حوار| وزير الري الأسبق: مشروع الـ١٫٥ مليون فدان «مظلوم إعلامياً»

د.حسام مغازي خلال الحوار
د.حسام مغازي خلال الحوار

- تحلية مياه البحر خيار أساسى ويجب استخدام المياه الجوفية بحذر

- التغيرات المناخية «شبح» يواجه العالم.. و٧ مشروعات لحماية الإسكندرية

- أنصح بزيادة المشروعات الزراعية مع الدول الأفريقية وتطوير نظم الرى


المياه هى السبب  لكل شىء حى على وجه الأرض فمنذ أن وُجد الإنسان على ظهر البسيطة وهو يبحث عن المياه ويعيش فى أماكن وجودها وتوافرها ومع الزيادة الكبيرة فى أعداد السكان فى العالم والتقدم العلمى  لم تقل أهمية المياه فى حياة الإنسان وأصبحت ندرة المياه من المشاكل التى تؤرق المجتمعات والشعوب.. بين الحديث عن التغيرات المناخية ونظم الرى الحديثة ومفاوضات سد النهضة، دار الحوار مع الدكتور حسام مغازي، وزير الرى الأسبق وأستاذ هندسة الرى فى كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، والذى تولى وزارة الرى فى مرحلة حساسة من مفاوضات سد النهضة.. وإلى نص الحوار:

تحدث الخبراء كثيرا عن التغيرات المناخية وتأثيرها على ارتفاع منسوب البحر كيف ترى الوضع الحالى ؟
بالطبع التغيرات المناخية أصبحت واقعا، فمصر بطبيعة موقعها الجغرافى من أكثر الدول تأثرا بالتغيرات المناخية  خاصة فى منطقة الدلتا والمناطق الساحلية..وتتحدث الأبحاث أن التربة فى منطقة الدلتا تنخفض بمعدل 5 مليمتر فى العام خاصة مع انعدام الطمى أصبحت الدلتا تعانى من الهبوط  بالإضافة إلى ارتفاع مستوى البحر أصبح حقيقة واقعة في  العالم والذى يرتفع بنسبة 2 مليمتر فى العام بما يعنى أنه فى 100 عام سيرتفع منسوب سطح البحر إلى  20 سم وهناك دراسات تتحدث عن نسب أكبرمن ذلك..ومجموع حاصل ارتفاع مستوى البحر مع هبوط الدلتا يعطى اجمالى ما نشعر به فى التغيرات المناخية. أما  بالنسبة لسواحل مصر فهناك  تيارات شاطئية تسير موازية للساحل ما يتسبب فى أعمال نحر للسواحل. كما قلت نحن أكثر الدول تعرضا للتغيرات المناخية رغم أننا أقل الدول المسببة للتلوث والاحتباس الحراري.
 تحدث الرئيس السيسى فى قمة المناخ عن تأثير التغيرات على القارة الإفريقية.. فى رأيك هل يتجه العالم لإدراك الخطر القادم من زيادة الاحتباس الحراري؟
- طبعا فالأمم المتحدة لها دور فى هذا الشأن من خلال  التمويل لمشروعات التأقلم للتغيرات المناخية وكذلك الاتحاد الاوروبى له مساهمات فى مصر بالتحديد فالعالم يدرك المخاطر.
حماية الشواطئ 
هل هناك مشروعات للاتحاد الأوروبى فى مصر لحماية الدلتا والسواحل من خطر التغيرات المناخية؟

