فيديو وصور| دباغة الجلود في مهب الريح.. والعمال: لدينا مطالب للنقل للروبيكي

دباغة الجلود في مهب الريح.. العمال: مصيرنا التشرد ولدينا مطالب للنقل للروبيكي
دباغة الجلود في مهب الريح.. العمال: مصيرنا التشرد ولدينا مطالب للنقل للروبيكي

- العمال: الروبيكي تنقصها المرافق والخدمات كالمدارس والمستشفيات والسكن.. والمواصلات بعيدة

- صاحب مدبغة: مشكلات الصناعة يتحملها المستهلك بارتفاع أسعار السلع.. والعمال يتركون المهنة

- مطالب بتعليمها في المدارس الفنية وإعادة معهد الدباغة.. والنقل بسبب التلوث وتحديث الصناعة

- 70 % من الورش انتقلت للروبيكي.. ومدابغ حصلت على تعويضات مادية وسرحت العمال

- العمال: هذه هي مراحل الصناعة واستخدامات الجلود.. والصناعة كلها مخاطر وتزيد حال نقلنا

- صاحب معرض: نصدر جلود نصف تشطيب للعالم كله.. والمصري لديه عقدة الخواجة والـ« finish»

 

6 سنوات بالتمام والكمال مرت على بدء نقل الدولة مدابغ مجرى العيون إلى منطقة الروبيكي على طريق القاهرة السويس الصحراوي؛ للحد من معدلات التلوث الكبيرة في المنطقة المتواجد بها مستشفى سرطان الأطفال 57357، وكذلك بهدف تطوير الصناعة الحيوية والوصول بها من المحلية إلى العالمية.

وبدأت المرحلة الأولى في أبريل 2013، ثم تبعتها المرحلة الثانية ويجري العمل عليها الآن، أما المرحلة الثالثة فيجري التخطيط لها؛ إلا أن المدابغ المتبقية في مجرى العيون ترفض نقلها للروبيكي لأسباب تتعلق بعدم اكتمال البنية التحتية والخدمات هناك، ولاسيما ابتعاد المسافة عن مناطق إقامة العمال ما دعا كثيرون منهم لهجر الصناعة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار متر الأرض والنظافة والمرافق كالمياه والكهرباء وغيرها.

استمعت «بوابة أخبار اليوم» لمطالب أصحاب المدابغ والعمال في مجرى العيون كي يكتمل نقلهم للروبيكي، وكذا نرصد مراحل الصناعة منذ وصولها جلود مواشي حتى تحويلها لجاكت وحذاء وسجادة ومفرش، كما نرصد المخاطر التي يتعرض لها العمال أثناء رحلتهم اليومية لآكل العيش، وأسعار الجلود وقت شرائها، والصناعات القائمة على كل نوع من الجلود سواء بقري أو ماعز أو تمساح أو ذئاب، والدول المستوردة والمصدرة لمصر؛ كل ذلك في سياق السطور التالية.     

 

 

مراحل الصناعة  

 

بهمة عالية وإتقان؛ بدا لنا هاني محمد، الشاب الثلاثيني، العامل في إحدى المدابغ، وهو يُلمع جلد ثعبان أسود اللون، ضمن مراحل دباغة الجلود، فيقول: «مرحل دباغة الجلود تبدأ منذ وصول الجلود من المجازر فيتم تغطيتها بالملح حتى نطرد الدم الذي به ضمن عملية التحنيط، وبعد ذلك نتركه فترة، ثم نضعه في البراميل لتنظيفه من الدم، ثم يتم إزالة الشعر الذي عليه، ثم يتم تسويته بمياه نارية وملح وفورميد، ثم يوضع على الماكينة يتم حلاقته وتخفيفه ووضع العيار المناسب لهم، ثم يمر بمرحلة ربط الألياف، وإضافة مادة الكروم عليه حتى يتحول لونه للون الأخضر، ثم يتم تأطيره، ويأخذ عياره المناسب في الماكينات حسب ما هو مطلوب من الزبائن».

 

 

استخدامات الجلود

ويضيف هاني محمد، أن الجلود تتنوع بين البقري والجاموسي والضاني وجلود الثعابين والأسود والذئاب والتماسيح والثعالب، موضحا أن الحزام يتم صناعته من جلد الجاموس، والجواكت الشتوية من جلد الضاني، والشنط من الجلد البقري والثعابين، أما التماسيح فتدخل في صناعة الجلود وتكون ذات جودة وأسعار عالية وتصدر للخارج.

