حكايات| الحوض المرصود.. «كنوز» للشفاء يحرسها الجن وتنازع عليها الفرنسيس والإنجليز 

 الحوض المرصود
الحوض المرصود

أسطورة تاريخية استحوذت على خيالنا فجذبتنا لزيارة مستشفى الحوض المرصود في أحد أحياء مصر القديمة وتحديدا في منطقة السيدة زينب؛ لجمع خيوط الحكاية في محاولة للفصل بين الحقيقة وما أحاط بها من خيال وشائعات.


 تبدأ الحكاية عندما عثر العثمانيون، على حوض أو تابوت ضخم في هذه المنطقة القديمة والتي تعرف ببركة الفيل، وهو حوض من الحجر الصوان الأسود بطول 2.7 متر وعرض 1.38 متر وارتفاع 1.92 متر، وعلى جميع أسطحه الداخلية والخارجية كتابات جنائزية.


 حاول الفرنسيون منذ ما يزيد عن 200 عام سرقة الحوض وشحنه إلى فرنسا إلا أن الإنجليز استحوذوا على الحوض، بعد معركة أبو قير البحرية الشهيرة، وتم منذ ذلك الوقت عرضه في متحف لندن بجوار حجر رشيد.


نسجت الكثير من الحكايات والأساطير حول التابوت الذي كان يحوي مومياء لأحد كهنة العصور الفرعونية، كان معظمها يروي أن هذا التابوت الضخم الثقيل الذي يستحيل تحريكه يخبئ تحته كنوزا كثيرة، ويحرسها الجن، فيما دارت حواديت أخرى عن قدرة الحوض على الشفاء من أمراض كثيرة أحمها "الحب"، كما ذ كر المؤرخ المملوكي بن إياس أن الحوض أعيد استخدامه في أحد مساجد مدينة القاهرة كحوض أو مسقى للمياه.

 

بن قلاوون
كان موقع المستشفى الحالي قصرا للملك الناصر محمد بن قلاوون وكان يحمل اسم قصر "بقتمر الساقي"، والذي وصفه شيخ المؤرخين العرب أحمد بن علي المقريزي بأنه أعظم مساكن مصر، وأحسنها بنيانا، ثم تحول المبنى إلى مصنع للنسيج ثم إلى سجن الحوض المرصود، ثم إلى تكية فدار للقرعة ثم مستشفى الحوض المرصود لعلاج الأمراض السرية عام 1923 ثم مستشفى الحوض المرصود لعلاج الأمراض الجلدية والتناسلية عام 1943 إلى أن أصبح اسم المستشفى "القاهرة للأمراض الجلدية والتناسلية عام 1979".

 

عند دخول المستشفى بحثا عن أي نقوش أو مبان ترجع إلى عصور قديمة ويمكن أن تساعد في جمع شتات هذه الحكايات المتفرقة، قادتنا طبيبة شابة إلى أقدم مبنى في المستشفى، وقالت إن عمره يزيد عن 100 عام وهو المبنى الوحيد الذي نجا من زلزال عام 1992، والذي أعيد بعده بناء المستشفى من جديد.

 

جولة بالمستشفى
تميز أقدم مباني مستشفى الحوض المرصود بأعمدته الخشبية العملاقة وسقفه المرتفع والذي يتوسطه شخشيخة للتهوية مزينة بالزجاج الملون الذي يوحي بطابع المباني التاريخية ذات الطراز الإسلامي، ولكنه مهمل ولا يحظى بالاهتمام الذي يليق بقيمته فهو بالنسبة للمستشفى مجرد مخزن. 

 

ومع نهاية جولتنا داخل أقدم مباني المستشفى، تصادف مرور أحد العمال الذي بادر بسؤالنا عما نبحث عنه، ففاجأنا بسر جديد لم نكن لنصل إليه وإن كنا لم نستطيع الوصول إلى أصله وتاريخه.. العامل قال إن المستشفى بها حوض تاريخي يحمل "ختم الفراعنة" –حسب مقولته- فطلبنا منه أن يقودنا إلى هذا الحوض.


قطعنا فناء ليس بكبير من المبنى القديم لمقابله الجديد، ويتملكنا إحساس أننا نركب آلة الزمن التي ستنقلنا من عصر إلى عصر أخر، تفصلهما ألاف السنين، حتى وصلنا إلى حوض يبدو أنه من الخزف المطلي بمادة لامعة تشبه السيراميك، بني اللون، وأخذنا نقلبه حتى أدركنا ما كان العامل يصفه بـ"ختم الفراعنة".


اتضح لنا أن النقش ليس فرعونيا على الإطلاق ولكنه نقش يثير الفضول، فهو يحمل أرقام والحروف الإنجليزية، وكأنه يشير إلى تاريخ ما لم نتمكن كغير متخصصين من فهمه.