«تنشيط السياحة»: نسعى لاستقطاب سياح جدد يهتمون بالثقافة والتاريخ

هيئة تنشيط السياحة
هيئة تنشيط السياحة

قالت هيئة تنشيط السياحة، إن الاهتمام الرسمي بالتنمية الشاملة في سيناء والعمل علي تطوير قطاع السياحة الذي يمثل أحد أهم ركائز هذه التنمية، كان دافعا للبحث عن سبل جديدة لزيادة معدلات السياحة الوافدة إلي المدن السياحية المصرية خاصة بجنوب سيناء.

 

وأضافت الهيئة، في تقرير نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»: «إننا نسعى لتعويض الفجوة التي تركتها بعض الجنسيات التي أوقفت سير حركة الطيران العارض والمنتظم منها إلي مطار شرم الشيخ الدولي والذي قد تسبب في تقليص كبير في أعداد السائحين الوافدين إلى المدن السياحية بجنوب سيناء الذي بدء ذلك منذ أكتوبر 2015».

 

وأوضحت أن المدن السياحية بجنوب سيناء تعتمد في الأساس على السياحة الشاطئية والسفاري وغيرها من سبل الترفيه الأخري، هذا بسبب روعة الشواطئ واعتدال المناخ معظم فترات السنة، مما يجذب العديد من الجنسيات للاستمتاع بهذا المناخ الرائع وأشعة الشمس التي قد لا تظهر بدولهم سوى أسابيع قليلة طوال العام.

 

ولفتت إلى اهتمام الدولة متمثلة في وزارة السياحة المصرية وهيئة تنشيط السياحة بالعمل على استقطاب أسواق سياحية جديدة معظمها يهتم بالسياحة الثقافية والتاريخية مثل اليابان والصين والهند وغيرها، الأمر الذي أوجد أمامنا تساؤل عن ما إذا استطاعت محافظة جنوب سيناء أن تطور من المنتج السياحي بها و كذلك خلق منتج سياحي جديد يلبي رغبات السائح المهتم بالسياحة الثقافية و التاريخية.

 

وتساءلت الهيئة: هل تستطيع جنوب سيناء أن تحقق هذا التوازن من خلال استغلال مقوماتها التراثية الملموسة؟، هذا ما سوف يتم استعراضه من خلال عرض للمقومات التراثية والتاريخية التي تحظي بها جنوب سيناء و بناءا عليه يمكن تقديم بعض المقترحات الهامة والتي تتمثل في برامج سياحية جديدة ومبتكره على أرض جنوب سيناء تهتم بالسياحة الثقافية والتاريخية ليتحقق الهدف وهو توفير منتج سياحي جديد يلبي رغبات السائحين الوافدين الي مصر من الاسواق التي تهتم أكثر بالسياحية الثقافية والتاريخية.

 

الآثار الفرعونية


من أهم مناطق الاثار الفرعونية بمحافظة جنوب سيناء هي منطقة اثار سرابيط الخادم – منطقة وادي المغارة – منطقة سهل المرخا. يوجد بمنطقة سرابيط الخادم معبد للاله حتحور وهي احدي اهم المعبودات المصرية القديمة والتي كان مركز عبادتها بمدينة دندرة بصعيد مصر و لها خمس معابد منهم هذا المعبد بجنوب سيناء وهو يعتبر من اقدم المعابد المنحوتة بالصخر.

 

ويوجد حول هذا المعبد منطقة مناجم والتي كانت تستغل من قبل المصريين القدماء لاستخراج معادن شتي أشهرها الفيروز ولذلك سميت سيناء بأرض الفيروز، أما عن منطقة وادي المغارة فهي منطقة مناجم استغلت ايضا لاستخراج المعادن وبها العديد من النقوش التي ترجع الي عهد مصر الفرعونية (الدولة القديمة وكذلك الوسطي والحديثة)، وتعد ايضا منطقة سهل المرخا التي تمتد بطول ساحل خليج السويس وتحديدا بمنطقة راس بدران(موقع ٣٤٥، بين مدينتي ابو زنيمة و راس سدر) المنفذ البحري للمصريين القدماء لدخول جنوب سيناء بالبعثات التعدينية التي كانت ترسل من قبل ملوك مصر لاستخراج المعادن.

 

وتم اكتشاف ميناء فرعوني يرجع الي نهاية الاسرة الخامسة الفرعونية بمنطقة راس بدران، والجانب الاخر من المجري المائي لخليج السويس وهو ذاته المقابل لهذا الميناء هي منطقة العين السخنة والتي تم الكشف بها مؤخرا علي ميناء فرعوني اخر مواز لميناء سهل المرخا (ميناء خوفو - وادي الجرف) وكذلك بقايا بعض السفن والنقوش التي تشير الي البعثات التعدينية التي أرسلت.

 

ونستطيع ان نتصور ان المصريين القدماء اتوا من الدلتا او صعيد مصر الي العين السخنة ثم عبروا خليج السويس بالسفن ثم اتخذوا الطرق البرية داخل جنوب سيناء وصولا لمناطق المناجم، وهذه الطرق البرية حملت العديد من النقوش التي تشير الي هذه البعثات واشهرها طريق روض العير المؤدي الي منطقة سرابيط الخادم. هنا يأتي السؤال: هل يمكن ان نستغل ذلك كبرنامج سياحي يهتم بالسياحة الجيولوجية والثقافية التاريخية وكذلك السفاري؟!

