خالد ميري يكتب من بكين: قصة نجاح على طريق الحرير

خالد ميري
خالد ميري

- بينج وبوتين يثقان فى رؤية السيسى.. والصداقة كلمة السر لتحقيق المصالح المشتركة
- أسرار ٧ لقاءات قمة و٤ مشاركات فعالة فى منتدى الحزام والطريق خلال ٣ أيام
- زعماء أوربا وآسيا اتفقوا على إعلان الإعجاب بالشعب المصرى والتفاؤل حول المستقبل بعد الاستفتاء
- مصر العمود الفقرى للوطن العربى تعيش فترة تحقيق الأحلام الكبيرة
- مشكلات البنية الأساسية والطاقة وسعر الصرف أصبحت من الماضى والبيئة التشريعية جاذبة للاستثمار


من المؤكد أن المصالح المشتركة التى تقوم على الاحترام المتبادل هى الأساس الذى يحكم علاقة مصر مع كل دول العالم شرقا وغربا، لكن الحقيقة الواضحة التى كشفت عنها زيارة الأيام الخمسة للعاصمة الصينية بكين، أن الصداقة التى تربط زعيم مصر عبدالفتاح السيسى بالزعيمين الصينى شى جين بينج والروسى فلاديمير بوتين.. هى نقطة الانطلاق الحقيقية للشراكة الإستراتيجية الشاملة التى تجمع بين مصر والدولتين.


ووضح خلال الزيارة أن أصداء المشاركة الشعبية التاريخية والواسعة فى الاستفتاء على تعديل الدستور كانت حاضرة بقوة فى كل أنحاء العالم، وفى لقاءات القمة التى جمعت السيسى مع بينج وبوتين ومحمد بن راشد نائب رئيس الامارات كان الحديث دوما ما يبدأ من الاستفتاء، الجميع حرصوا على تهنئة الرئيس والشعب المصرى على هذا الحضور الكبير واللافت، والتأكيد على ان الحضور هو تأكيد لنجاح برامج الإصلاح الاقتصادى ونجاح خطط التنمية الشاملة، وأنه يمهد الطريق لاستكمال خطط التنمية فى مناخ آمن مستقر بما يدفع الجميع للتفاؤل حول مستقبل مصر.. نعم شعب مصر بوعيه وإيجابيته أجبر العالم بأكمله على احترام إرادته، وهذه هى مصر - السيسى الدولة التى تسير إلى الامام بخطوات واسعة والعالم يحترمها ويرفع لها قبعة الاحترام.


خلال لقاء القمة السابع الذى جمع السيسى وبينج فى بكين فى سادس زيارة لزعيم مصر إلى الصين خلال اقل من ٥ سنوات، بدا واضحا هذا التقارب والتفاهم الكبير بين الزعيمين وان صداقتهما اساس راسخ لتذليل اى عقبات ودفع العلاقات إلى الأمام بكل قوة، منذ وصول الرئيس السيسى إلى الحكم حرص بينج على توقيع اتفاق شراكة استراتيجية شاملة مع مصر، ومع كل لقاء يتم منح العلاقات دفعة إيجابية جديدة إلى الامام، الحديث كان إيجابيا وبدأ بالتاريخ فمصر والصين هما الحضارتان الأقدم عالميا وهما مؤهلتان من جديد للعودة إلى صدارة العالم فى المكان الذى يستحقانه، ومصر نجحت فى استعادة مكانتها القيادية عربيا وإفريقيا وتسير فى طريقها لتصبح من كبار العالم، والصين أصبحت القوة الثانية عالميا فى الاقتصاد وتسعى لتصبح القوة الاولى خلال ١٠ سنوات.


بينج أكد أن مصر محور أساسى فى مبادرة الحزام والطريق خاصة منطقة قناة السويس وأعرب عن إعجابه بدور زعيم مصر فى نشر التسامح الدينى والتعايش السلمى، بينما أكد السيسى إعجابه بتجربة الصين الملهمة وأهمية استفادتنا من تجاربهم فى التعليم المهنى وتدريب العمالة، وتم التأكيد على أهمية زيادة أعداد السياحة الصينية الوافدة لمصر.


