ملتزم بتعليمات محددة فى الإذاعة، لكن الاذاعة فى نفس الوقت أخدت كل عمري، وهناك أحلام جميلة تحلم بها كل بنت،لم أستطع تحقيقها،مثل أن أكون أما وأنجب طفلا،لكني غير حزينة أو نادمة ولو عاد بى الزمن لعملت فى الإذاعة مرة أخرى.


> لماذا لم تتجهى بصوتك الإذاعى المتميز وطلتك الجميلة إلى الشاشة؟
عملت بالفعل فى التليفزيون لمدة 3 سنوات،لكن لم يحالفنى الحظ، أوبصراحة لم أنجح،لأن الكاميرا لا تحبى وأنا لا أحبها، وتربطنى علاقة عشق بالميكرفون، لكن اتجهت للعمل به بتزكية من همت مصطفى وأحمد فراج من أجل تقديم برامج منوعات التى أواظب عليها فى اذاعة الشرق الأوسط منذ سنوات لكن ملامحى الجادة على الكاميرا بعد اجراء اختبار لى حرمتنى من تقديم برامج منوعات،حيث أبلغونى حينها أن ملامحى تشبه سميرة الكيلانى وهى من أفضل قارئات النشرة فى التليفزيون، فلم تكتمل تجربتى وعدت مرة أخرى للراديو.


> وكيف استطاعت إيناس جوهر أن تنتقل من الخفة فى برامج المنوعات إلى الجدية فى النشرات الإخبارية؟!
طبعا هذه موهبة وأيضا خبرة،حيث أمتلك قدرة على التحكم فى الحنجرة بخلاف التركيز والسيطرة كبيرة على أحبالى الصوتية.


> ما أهم حوار فى حياتك المهنية؟
انفردت بحوار مع شارلى شابلن فى اذاعة الشرق الأوسط، رغم أنه كان 4 دقائق فقط.


> من الشخصية الذى تمنيتى إجراء حوار معها؟
الرئيس عبد الفتاح السيسي،أرغب فى التعرف على جوانب من طريقة تفكيره أكثر وأكثر،وانقلها إلى الناس،لأن لديه طريقة تفكير خاصة جدا ومختلفة كانت وراء كل الانجازات، وأرى أن الرئيس السيسى مختلفا عن كل الرؤساء الذين سبقوه والذين سيلحقوه أيضا ومتميز عن المحيطين به، فهو صانع هذا الوطن لأنه لولا وجوده لأصبحنا فى شتات.


> وماذا تتابعين فى الإذاعة؟
تحولت إلى مستمع بالصُدفة حاليا،حين أقود سيارتي أقوم بتشغيل الراديو وتحديدا على اذاعة الأغانى،لأنى أحب الأغنيات القديمة،لكن اذا لم اعجب بالبرنامج أو مذيعة استفزتنى فأضطر إلى الانتقال لمحطة أخرى أحب أغانيها، لو محطة بها مسلسلات أرحب بها جدا، وليس معنى حبى لماسبيرو أنه خال من العيوب لكنه مليء بها.


> من حديثك.. لهذا السبب فقدت الإذاعة بريقها؟
بالعكس، نحن على مشارف عصر الإذاعة،وخاصة اذاعات الانترنت، لأنها مسموعة من العالم بأسره،وخاصة اذا كانت ناجحة، وبالفعل الإذاعة شهدت خفوتا لنجمها لفترة من الزمن حين طغى عليها التليفزيون، لكن مع ظهور عصر العولمة، عادت الاذاعة إلى بريقها، لا سيما فى ظل التكدسات المرورية فأصبحت الاذاعة مطلوبة فى الشارع،كما أن هناك بيوتا لا ينقطع صوت الراديو بها، بل وحولت التلفزيون إلى الراديو، فهو بالفعل يزاحم التلفزيون، خاصة فى ظل وجود الإذاعات الخاصة.


> اذن، الإذاعات الخاصة كانت سببا فى عودة الراديو إلى المنافسة؟
مفهوم خاطيء، كل الاذاعات تشبه بعضها،ويقلدون بعضا، والموضوعات مُتقاربة جدا،وهى عبارة عن مقدمة ورابط للحلقة ومكالمات هاتفية سطحية ليس بها أى إضافة،ففى غفلة من الزمن هناك أصوات كثيرة جدا تسربت إلى الميكروفون بدون تدريب،ولا كيف يدخلون قلب المستمع ويحترمون ذكاءه،وهو سبب فى وجود مذيعين مستفزين حاليا على الساحة، فاضطر أنا وغيرى إلى البعد عن الإذاعة،فليس هناك أجمل من الريموت كنترول ومؤشر الاذاعة، وأن يبحث المستمع أو المشاهد عن الشيء الذى احبه.