 

 

مخاطر الصناعة

 

ويوضح هاني محمد، أن دباغة الجلود تتنوع فيها المخاطر فمثلا المياه النارية تكوي وتحرق الجسم إذا أصابت أحد العاملين، ويوجد ماكينة «المقلوب» 36 سلاحا ولو أحد العمال يده أصابت سلاحا تُقطع، وكثير ما تحدث إصابات بين العمال فمثلا أحد العمال الماكينة المقلوبة قطعت ذراعه، وآخر العصارة فرمت ذراعه وقطعت شراينه، مؤكدا أن العاملين جميعهم يتم التأمين عليهم من صاحب المدبغة، ومن يُصاب إصابة بالغة في العمل يحصل على معاش التأمين.

 

والتقط منه حسن عبد الفتاح، فني دباغة جلود، طرف الحديث قائلا: «إن المواد الكيماوية تضر بالإنسان، ورائحة الجلود تؤذي التنفس وتسبب حساسية على الصدر، وكذلك ملح النشادر وصنفرة الجلد نفسها يخرج عنها غبار».

 

 

مطالب العمال

 

أما شكاوى العمال حول نقلهم لمنطقة الروبيكي، فيقول «هاني»، إن أبرز المشكلات عدم توافر المرافق هناك من كهرباء وغاز ومياه وصرف صحي وصناعي، وارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والمواصلات، موضحا أن بعض المدابغ تم نقلها للروبيكي، والبعض حصل على تعويض مادي دون استلام مدبغة هناك، والبعض لايزال موجود في مجرى العيون، مشيرا إلى أن من حصلوا على تعويض مادي تركوا صناعة الجلود وسرحوا العمال لديهم  ليمتهن هؤلاء العمال سواقة «التوكتوك» أو حرف آخرى أو تعرض بعضهم للانحراف كالاتجار في مواد مخدرة بالمنطقة.

 

ويشير إلى أن منطقة الروبيكي تخلو من الخدمات كالمدارس التي نعلم فيها أولادنا ومستشفيات للعلاج وننقذ فيها من يُصاب من العمال، كما لا يوجد مطاعم للأكل فمن تم نقلهم من العمال يأخذون يوميا طعامهم ومياه كأنهم ذاهبون لرحلة! موضحا أنه تبعد عن القاهرة نحو 60 كيلو، لافتا إلى أن الورش هناك مطورة لكن كان ينبغي إنهاء المرافق بها وتوفير سكن للعمال لأننا في صحراء هنعيش ازاي!.

 

ويتفق معه حسن عبد الفتاح، فني دباغة جلود، فيقول أن ابتعاد منطقة الروبيكي عن القاهرة أزمة كبيرة لأنها تبعد ساعة ونصف ذهاب ومثلها للعودة، ونعمل 8 ساعات، هنام امته؟ والبديل هو توفير سكن ومواصلات للعمال حتى يستطيعوا الإنتاج.

 

ويضيف أن نقل العمال للروبيكي يزيد من مخاطر الصناعة على العمال لأنه  في مجرى العيون تتوافر مستشفيات كثيرة قريبة بخلاف منطقة في الصحراء لا توجد فيها مستشفيات، منوها: «اللي هيتصاب هناك دمه يتصفى قبل ما نلحقه».

 

توارث المهنة

 

ويذكر حسن عبد الفتاح، فني دباغة جلود، أن المهنة يتم تعليمها بالتوارث بين العمال، وجيل يعلم جيل، مؤكدا أن حصول أصحاب الورش على تعويضات كبديل لنقلهم للروبيكي وتسريح العمال جراء ذلك يجعل من المهنة عرضة للانقراض، وعلى الدولة التحرك لإنقاذ المهنة.

 

التصدير للخارج

 

ويوضح أن مصر تصدر جلود للخارج ولكن ليس في شكله النهائي، أي يستفيد المستورد منا بالمنتج جاهز للتصنيع، لكن نحن نتضرر من التلوث الذي يخرج من الجلود، وأهم الدول التي نصدر لها لإيطاليا وإسبانيا ودول كثيرة.