المشروعات التى تقام فى مصر لحماية الشواطئ كثيرة فعلى سبيل المثال هناك مشروع فى محافظة كفر الشيخ بطول 14 كم لحماية الشواطئ خاصة أن السواحل هناك   منخفضة ورملية ومعرضة لهذا الخطر، فالمشروع يهدف إلى عمل  حواجز ترابية صديقة للبيئة وبالتالى تصبح مصيدة للرمال وعمل  حواجز طبيعية وتم طرحه للتنفيذ خلال شهر فبراير وهناك مرحلة أخرى أيضا بطول 14 كم.
هل بالفعل سواحل الإسكندرية معرضة للغرق وهل هناك مشروعات لحمايتها ؟
- فى البداية دعنا نشير إلى أن التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى  يؤدى إلى  ذوبان الجليد وعندما يذوب الجليد يحدث تمدد لكمية حجم المياه الموجودة وهو نفس ما يحدث فى القطب الشمالى الأمر الذى يؤدى إلى زيادة مساحة حيز المياه وبالتالى ارتفاع منسوب البحر وهو شبخ مخيف جديد يطل على البلاد ويواجه العالم بأكمله..أما الإسكندرية كمدينة ساحلية فهى من المناطق التى توقع لها العلماء أن تهاجمها التغيرات المناخية بضراوة وبالتالى كلنا نشعر بالتغيرات سواء فى حدة العاصفة - ربما أصبحت أقل فى عدد الايام ولكن حدة العاصفة أكثر-  ويشعر بها المواطن من خلال الرياح والأمطار الغزيرة. وهناك ٧ مشروعات تقام على سواحل الاسكندرية ستنتهى بحلول ٢٠٢٠ لحماية الشواطىء بداية من شواطئ ابوقير حتى منطقة قلعة قايتباى بتكلفة مليار جنيه.
أما عن المشروعات التى تقيمها الدولة لحماية السواحل، فهناك مشروع يقام بالتعاون مع الجانب الهولندى يسمى بمركز التنبؤ المبكر للفيضانات والسيول بالإسكندرية وهذا المشروع يقام بالتعاون بين جامعة الاسكندرية والشركة القابضة للصرف الصحى وهولندا والمجتمع المدنى ممثل فى جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية.
ويهدف المركز الذى سيقام بالقرب من قلعة قايتباى إلى التنبؤ الدقيق بالأمطار والفيضانات قبلها بـ 72 ساعة حتى تتمكن الجهات التنفيذية من التعامل من الموقف فنستطيع أن نعرف مكان العاصفة بالتحديد وكمية الأمطار التى ستسقط وهو ما سيساعد على اتخاذ الإجراءات الاحترازية..ومن المتوقع أن يرى هذا المشروع الضوء فى نهاية 2019 وسيكون مزارًا للباحثين والمهتمين بالتغيرات المناخية لأن هولندا لها خبرة فى مجال الأرصاد والتغيرات المناخية وهى تمد الجانب المصرى بهذه الخبرة.
هناك دراسات تتحدث عن مناطق خطرة قد تتأثر بشكل كبير بسبب التغيرات المناخية فى الاسكندرية؟
- بالفعل هناك مناطق مثل  أبو قير ثم منطقة أبيس وسموحة وكلها أماكن منخفضة عن مستوى سطح البحر والكثير لا يعرف أن محمد على باشا أقام  سورا يسمى بحائط محمد على  لحجز مياه البحر فى منطقة أبو قير وتقوم وزارة الزراعة بعمل تدعيمات سنوية له حتى يتحمل زيادة المياه وارتفاعها.
أما باقى المناطق فقمنا بتحديد  ‪6‬ أماكن الأكثر تعرضًا للتغيرات المناخية تبدأ من أبو قير ثم المنتزه والعصافرة ثم بئر مسعود  ثم المنطقة ما بين سيدى جابر والسلسلة وبعدها الميناء الشرقى وقلعة قايتباي.
وتم عمل حواجز غاطسة فى منطقة المندرة والتى ساعدت فى ظهور مساحة رملية على الشاطئ وتم استغلالها كمصايف والمرحلة الثانية فى بير مسعود بتكلفة 270 مليون جنيه مقرر أن ينتهى العمل منها قريبا.
 تحدثت عن المنطقة ما بين سيدى جابر والسلسلة فهل ستكون المعالجة عبارة عن حواجز غاطسة ونرى شواطئ مثل منطقة المندرة؟
- بالطبع ستكون عبارة عن حواجز غاطسة بشكل هندسى فى عمق المياه بطول نصف كيلو متر من الشاطئ وسيكون دورها ترسيب الرمال ثم بعدها تتكون المنطقة الرملية التى ستساهم بالطبع فى استغلالها سياحيا.
 فى منطقة الميناء الشرقى هناك آثار غارقة فكيف سيتم التعامل مع هذه المنطقة ؟
- تم تحديد أماكن الآثار الغارقة بمعرفة الاثار وستكون بعيدا عنها وسيتم اتخاذ الإجراء الأمثل لحماية الآثار وتنفيذ المشروع كما يحدث الآن فى منطقة قايتباى حيث سيتم عمل سواتر من الناحية الغربية بعيدا عن منطقة الفنار القديم وهذا تم بالتنسيق مع الآثار.
 المواطن البسيط  يسمع عن التغيرات المناخية ويشعر بالقلق.. فهل الوضع يدعو إلى قلقهم؟
- كما أشرت فهناك 6 مناطق تم تحديدها على طول ساحل الاسكندرية هذه المناطق جار عمل6 مشاريع بها بإجمالى تكلفة تتجاوز  المليار جنيه خلال عامى 2019 و2020  وستكون هذه المناطق مؤمنة من التغيرات المناخية.
مشروعات تنموية
 تتجه الدولة إلى زيادة رقعة الأرض الزراعية من خلال مشروع المليون ونصف المليون فدان.. كنت وزيرا للرى فى مرحلة من مراحل البدء فى المشروع.. فكيف ترى المشروع وإلى أين وصلنا؟

