حكايات| النمر الأبيض.. بـ«الفهلوة» مصري يقود مهمة دبلوماسية في ألمانيا

 النمر الأبيض.. سايس مصري في «مهمة دبلوماسية» بألمانيا
النمر الأبيض.. سايس مصري في «مهمة دبلوماسية» بألمانيا

من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، هكذا بدت حياة شاب مصري على أرض ألمانية، حين سعى وراء حلمه من أجل كرة القدم وكل ما يتعلق بها، ثم تتغير بوصلته إلى العمل كسايس في أحد الفنادق وتبدأ رحلة صعود جديدة.


منذ أن كان في الخامسة من عمره، سعى وليد علاء ثابت إلى الدخول للمستطيل الأخضر كلاعب كرة قدم محترف، وخطفت مهاراته الكثيرين في بعض الألمانية، إلى أن وصل للعب في أحد أندية الدرجة الثانية، لكنه انتقل إلى مصر بحثًا عن احتراف في وطنه الأم، ليلعب في نادي حرس الحدود.


ولكونه شاب لأب وأم مصريين هاجرا منذ 40 عامًا، لم يستطع وليد الصمود كثيرًا وحيدًا في مصر، فالتربية مختلفة ليبدأ السفر إلى رومانيا كطير يبحث عن عش جديد يبني له تاركا تعليمه وواضع هدفه فقط نصب عينيه، وما إن بدأت دنيا كرة القدم تبتسم له حتى فوجئ بإصابته بالرباط الصليبي، وهنا توقف كل شيء.

 


أغلق الشاب المصري مشوار كرة قدم، واتجه إلى دراسة التعليم الفني في ألمانيا، والذي يعد أساس نجاح المجتمع هناك، وهو في سن الثاني والعشرون، واختار تخصص السياحة الفنادق، رغم اعتراض بعض أفراد أسرته كونه لديه 4 أخوات مهندسين وأطباء فكان لابد أن يكون مثلهم؛ لكنه أصر على الالتحاق بالتعليم الفني وتخصص في السياحة والفنادق لحبه في هذا المجال.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| بدون يدين.. مخترع ينقل «دركسيون» سيارته للقدم


رغم أن مدة الدراسة ثلاث سنوات، إلا أن تفوق «ثابت» منحه فرصة للاحتفاظ بموقع متفوق، ليقتصر مدة الدراسة سنتين فقط، وعلى مدار تلك المدة لم تتوقف على الجانب النظري؛ بل كان 75% منها عملي أي أن النظري أسبوع واحد في الشهر مقابل ثلاثة أسابيع لدراسة العملي.


بدأ ثابت مشواره في أحد أكبر الفنادق بألمانيا لتعلم المجال العملي في دراسته، وكانت البداية عمله في الفندق هو ركن  سيارات الزائرين، يوميًا، ثم انتقل بعد ذلك لقسم تنظيف وترتيب الغرف وكان هذه نقطة التحول التي غيرت مسار حياته.

 


«كنت مساعدا لرئيسة القسم في البداية، وفي أول يوم لي في هذا القسم طلبت أن أنظف الغرفة بمفردي وعندما كنت  أنظف دخل علي صاحب الغرفة، فطلبت منه دقيقين فقط للنظافة، وكانت هذه العبارة التي قلبت حياتي رأسا على عقل فلم انتبه أنه المتحدث باسم أكبر شركة لتصنيع الزيت في ألماني،ا وانتهى اليوم ولم انتبه لما قولته».. هكذا تحدث علاء عن الخطوة الجديدة في حياته.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| متعايشون في زمن «الإيدز».. جثث متحركة تسير على الأرض


في اليوم الثاني، فوجئ علاء عند ذهبه للفندق بأن المدير يريده بشكل عاجل وما إن دخل الغرفة، فوجئ بجميع موظفي الفندق متواجدين، والمدير يطلب منهم أن يحيوه، وعندما سأل عن السبب اتضح له أن صاحب الغرفة التي كان ينظفها أمس نشر إشادة لي على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب جمله «دقيقتين بالضبط وسأنظف الغرفة»، وكتب صاحب الغرفة أن هذا العامل كان صادقا في كلامه وبعد دقيقتين كان قد انتهى من تنظيف الغرفة.


لم يكتف صاحب الغرفة في إشادته بالتزام علاء بمدة الدقيقتين فحسب؛ بل أشار إلى أن أسلوبه كان راقيًا للغاية وكان يتحدث بنبرة صوت هادئة تعبر عن الثقة وعلم كيف يقنعنه بذلك، وهذا ما يجب توافره في كلام مدير المبيعات فحياه المدير على طريقته، وطلب منه العمل معهم دائما وليس مجرد فترة التدريب فقط، وتم تعينه كأصغر مدير مبيعات في الفندق.

 


لا يزال يتذكر وليد أنه نجح في هذه الوظيفة لأنه قبل أن يلتحق بالتعليم الفني، بعد عمل لمدة سنتين في مجال التأمينات، وكان لديه قدرة على إقناع الكثيرين؛ لكن النظام في ألمانيا يطلب شخصًا دارسًا فدخل مجال التعليم الفني من أجل الحصول على شهادة فقط ولكن تغيرت حياته بأكملها.


في الفندق عمل وليد مديرًا للمبيعات، ومسئولا عن تنظيم مؤتمرات جميع السفارات في برلين، وأيضا تسكين الوفود الدبلوماسية فيه؛ إلا أنه انتقل من وظيفته ليصبح الآن المنظم لجميع المؤتمرات الدبلوماسية في جميع الفنادق الكبرى في برلين.

 

اقرأ للمحرر أيضًا| أكل العيش بـ«نصف أصابع».. مآسي نجاري الأثاث بدمياط


ولا تزال مفاجآت وليد مستمرة، إذ تزوج من طبيبة مصرية تعرف عليها أثناء زيارته لمصر وتزوجها، رغم أنه تعليم فني وزوجته حاصلة على بكالوريوس الطب،  ولكنه استطاع أن يقنعها بأن تتزوج منه وهو حاصل على شهادة تعليم فني.

 

يقول وليد إن المجتمع الألماني ملتزم للغاية وليس عنصريًا مع الجنسيات الأخرى؛ لكنهم ينظرون إليك بأكثر من نظرة وعليك أن تثبت نجاحك عليهم فمثلا المجتمع هناك صارم للغاية؛ لكن الفهلوة المصرية التي تعلمها من المصريين بألمانيا كانت أهم أسباب نجاحه في وظيفته كمدير المبيعات، ففي النهاية وظيفته طريقة عرض الكلام وإقناع، وهذه ميزة جيدة جدا في المصريين.