إيلي كوهين.. جاسوس إسرائيلي في سوريا «رأفت الهجان» وراه كشفه

الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين
الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين

"حرب الجواسيس" حكايةٌ عربيةٌ إسرائيليةٌ في النصف الثاني من القرن الماضي، تفنن خلالها كل طرفٍ في خداع الطرف الآخر، واستسقاء أخطر المعلومات والأسرار في ظل عداءٍ على كافة الجوانب بين العرب وإسرائيل خاصةً في تلك المرحلة الحساسة من عمر البلاد العربية، التي كانت على خط المواجهة مع إسرائيل.

إيلي كوهين، أحد أولئك الذين دستهم إسرائيل في الأراضي العربية، وتحديدًا في سوريا، ليكون عينًا لها في بلدٍ عقدت إسرائيل العزم على احتلال جزءٍ من أراضيها فيما بعد، تمثل في هضبة الجولان السورية.

بداية القصة

حكاية كوهين في الحياة بدأت في مصر، وكتب أبرز فصول نهاياتها مصريٌ، وُلد إيلي بن شاؤول كوهين في مدينة الإسكندرية في 26 ديسمبر عام 1924 لأسرةٍ هاجرت إلى مصر من مدينة حلب السورية.

تلقى كوهين تعاليمه في مدارس دينية يهودية، والتحق بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، قبل أن ينضم وهو في العشرين ربيعًا للحركة الصهيونية، قبل سنواتٍ قليلةٍ من قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين عام 1948.

إيلي كوهين غادر مصر بصورةٍ نهائيةٍ عام 1957 متجهًا إلى الأراضي المحتلة، حيث أُقيمت دولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد أن كان قد التحق بشبكة تجسس إسرائيلية في مصر.

وبعد وصوله لإسرائيل عمل مترجمًا للصحف العربية إلى اللغة العبرية، قبل أن يؤول به الحال إلى الالتحاق بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد".

أرادت إسرائيل أن تجعل منه جاسوسًا لها في سوريا، فدبرت حيلةً انصاعت لها سوريا في البداية قبل أن يكتُشف أمر جاسوسية كوهين لإسرائيل.

كوهين ذهب إلى الأرجنتين عام 1961 باعتباره سوري مسلم اسمه الحركي "كامل أمين ثابت"، وقد نجح هناك في بناء سمعة كرجل أعمال ناجح متحمس لوطنه الأم سوريا.

وتوطدت علاقته بالعقيد أمين الحافظ، رئيس سوريا فيما بعد، والذي كان وقتها ملحقًا عسكريًا لبلاده في بوينس أيرس، وبعد ذلك بعامٍ ذهب إلى سوريا بصفته رجل الأعمال المسلم، وتوطدت علاقاته بضباط الجيش السوري وكبار المسؤولين، إلى أن أصبح مستشارًا لوزير الدفاع، وكان قريبًا من أن يتولى حقيبة الدفاع.

انكشاف أمره

لكن خديعة كوهين والموساد الإسرائيلي لم تصمد طويلًا فسرعان ما تكشف أمرها، ليتم إلقاء القبض على إيلي كوهين ومحاكمته أمام محكمة عسكرية استثنائية، حكم عليه بالإعدام، ونُفذ الحكم فيه يوم 19 مايو عام 1965.

وتضارب الأقاويل حول من اكتشف أمر كوهين، لكن الترجيحات تقول إنه الجاسوس المصري رفعت الجمال، المعروف حركيًا بـ"رأفت الهجان"، حين تعرف عليه عندما رآه بملابس مدنية وسط مجموعة من الضباط السوريين في إحدى الصور، وتذكر أنه كان مسجونًا معه في مصر.

وسارع رأفت الهجان وقتها بإبلاغ السلطات المصرية، التي بدورها أبلغت القيادة السورية بأمر هذا الجاسوس، ليلقى جزاءه، ومصيره الذي أفضى به إلى "الموت".

وتُستحضر قصة كوهين اليوم مع قيام وفدٍ روسيٍ بتسليم رفات الجاسوس الإسرائيلي إلى تل أبيب، بعد نحو أكثر من نصف قرنٍ على رفض دمشق نقل رفات كوهين من سوريا إلى إسرائيل.