«التعديلات الدستورية» بين الحقائق والشائعات

«التعديلات الدستورية» بين الحقائق والشائعات
«التعديلات الدستورية» بين الحقائق والشائعات

الدستور هو وثيقة تضمن للمجتمع حقوقه وتعبر عن تطور المجتمع واحتياجاته ولا ينكر منصف أن الاختبار الواقعي لبعض النصوص الدستورية في دستور 2014 أظهر الاحتياج إلى بعض المراجعة، مما يساهم في بناء مؤسسات قوية ومتوازنة وديمقراطية تستطيع الاضطلاع بمسئولياتها بكفاءة، وذلك دون المساس بالضمانات الأساسية التي كفلها الدستور.

 

فالتعديلات الدستورية استحقاق تفرضه طبيعة الأمور بمصر طبقا للظروف التي تمر بها الدولة، لأن الدستور ملك للشعب يراعى احتياجاته وظروف كل مرحلة يمر بها المجتمع، فالدساتير ليست كتبا مقدسة، لكنها تظل في البداية والنهاية اجتهادا بشريا قابلا للتعديل والتغيير حسب مقتضيات الظروف والمواقف ومصالح الشعوب .

 

التعديلات الدستورية ليست مقتصرة على مصر، وإنما هي موجودة في كل دول العالم وآخرها ما حدث في تركيا العام قبل الماضي حينما تم إدخال 18 تعديلا مقترحا على الدستور التركي، وأيضا فإن الدستور الفرنسي الحالي شهد العديد من التعديلات كان آخرها عام 2008، وعلى مدى 60 عاما تم إدخال 24 تعديلا جديدا على فترات متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى وأول تعديل طال الدستور الفرنسي كان بعد عامين من إقراره، والآن تشهد فرنسا حالة من النقاش العام حول الرغبة في إجراء تعديلات دستورية جديدة .

 

وستظل الدساتير دائما وأبدا قابلة للتعديل والتغيير مادامت قد اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد وضع الدستور المصري 2014 آلية تعديل الدستور في المادة 226، وطبقا لما أظهره التطبيق العملي لدستور 2014 من الحاجة إلى تعديل بعض المواد التي ظهر عدم مناسبتها للأوضاع الحالية، أعلن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب في الجلسة العامة بتاريخ 5 فبراير 2019 موافقة اللجنة العامة بالمجلس، بأغلبية ثلثي عدد أعضائها، على مشروع التقرير الذي أعده مكتب المجلس كلجنة فرعية منبثقة عن اللجنة العامة وفقا لحكم المادتين (134، و142) من اللائحة الداخلية للمجلس بشأن الطلب المقدم من 155 عضوا بإضافة وتعديل بعض مواد الدستور .

 

وتختص الهيئة العليا للانتخابات بإجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية 2019، خلال الفترة القادمة، والتي تشمل تعديل بعض النصوص والمواد الدستورية، ونقاط أخرى.

 

«بوابة أخبار اليوم» ترصد عددًا من الأسئلة حول تلك التعديلات، للرد على كل ما يدور حولها، وتفنيد الشائعات التي أُطلقت بشأنها، والضرورات التي دعت إليها .

 

أولا: ما هي الضرورات الملحة التي دعت إلى طلب تعديل الدستور؟

 

- تعديل الدستور في أي دولة يأتي لمسايرة المتغيرات التي قد تطرأ على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة، ويمكن للأمة ممارسة سيادتها في تعديل بعض نصوص الدستور عن طريق الاستفتاء، لكي يضع الشعب من خلال تجاربه فكرا حديثا متطورا يتناسب مع مكانة مصر واحتياجات شعبها وقدراته وطاقاته، وهذه أهم الضرورات التي دعت إلى إجراء التعديلات الدستورية .

 

- حماية حق الجيل الحالي في تقرير مصيره، من خلال الخروج في الاستفتاء ليقرروا مدى موافقتهم على هذه التعديلات ، خاصة وأن الدستور الحالي وضع في مرحلة صعبة وحرجة بعد ثورة 30 يونيو 2013 .

 

- فكرة مد فترة الرئاسة لتصبح 6 سنوات ليست مرتبطة بشخص بعينه، ولكن حتى تتوافق هذه المدة مع الوقت اللازم لإتمام المشروعات القومية والإصلاحات الاقتصادية، ويبدأ المواطن بالشعور بمردود هذه الإصلاحات على ارض الواقع.

 

- استكمال القضاء على العناصر الإرهابية في سيناء والحفاظ على ما تحقق للشعب من مكتسبات استقرار أمنى، وحتى لا تدخل البلاد في دوامة جديدة من الفوضى، وتبدأ من نقطة الصفر إن لم يكن أسوأ من ذلك.