 

الآثار البيزنطية – المسيحية


تقول الهيئة: إن أهم مناطق الاثار البيزنطية المسيحية بمحافظة جنوب سيناء هي: دير وادي الطور الموجود بمدينة الطور وهي العاصمة الادارية الحالية للمحافظة – منطقة وادي فيران بمحتوياتها الاثرية الفريدة– منطقة وادي الدير والتي تشمل دير سانت كاترين و جبل موسي و غيرها من بقايا الأديرة والقلايا القديمة التي ترجع الي اوائل العهد المسيحي والتي جاءت نتيجة لاضطهاد الرومان لمسيحي مصر مما ادي الي فرارهم الي هذه المناطق الجبلية البعيدة حتي يكونوا في مأمن بعيدا عن اضطهاد الرومان.

 

وتساءلت كيف يمكن ان يستغل ذلك سياحيا؟! والإجابة بشكل بسيط انه يمكن الربط بين هذه المناطق من خلال عمل برنامج سياحي كامل تكون فكرته قائمة علي اتباع مسار طريق الحاج الاوربي القديم والذي كان يمر بسيناء وصولا الي القدس، لذلك يمكن للبرنامج أن يبدأ من مدينة الطور وزيارة الدير بها الذي بني في القرن السادس الميلادي متزامنا مع بناء دير سانت كاترين وقيل انه قد يسبقه ثم من مفارق مدينة الطور التوجه الي وادي فيران الذي يبعد حوالي 50 كم والذي يحتوي علي اقدم مدينة بيزنطية كاملة.

 

وتضم شتي انواع العمائر المسيحية البيزنطية والتي يعود بعضا منها الي القرن الرابع والخامس والسادس الميلادي ثم زيارة دير السبع بنات الذي يقع بنفس الوادي وهو تابع الي ادارة دير سانت كاترين، ثم التوجه بعد ذلك الي دير سانت كاترين والمبيت بمدينة سانت كاترين التي تبعد حوالي 60 كم عن وادي فيران و زيارة جبل موسي، ويختتم البرنامج برحلة الي مدينة القدس وهي مقصد الحجاج المسيحيين في العالم، وبعد العوده من القدس يستطيع السائح الاستجمام علي شواطيء مدينة السلام بشرم الشيخ قبل العوده الي وطنه. هل نستطيع تحقيق ذلك؟!

 

الآثار الإسلامية


ومعظم الآثار الإسلامية عبارة عن قلاع على طريق أو مسار الحجاج المسلمين القديم وأخرى علي ساحل خليج السويس او العقبة للسيطرة علي المياه الإقليمية أثناء الحروب الصليبية أو تأمين طرق التجارة البحرية، مسار الطريق القديم للحجاج المسلمين يبدأ من بركة الحاج بالقاهرة وهي تبعد 6 كم عن منطقة المرج الحالية.

 

 حيث يتجمع فيها الحجاج المسلمين من مصر والسودان وبعض البلدان الأخرى ثم تسير القافلة محملة بكسوة الكعبة المشرفة وصولا الي السويس ومنها الي سيناء حيث تعبر محطات عديدة مثل منطقة القباب ووادي الحاج وغيرها وصولا الي قلعة مدينة نخل ثم سيرا من خلال بعض المحطات الاخري وصولا إلى قلعة العقبة، علي مسار هذا الطريق كان يوفر ملوك وسلاطين مصر الدعم للقوافل من حماية وتوفير مصادر مياه وغيرها حتي ييسر علي القافلة رحلتها، والمسافة من المرج الي العقبة تعتبر الربع الاول من مسار هذا الطريق والذي كان ربما يقطع خلال تسع ايام سيرا. هل نستطيع استغلال مسار هذا الطريق؟!.

 

يوجد قلاع إسلامية أخرى أهمها: قلعة الجندي/الباشا/رأس سدر والتي تقع بمدينة رأس سدر وبناها صلاح الدين الايوبي اثناء حروبه مع الصلبيين، ويوجد قلعة اخري بمدينة نويبع وهي التي بناها السلطان الملك قانصوه الغوري اثناء حكم دولة المماليك، ويوجد ايضا قلعة جزيرة فرعون او قلعة صلاح الدين بطابا او قلعة ايله وهي القلعة التي تم استخدامها علي مر العصور ولكن المباني القائمة بها الان ترجع الي عهد صلاح الدين الايوبي الذي استغلها اثناء حروبه مع الصلبيين، هل نستطيع ان نستغل كل ذلك؟

 

جدير بالذكر انه يوجد العديد والعديد من الاثار الاخري التي لم نذكرها (مثل اثار الحقبة الزمنية فيما قبل التاريخ - النواميس، و اثار الأنباط بسيناء من ميناء تجاري وأبراج حراسة علاوة علي النقوش النبطية الكثيرة والمنتشرة بمواقع مختلفة علي أرض سيناء) ولكننا سلطنا الضوء أكثر علي الآثار التي يمكن ان تستغل سياحيا اولا ولو تم ذلك فسوف نري ان الاثار الاخري سوف يكون لها أيضا نصيبا فيما بعد.

 

جنوب سيناء مسرح شهد العديد من الاحداث التاريخية والدينية – فاذا كان بصعيد مصر اكبر متحف مفتوح علي مستوي العالم وهي مدينة الأقصر، فيوجد في جنوب سيناء اكبر متحف حضاري مفتوح يضم شتي العمائر البيزنطية المسيحية (وادي فيران) والتي يرجع تاريخها الي اوائل العهد المسيحي علاوة علي النقوش التي تركت لتدل علي الحضارات المتعاقبة التي مرت بهذه البقعة المباركة التي تجلي الله سبحانه و تعالي عليها وكلم نبيه موسي، وهي كذلك المنطقة التي شهدت خروج بني اسرائيل وقصة لقاء الخضر بسيدنا موسي.