بينج شكر السيسى على تلبية الدعوة والمشاركة فى قمة منتدى الحزام والطريق، وأشاد بجهود التنمية والإصلاح الاقتصادى والمشروعات القومية غير المسبوقة بمصر.. مؤكدا رغبة الصين فى زيادة الاستثمارات بمصر ودعم خطط التنمية، ورد السيسى بتهنئته بقرب الاحتفال بالعيد السبعين لتأسيس الصين الشعبية، مؤكدا أن مبادرة الحزام والطريق تتفق مع خطة التنمية الشاملة بمصر ٢٠٣٠ وتساعد على التنمية الشاملة للجميع بلا استثناء، ولأنها كانت القمة الاولى بعد رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى كان طبيعيا أن يمتد الحوار إلى التعاون الصينى - المصرى - الافريقى فى إطار المبادرة وخارجها، وبدا واضحا خلال المحادثات الأهمية المتزايدة لقناة السويس التى أصبحت جسرا لتلاقى الحضارات والتعاون الصينى الإفريقى، كما انها الممر الملاحى لـ ٢٠٪ من التجارة العالمية.


وربما كان الحديث الذى لم ينقطع عن القناة وأهميتها خلال اللقاء مع بينج ومع قادة ٤٠ دولة شاركوا فى منتدى الحزام والطريق، هو الرد الأمثل على المرجفين وهواة التشكيك.. فهذا تأكيد جديد واضح كالشمس فى كبد السماء على أهمية ما فعلته مصر عندما شقت القناة الجديدة، وعلى ان هذا المشروع ما كان يمكن ان يتأخر تنفيذه، نعم محور القناة والاستثمارات من حوله أصبحت هى الاهتمام الاول لكل القادة حول العالم.. والجميع يتسابق ليمتلك منطقة اقتصادية هناك او يشارك فى الاستثمار فى اى مشروع.


قمة السيسى - بينج أكدت على جذب استثمارات صينية جديدة إلى مصر وزيادة الصادرات المصرية إلى الصين، ودعم الصين لمصر فى حربها ضد الإرهاب وفى التوصل إلى حلول سياسية للأزمات بمنطقة الشرق الأوسط، كما منحت دفعة جديدة قوية للتعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى والأمنى.


ولم تكن القمة التى جمعت زعيم مصر عبد الفتاح السيسى بنظيره الروسى بوتين أقل أهمية، فروسيا ايضا شريك استراتيجى شامل لمصر منذ العام الماضى، وبعد تأكيد بوتين انه اصبح متفائلا حول كل الأوضاع بمصر بعد الاستفتاء على الدستور، عاد ليؤكد ان مصر قصة نجاح كبرى فى منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، وكانت الصداقة القوية التى تربط الزعيمين عنوانا واضحا للقاء فبوتين أكد انه يقدر السيسى بشكل شخصى ويثق فى رؤيته ويحب ان يستمع إلى تحليله الحكيم للأحداث فى الشرق الأوسط وانه يعتمد عليها بشكل كبير فى تشكيل مواقفه، كما أكد انه يعتمد بشكل اساسى على التنسيق مع زعيم مصر، استمع بوتين إلى رؤية زعيم مصر حول الوضع فى ليبيا بعد القمة الافريقية المصغرة التى استضافتها القاهرة، ودعم مصر لوحدة الجيش الوطنى وتقويته، كما استمع إلى الرؤية حول الوضع بالسودان بعد القمة الافريقية بالقاهرة، وأكد السيسى ان موقف مصر ثابت من القضية الفلسطينية ودعم التوصل لسلام عادل وشامل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وخلال اللقاء أشاد بوتين بإجراءات التأمين بالمطارات المصرية مؤكدا قرب عودة الطيران الروسى إلى الغردقة وشرم الشيخ بعد انتهاء المفاوضات الفنية الاخيرة، واكد الزعيمان رضاهما عن سير العمل بمحطة الضبعة النووية والمنطقة الاقتصادية الروسية بالقناة، واتفقا على التعاون الكامل وتبادل المعلومات فى مكافحة الإرهاب وأنه لا بديل عن الحل السياسى فى سوريا، واستعرضا التجهيزات للقمة الروسية - الإفريقية فى اكتوبر المقبل.


