اكتبوا التاريخ بحروف من نور 

حسن الإمام الجندي المجهول في السينما المصرية

حسن الإمام
حسن الإمام

من غير المقبول أن ننكر الحركة النقدية وإسهاماتها في إثراء السينما المصرية وتناولها الفن السابع بالنظر والتدقيق الدءوب على مدار السنين.


والحركة النقدية المصرية في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي كانت عنوانا لإحدى الندوات الهامة التي أثارت جدلا كبيرا على هامش مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة. 


وتلك المرحلة معروف عن نقادها أيضا اسم الطبقة اليسارية المثقفة،  تلك الفترة التي تناولتها الحلقة البحثية على وجهه الخصوص كان بها تحول فكري وحراك من 1970 وحتى حرب 73 حتى أعلن السادات الانفتاح، لذا شاب هذه الحقبة شد وجذب بين النقاد والسلطة امتدت صداها إلى صفحات الصحف والمجلات.


وفي العام الماضي، احتفت الدورة الماضية للمهرجان وجمعية نقاد السينما المصريين بالناقد سمير فريد، وأقيمت حلقة بحثية تشير إلى جهد الحركة النقدية السينمائية والمواكبة للجهد الذي بذله سمير فريد عبر مسيرة 50 عاما. واليوم تواصل "جمعية النقاد" جهودها للحركة النقدية في السبعينيات. وربطها مع الإبداع السينمائي المصري في الصحف والمجلات السينمائية العامة والمتخصصة، ودور الجمعيات السينمائية والتجمعات التي لعبت دورا في بلورة الجو النقدي الثقافي لإثراء السينما.


الناقد محسن ويفي معروف عنه الحيادية في الرأي، والصدر الرحب للاستماع للرأي الآخر وتقبل المغاير منه، شدد على أنهم ليسوا بصدد أن يكونوا الحكم و الخصم في آن واحد، وهو قول جميل يحوي المعنى الحقيقي للإنصاف للتاريخ وتسجيله في آن واحد، ولكن الفعل شيء آخر، لأن المنصة التي تحدثت عن الحركة النقدية في السبعينات والتي أجرت الأوراق البحثية وقدمتها في كتاب رصدت خلاله تلك الحركة جميعهم من تيار سينمائي واحد عدى اسم ممن قدموا ورقه بحثية، وبذلك غفلت الحلقة البحثية حق آخرين ممن كان لهم دورا بارزا في الحركة النقدية السينمائية في تلك المرحلة ولا ينتموا للتيار اليساري وعلى رأسهم الراحل أحمد الحضري الحاصل على أول جائزة في النقد في مصر، وله إسهامات معروفة لدى القاصي والداني، وهناك أيضا أحمد راشد، مصطفى درويش، سامي السلاموني، وصاحب الاسم الأخير على وجهه التحديد تسببت كتاباته النقدية ومواقفه السياسية أن بلغ الأمر من جانب  الرئيس السادات بمنعه من الكتابة في مجلة لإذاعة والتليفزيون بعدما ساهم في عرض فيلم "أغنية على الممر"  مع المخرج علي عبد الخالق والفنان صلاح السعدني بجامعة القاهرة،  وخرج الطلبة في مظاهرة مطالبين بالحرب. واعتبر السادات في ذلك الوقت موقفهم نوعا من التحريض.


نعم كانت مرحلة السبعينيات بها شد وجذب كبير بين الأطراف، حتى أن الدولة متمثلة في وزير الثقافة في ذلك الوقت يوسف السباعي قام بتشجيع كمال الملاخ على تأسيس جمعية كتاب ونقاد السينما لتناهض جمعية نقاد السينما التي ينتمي معظم أعضائها للتيار اليساري، وذلك كله تاريخ لا يمكن محوه من الذاكرة أو الكتب التي خطت في هذا الزمان.  


السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل النقد في مرحلة ما كان يخضع للفكر الأيدلوجي وليس للأسلوب الفني، هل تم ظلم كثير من الأعمال السينمائية لعدم انتمائهم لأصحاب ذات الفكر، وتم مهاجمة أعمالهم السينمائية من منظور أيدلوجي عقائدي،  وهنا أود أن أشير إلى حوار أجريته قبل عامين تم نشره في جريدة الأخبار مع خميس الخياطي الناقد اليساري التونسي الذي كشف عن واقعه مهاجمة المخرج حسام الدين مصطفى أثناء انعقاد مهرجان قرطاج لصالح الناقد سمير فريد من منطلق أن المخرج حسام ساداتي فقط وهو اعتراف شجاع للناقد الذي أعلن في الحوار أن الفكر العقائدي كان سائدا في الحكم على الأعمال الفنية.


وإذا كانت الإجابة على تساؤلي وضحت من إجابة الخياطي،  فإن التاريخ يدعونا إلى  إعادة النظر في أعمال كثير من المخرجين اللذين لم توف جماعة السينما الجديدة والنقاد حقهم وظلموا من أمثال حسن الإمام الذي اعترف كثيرين من النقاد بعظمة أعماله وعلى التاريخ أن ينصفه هو وغيره.