 

 

التصاريح والمرافق

 

أما ياسر سيد إبراهيم، صاحب مدبغة ومعرض بمجرى العيون، فيطالب بتوفير سكن ومدارس ومستشفيات للعمال في الروبيكي، وتوفير مواصلات لأن بُعد الروبيكي يجعل العامل مرهق، وتوفير سيارات إسعاف ومطافئ، وضرورة توفير مدينة صناعية متكاملة، مؤكدا أن الهدف من النقل للروبيكي كان تحديث الصناعة والحد من التلوث، وتقادم الصرف الصحي والصناعي مع الزمن ولم يعد يكفي ازدياد الورش بكثافة في مجرى العيون.

 

 

انقراض المهنة.. والمدارس الفنية

 

ويشير سيد إبراهيم، إلى أن حوالي 70% من الورش انتقلت بالفعل، و30% لا يزال مُتبقي بمجرى العيون، مضيفا أن بعض المدابغ قدمت أوراق للحصول على مدابغ بديلة للروبيكي وفوجئوا بتحويلهم للتعويض المادي بحجة عدم كفاية الأماكن هناك، ويبلغ متر التعويض 2000 جنيه، وكيف تدعو الحكومة لتحديث الصناعة والمكن الذي لدينا يتفكك والعمال يتشردون جراء التعويض المادي؟ وعدد قليل من العمال انتقل للروبيكي والباقي يبحث عن مهن آخرى غير الدباغة.

 

وينوه إلى أن المهنة معرضة للانقراض نظرا لهروب العمال منها، والمدابغ مبنية على العمال، لافتا إلى أن معهد دباغة الجلود تم إغلاقه، ونطالب بجيل آخر من الصنايعية من خلال تخصيص أقسام بالمدارس الفنية للدباغة مثل النجارة والسباكة، كتعليمهم صناعة الشنط والأحذية، ولابد من إنشاء معهد يدرب الشباب على أحدث الماكينات.

 

 

مراحل النقل وعدم الاستقرار

 

ويؤكد صاحب مدبغة ومعرض بمجرى العيون، أن مراحل الحكومة لنقل المدابغ تخلق حالة من عدم الاستقرار في الصناعة لأننا لا نعلم مواعيد نقلنا وفي أي وقت من الممن أن نفاجأ بقرار النقل، فلا نستطيع الاتفاق على شغل جديد، موضحا أن تعدد الجهات بين وزارة الصناعة والمحليات والأوراق المطلوبة يربك الحرفة.

 

 

انتشار التلوث

 

ويوضح سيد إبراهيم، أنه في عيد الأضحى يأتي الزبائن بالجلود لمنطقة المدابغ لبيع جلود الأضاحي، وفي حالة النقل للروبيكي لن يذهبوا للصحراء مسافات بعيدة وسيفضلون إلقاء الجلود في القمامة ما ينشر التلوث على نطاق واسع، ولم يتم التفكير في أماكن لتجميع الجلد من المحافظات مثلا.

 

 

أسعار الجلود

 

ويذكر سيد إبراهيم، أن في عيد الأضحى نفقد كمية كبيرة من الجلود لأن هناك من لسوا جزارين ويقومون بذبح الأضاحي ما يعرض معظم الجلود للتلف وخسارة بالمليارات، مطالبا بالذبح في المجازر، مؤكدا أن مصر تصدر للعالم كله جلود لأن العلف المصري طبيعي.

 

ويوضح أن بورصة الجلود تتحدد حسب السوق وطلبات التصدير قبل الأضحى، فمثلا جلد البقرة أو الجاموس من 250 جنيه فأكثر، والضاني والماعز 10 جنيهات.

 

ويوضح أن مصر لا تصنع مواد الدباغة إلا الملح والمياه النارية، والباقي مستورد من تركيا وإيطاليا والأردن، ما يرفع أسعارها، مؤكدا أن المصريين لا يزال لديهم عقدة الخواجة، فيسافر الجلد المصري نصف تشطيب ويعود لنا سلع مصنعة بأسعار خرافية، كما لدينا عقدة الـ« finish»، لافتا إلى أن المستهلك هو من يدفع تكلفة مشكلات الصناعة في النهاية بارتفاع أسعار السلع كالأحذية والأحزمة والشنط والجواكت.