ومن القمتين مع بينج وبوتين إلى ٥ لقاءات قمة أخرى عقدها زعيم مصر فى بكين، حيث التقى ثلاثة من كبار قادة أوروبا هم رئيس الوزراء الإيطالى جوزيبى كونتى فى مقر إقامة زعيم مصر، ورئيس البرتغال مارسيلو دى سوزا ورئيس سويسرا اولى ماورر على هامش العشاء الخاص الذى اقامه بينج للقادة المشاركين فى المنتدى، اللقاءات الثلاثة تناولت العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وجذب استثمارات جديدة فى المشروعات القومية الكبرى والصناعة ومحور قناة السويس، وأهمية تنمية جنوب البحر المتوسط ودوّل القارة السمراء بما يخلق فرص عمل يحتاجها الشباب.. ليساعد ذلك على تجفيف منابع الارهاب والتطرف وإغلاق الأبواب امام الهجرة غير الشرعية.


وعلى مستوى آسيا التقى رئيس مصر مع وانج يانج رئيس المجلس الوطنى للمكتب الاستشارى للحزب الشيوعى الصينى، وهى مؤسسة مهمة تقوم بالرقابة على تنفيذ القوانين ومتابعة القضايا السياسية والاقتصادية، وأعلن يانج إعجابه بالنهضة الشاملة فى مصر والتى أصبحت جاذبة للاستثمار، وأكد أن مصر تعيش مرحلة تحقيق الأحلام الكبرى، بينما اكد الرئيس على الدور المصرى الرائد لإقرار السلم والأمن والاستقرار بالمنطقة واجتثاث جذور الإرهاب، وعرض فرص الاستثمار الكبرى فى مختلف المجالات بمصر.


وكان اللقاء الاول للرئيس فى بكين بمقر إقامته مع الشيخ محمد بن راشد حاكم دبى ونائب رئيس الامارات، والذى اكد ان مصر هى القلب النابض للامة العربية وعمودها الفقرى وان قوة مصر هى قوة لكل العرب وهنأ الشعب المصرى والرئيس على المشاركة الشعبية الواسعة فى الاستفتاء، واشاد الرئيس بالعلاقات المصرية الاماراتية التى أصبحت نموذجا للعلاقات والتعاون بين الاشقاء.


ومن لقاءات القمة إلى الشق الثانى للزيارة والمشاركة فى اعمال منتدى الحزام والطريق مع ٤٠ من رؤساء ورؤساء حكومات ٤٠ دولة، حيث شارك الرئيس صباح الجمعة الماضى فى الجلسة الافتتاحية بكلمة مهمة، أكد فيها عمق وصلابة العلاقات المصرية الصينية وأن مبادرة الحزام والطريق أصبحت اساسا لمواجهة التحديات المشتركة والتعاون لتحقيق تطلعات الشعوب لحياة أفضل، خاصة انها تتفق مع رؤية مصر ٢٠٣٠ للتنمية الشاملة المستدامة.. والارتقاء بالبنية التحتية فى مجالات النقل والطاقة والتكنولوجيا مع تحقيق التكامل المالى وتعزيز التعاون الثقافى، كما تحدث عن دور المبادرة لتعزيز التعاون الصينى المصرى الإفريقى للارتقاء بمستوى معيشة مواطنى القارة السمراء.