>وماذا عن رأيك فى مدونة السلوك المهنى فى ميثاق الشرف الإعلامي؟
هذا أمر مهم جدا لضبط الاداء الاعلامى حاليا، لكن نحن كجيل كان هذا الميثاق موجودا فى عقد العمل دون أن يخضع أى اعلامى لمواثيق، نوقع عليه كتابيا قبل البدء فى مباشرة العمل حتى إن مذيعات التليفزيون كانت توقع على ماذا ترتدى أمام الكاميرا علاوة على مظهرها وطبيعة وزنها بخلاف ما يحدث هذه الأيام حيث أرى بعض المذيعات حاليا لا يلتزمن بالمظهر اللائق أبدا.


> وهل لمظهر المذيع ولياقته البدنية دخل فى نجاحه؟
بالطبع، فلابد أن يخضع كل مذيع للميزان مثل مضيفة الطيران تماما، لبيان هل زاد وزنه من عدمه، وكذلك مذيع الراديو يعاد اختباره، وهناك لوائح فى العمل تكفل ذلك، ليتم تنقيح جداول المذيعين ،اللائق منهم يستكمل عمله، وغيره عليه أن يعيد لياقته مرة أخرى، وأتمنى أن يلتزم كل مذيع بالملابس اللائقة،خاصة مذيعى الأخبار، لأنه للأسف شباب الجيل الحالى يقلد النجوم على الشاشة من المذيعين والمذيعات فأصبح هناك تلوث بصرى فى الشارع.


> ما وجهة نظرك فى دخول الصحفيين والفنانين إلى مجال الاعلام المرئى والمسموع ؟!
اعتبر اكتساح الصحفيين للراديو والتليفزيون اعتداءً، لأن هناك فارقا كبيرا بين الاعلام المقروء والمسموع والمرئي، فالصحفى يضيع فرصا على زملائه الاعلاميين الذين يستحقون فعلا الظهور علي الشاشة أو الجلوس خلف الميكرفون، ولكن هناك أسماءً لا نستطيع أن نقلل من قدرها على رأسها عمرو أديب ووائل الابراشى ومحمود سعد وأحمد موسي، فهم يفهمون اللعبة وأهلا بهم، أما بالنسبة للممثلين فلا أجد اى تجربة ناجحة لهم.


> مّن تتابعين من الإعلاميين إذن؟
اتابع بالصدفة، لكن أحرص على مشاهدة عمرو أديب ومحمود سعد، واعتبرهما نموذجا للإعلامى الناجح، فمحمود سعد السهل الممتنع، حين اشاهده لا تفارقنى الابتسامة لأن لديه رؤية، واحبه جدا فى الحوارات الفنية،اما عمرو أديب لديه كاريزما لا تقاوم.


> على مر العصور كان للاذاعات القومية دور وطنى فى الحروب والأزمات.. كيف غيرت الاذاعة خريطتها لمكافحة أهل الشر وقوى الظلام؟
اعتقد أنها تتغير،وتحاول قدر المستطاع تطوير الخطاب الدينى، ويعتبر مكافحة الارهاب هدف رئيسى من أهداف إذاعات ماسبيرو الوقورة.


> كان لصوتك دور فى حرب أكتوبرمن خلال قراءة البيانات العسكرية..ماذا تمثل لك تلك الفترة؟
تشرفت بهذه الفترة،خاصة حرب الاستنزاف، حين كنت أسافر إلى الجبهة، للمشاركة فى حفلات ترفيهية للجنود لكى نرفع من الروح المعنوية لهم،حيث نسافر مع مجموعة كبيرة من الفنانين والمطربين و نقوم بتنظيم حفلات وليالى سمر وسهرات لكى يستكملوا الكفاح حتى تأتى لحظة العبور والانتصار، وحين قامت حرب 73 العظيمة، قرر الدكتور عبد القادر حاتم أن اقوم بقراءة موجز النشرة ومعى الدكتورة درية شرف الدين،لأننا اصوات هادئة ومبتسمة لكى نقول للناس إن مصر ُمنتصرة.