 

- عودة تشكيل مجلس الشورى كـ"غرفة تشريعية ثانية" لتيسير والإسراع في إنجاز التشريعات المطلوبة للحياة العملية، وتخفيف العبء على مجلس النواب من خلال تحديد اختصاصات لهذا المجلس، بحيث يستكمل دوره في التشريع، من خلال ضمه عدد من خبراء القانون والمتخصصين للمساهمة في انجاز تلك التشريعات.

 

-زيادة نسبة تمثيل المرأة بمجلس النواب تقديرا لدورها في الحياة السياسية ولما أثبتته من كفاءة في كافة الوظائف التي أوكلت إليها.

 

ثانيا: هل ستحول التعديلات الدستورية المقترحة مصر إلى "ملكية عسكرية"؟

 

-التعديلات الدستورية حق أصيل لمجلس النواب المنتخب من جانب الشعب ، كما أنه نشاط ديمقراطي معتاد في أغلب الدول ولا يوجد بالنصوص المقترح تعديلها ما يجعل من مصر ملكية عسكرية، بل تدعم الاستقرار وتحقيق التوازن بين السلطة، ودعم التمثيل العادل للمرأة والشباب والأقباط وذوى الاحتياجات الخاصة في مجلس النواب، وبالتالي تمكين تلك الفئات من المشاركة الفعالة فى الحياة السياسية .

 

ثالثا: ما هي الفئات المستفيدة من التعديلات الدستورية ؟

 

- المرأة.. بترسيخ تمثيل المرأة في مقاعد البرلمان وتكون لها حصة محجوزة دستوريا لا تقل عن الربع.

 

- العمال والفلاحون.. إضفاء استمرارية على التمثيل الملائم لكل من العمال والفلاحين.

 

- الشباب والأقباط والمصريون بالخارج والأشخاص ذوي الإعاقة.. بما يضمن استمرارية التمثيل- بعد أن كان مؤقتا- لنجاح هذه التجربة فى زيادة تمثيل جميع فئات المجتمع بما يرسخ مبدأ المواطنة.

 

- مجلس الشيوخ.. يساهم في زيادة التمثيل المجتمعي وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء.

 

رابعا: ما هى التعديلات الخاصة بالرئاسة ؟

 

- الإبقاء على مدة الرئاسة لفترتين متتاليتين.

 

- تعديل وقت المدة لتولي منصب رئيس الجمهورية لـ6 سنوات بدلا من 4، لتطلب الواقع العملي لذلك، فيما يخص النمو والتنمية وتطور مؤسسات الدولة.

 

- استحداث منصب نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، لمعاونته في أداء مهامه وتنظيم الحالة الخاصة بمن يحل محله في غيابه مما يخدم مصلحة البلاد واستقرارها .

 

خامسا: ما هي التعديلات الخاصة بمدنية الدولة ؟

 

- فصل محاكمة المدنيين عن القضاء العسكري، إلا في جرائم الاعتداء على المناطق العسكرية أو الحدودية .

 

سادسا: ما هي تفاصيل الحوار المجتمعي حول التعديلات الدستورية ؟

 

- الحوار المجتمعي تم تحت قبة البرلمان فى 6 جلسات بموجب 20 ساعة، بغرض استماع وإنصات أعضاء مجلس النواب، لذوى الشأن من رجال الدولة والمجتمع، فيما يخص التعديلات الدستورية .

 

- أسس الحوار المجتمعي تنقسم بين "الديمقراطية" وهى الإنصات بغرض التفكير تمهيدا لاتخاذ القرار وتغطية جميع شرائح المجتمع وفئاته ، و"الشفافية" وهى تغطية كاملة من الإعلام والصحافة ومحرري البرلمان.

 

- المشاركون في الحوار المجتمعي هم "الأزهر والكنيسة ورجال الإعلام والصحافة ورجال القضاء ورجال السياسة والأحزاب والمجالس القومية والنقابات والجامعات ورجال الاقتصاد والكيانات الاقتصادية والمالية وممثلي المجتمع المدني والشخصيات العامة".

 

سابعا: هل ستتم المتابعة الدولية على الاستفتاء ؟

 

- المتابعة الدولية على الاستفتاء قائمة بالفعل، وذلك لبيان مدى نزاهة إجراءات عملية الاستفتاء بكافة مراحلها أمام جميع منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية، وكذلك مفوضيات الانتخابات الأجنبية.

 

- أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات القرار رقم 23 لسنة 2019 بإنشاء قاعدة بيانات لقيد منظمات المجتمع المدني المحلية والأجنبية والدولية وهيئات ومفوضيات الانتخابات الأجنبية، كما صرحت لجميع المنظمات التي تابعت انتخابات الرئاسة 2018 بمتابعة عملية الاستفتاء، كما سمح هذا القرار لأي منظمة أخرى لم تكن قد شاركت في متابعة الانتخابات الرئاسية أن تتقدم للهيئة الوطنية للانتخابات بطلب قيدها في قاعدة البيانات لمتابعة الاستفتاء.