بعدها استقبل زعيم مصر بمقر إقامته نخبة من رؤساء الشركات ورجال الاعمال الصينيين، والذين تسابقوا لعرض مشروعاتهم للاستثمار فى مصر فى مجالات الجلود والسيارات الكهربية والتكنولوجيا والقطار الكهربى بالعاصمة الادارية الجديدة والزجاج، وأكد زعيم مصر انه مستعد فورا لإزالة اى عقبات وتوقيع عقود انشاء المصانع الجديدة، وان مشكلات البنية الاساسية والطاقة وسعر الصرف أصبحت من الماضى، والبيئة التشريعية أصبحت جاذبة للاستثمار، وقال ان الصين حققت معجزة خلال ٤٠ سنة ومصر تسير على نفس الطريق، وانه معجب بثقافة تدريب وتشغيل العمالة وان مصر مستعدة للشراكة معهم وليس مجرد فتح الأبواب للاستثمارات، واكد على اهمية عنصر الوقت وسرعة إنجاز المشروعات، واتفق رؤساء الشركات ان مصر أصبحت اكثر جذبا للاستثمارات كما ان موقعها متميز وانهم حريصون على الاستثمار وسرعة إنجاز المشروعات.


وعلى هامش اللقاء وقع وزير الانتاج الحربى اللواء محمد العصار مع شركة فوتون الصينية عقد انتاج الأتوبيس الذى يسير بالكهرباء، وتشارك الوزارة فى الانتاج بنسبة ٤٥٪ وخلال ٤ سنوات يتم انتاج 2٠٠٠ أتوبيس، كما وقع الفريق عبدالمنعم التراس رئيس الهيئة العربية للتصنيع عقدا مع الشركة المنفذة للقطار الكهربى للعاصمة الادارية بأن تشارك الهيئة بنسبة ٤٦٪ من انتاج عربات القطار، وهى مقدمة لنقل التكنولوجيا كاملة لمصر وتدريب وتأهيل العمالة المصرية.


ومساء الجمعة شارك زعيم مصر فى حفل العشاء الذى أقامه زعيم الصين على شرف ٤٠ من رؤساء الدول والحكومات شاركوا فى اعمال المنتدى، حيث جمعته لقاءات ودية مع قادة العالم.


وامس السبت شارك الرئيس فى المائدة المستديرة لقادة دول الحزام والطريق، حيث ألقى كلمة مهمة فى الجلسة الأولى.


منذ وصول زعيم مصر إلى بكين فى الواحدة بعد منتصف ليل الاربعاء وحتى مغادرته بكين صباح اليوم لم يتوقف العمل للحظة واحدة، فمن لقاء قمة إلى لقاء آخر ومن جلسة إلى جلسة أخرى، وكان واضحا ان زعيم مصر موضع اهتمام واحترام كل قادة العالم المشاركين بالمنتدى، خاصة انها الزيارة الاولى له خارج مصر بعد النجاح غير المسبوق للاستفتاء على تعديل الدستور، حيث كانت المشاركة الشعبية الواسعة محل حديث كل دول العالم، وايضا بعد تولى مصر رئاسة الاتحاد الافريقى ولهذا كانت اللقاءات مع القادة تتناول علاقات مصر بدولهم فى الشق الأهم وعلاقات دولهم بإفريقيا فى شق لا يقل أهمية.


زيارة الأيام الخمسة للصين واللقاءات المكثفة على مدار ثلاثة ايام أكدت ان زعيم مصر عبدالفتاح السيسى يحظى باحترام وتقدير كبير من كل قادة العالم، وان علاقات الصداقة القوية التى تربطه بزعماء العالم كانت وما زالت نقطة الانطلاق الأهم لتحقيق المصالح المشتركة وتحقيق تطلعات وطموحات الشعب المصرى فى الحياة الكريمة، والزعيم يواصل العمل ليل نهار لتحقيق هدف واحد هو وصول مصر للمكانة التى تستحقها بين كبار العالم وتحقيق كامل طموحات شعبها الكريم.