> كيف استطعت أن تحافظى على بشاشة صوتك فى ذلك الوقت العصيب؟!
الثبات الانفعالى أهم مقومات المذيع، فلابد أن يجلس على الهواء وهو منفصل عن كل ما حوله،المذيع والميكروفون والمستمع فقط، واتذكر أن الطبيب أخبرنى بقرب وفاة والدتي، وقالى لى حرفيا إنه يتبقى من حياتها ساعات قليلة، ولكن أديت عملى بكل هدوء، ولم أحصل على إجازة، وقرأت كل مواجيز الأنباء من الخامسة حتى الثامنة،وتوفيت والدتى فى التاسعة مساءً.


> ما رأى ايناس جوهر فى الساحة الإعلامية بشكل عام؟
لا أشعر بالضيق من شيء فيها،واتساءل ماذا يغضبكم من الساحة الاعلامية ؟! طالمـا ما زلت أشاهد سهرة درامية تعجبنى، وأحصل على معلومة تفيدنى، واستمتع فى الراديو بالأغانى ونشرات الأخبار.


> وكيف من وجهة نظرك نعيد لماسبيرو جمهوره؟
أن نعطيهم مرتبات وأجورا جيدة لكى نحصل على الإبداع،لكن مادام يتم محاسبتهم بالساعة لا نستطيع أن نحصل على برامج متميزة،فهناك أسر وشباب يرغب أن يعيش ويدير شئون عائلته، كيف عليه أن يُبدع وهو يعمل 8 ساعات بـ3 تعريفة؟!، فهو يحتاج إلى راحة نفسية.


> لكن التجارب المتميزة من ابناء ماسبيرو لم يحصلوا على أجور كبيرة؟! فما المشكلة اذن؟
بالفعل، حصلنا على 3 تعريفة أيضا وعملنا بكل جد، لكن المنافس لم يكن ماديا ذلك الوقت، فمذيعو ماسبيرو يحصلون الآن على رواتب زهيدة تصل بحد أقصى الى5 آلاف جنيه وفى المقابل يحصل زملائهم فى السوق الاعلامى على 25 ألف جنيه،والغريب أن معظمهم تخرجوا فى مدرسة ماسبيرو.


> اذن ما المشكلة الحقيقية التى تواجه ماسبيرو؟
المشكلات المالية فقط، فالانتاج على سبيل المثال توقف فى الاذاعة منذ سنوات طويلة،الا اذا تم الاستعانة بعدد من الفنانين بدون مقابل وكذلك الأغانى، ففى وقتنا كنت أحصل على جوائز من باريس عن الأغانى الفلكلور للمرأة وجوائز من اتحاد الاذاعات العربية التى كانت من انتاج الإذاعة المصرية، لكن الآن تغيب الاعلانات فى ظل ضعف قدرة القطاع الاقتصادى على التسويق والانتاج وسط السوق الإعلامى والمنافسة الشرسة من اذاعات خاصة التى تنتج بشكل هائل وتستحق أموال المُعلن.


> هل يحتاج الاعلام إلى دم جديد؟!
بالطبع، علاوة على ضرورة وقف الواسطة وتعيين المذيعين بلا تدريب،فالمحسوبية اساءت للمهنة، وان كانت مفيدة لبعض النماذج التى نجحت بالفعل، وكانت تحتاج فقط إلى فرصة لاثبات كفاءتها.


> من ناحية أخرى.. ما رأى الاذاعية إيناس جوهر فى زيادة تمثيل المرأة فى البرلمان وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة؟
شيء محترم جدا، يكفى أنه لن يقال عن المرأة مرة أخرى أنها مُهمشة، فأصبح ذوو الاحتياجات الخاصة أو ذوو الهمم والشباب والمرأة فعالين بفضل التعديلات الجديدة،وأيضا عودة مجلس الشورى شيء عظيم.

> كلمة توجهها ايناس جوهر للإعلاميين؟
كونوا أنفسكم،فلابد أن يكون لكل مذيع شخصية؛ لمزيد من اثراء الإعلام،فلماذا لا يكون لدينا سالى عبد السلام وخالد عليش وشيرين الخطيب، ففى وقتنا كان لا يمكن للمستمع أن يخلط بين أصوات صفية المهندس وسامية صادق وآمال فهمى، فكل منهم نموذج ناجح ومتفرد فى حد ذاته.