 دعنا فى البداية نؤكد أن فلسفة مشروع المليون ونصف المليون فدان هو عمل مجتمعات عمرانية ومشروعات تنموية جديدة ونقل الكتلة السكانية من الدلتا إلى الصحراء، بالإضافة إلى  استخدام الطاقة النظيفة التى تعتمد على الطاقة الشمسية غير المسببة للتلوث والانبعاثات الحرارية..الأمر الثانى أنه عندما تبدأ فى زراعة المساحة بلا شك ستعمل على تقليل حركة الرياح المحملة بالرمال فالغطاء النباتى سيعمل على تثبيت التربة وهذا بعد بيئى آخر. وهناك ظلم اعلامي لمشروع المليون والنصف المليون فدان لعدم تسليط الضوء عليه بالشكل الكافي بالاعلام لصعوبة الوصول لاماكن المشروع وهو لا يقل اهمية عن المشروعات القومية الكبرى فى مصر.
هناك تخوفات ونقاشات فيما يتعلق بمنطقة المغرة حول كمية المياه وهل هى بالفعل كافية لاستصلاح هذه المساحة؟
- فى الحقيقة أنه تم تكليف  جامعة الاسكندرية بالاشراف على مشروع المغرة ووجدوا أن أقل تصرف للأبار هو  100 متر فى الساعة وممكن تزيد حسب كل منطقة فهناك تزيد عن المعدل ومناطق أخرى تقل قليلا، لكن المتوسط السائد هو 100 متر مكعب.
 البعض يعتقد أن المساحة كلها هى للزراعة فقط وهو أمر غير صحيح فكما أشرت فهى مساحة للزراعة وإقامة مجتمعات جديدة وتتيح لأصحاب الشركات عمل أفكار إبداعية ومشروعات جانبية بالاضافة إلى الزراعة..وبحسب الشروط الموضوعة من شركة الريف المصرى للتصرف الآمن للآبار فإنه يتيح للمزارع الحصول على 100 متر مكعب فى الساعة وكان من الممكن أن نعطى أكثر من المياه ولكن بعد عشرات السنين سينتهى المشروع ولكن الهدف هو الاستدامة.
فالمياه الجوفية فى منطقة المغرة تأتى من أربعة مصادر وهي خزان المغرة وخزان النوبى الموجود أسفل خزان المغرة بالإضافة إلى تسريبات مياه البحر وتسريبات الترع ومياه الأمطار وهذا يضمن أن يتم تغذيته بشكل مستمر بشرط الإلتزام بالمقنن المائي.
ودعنى أؤكد إذا تم الالتزام بالمقنن المائى فإن المشروع سيحقق استدامة وسينجح بشكل كبير.
منطقة جافة
 مصر من الدول المصنفة ضمن  الدول التى تعانى من الفقر المائي، ما رؤيتك لحل هذه المشكلة؟

- طبعًا عدد السكان تجاور الـ 100 مليون نسمة وسيصل بحلول عام 2030 إلى 150 مليون نسمة  فلك أن تتخيل ما بعد ذلك مع محدودية مصادر المياه التى يأتى أغلبها من مياه النيل وهى 55 مليون مليار متر مكعب فبالكاد تكفينا للأجيال الحالية فماذا  بعد زيادة عدد السكان.


وللأجيال القادمة الحق أيضا فى أن تجد مياها وبالتالى كان الاتجاه إلى استغلال المياه الجوفية بحذر لانه حق الأجيال القادمة فضلا عن البحث عن مصادر أخرى للمياه والمُتمثلة فى تحلية مياه البحر.. فعندما ننظر حولنا نجد أن المياه الجوفية وتحلية مياه البحر هما الحل ولابد أن نتجه إليهما ولكن يجب أن نتجه إلى المياه الجوفية بحذر كما قلت لأنها  حق الأجيال القادمة فى هذا المخزون مثل ما يحدث فى مشروع المليون ونصف المليون فدان.


يتبقى لنا  مشروع آخر وهو منحة حباها الله لمصر وهى سواحل البحر الأبيض والبحر الأحمر ومن المناطق الواعدة فى هذا المجال هو البحر الابيض مثل العلمين الجديدة التى تعتمد على تحلية مياه البحر ولا تعتمد على مياه النيل وكذلك محافظة مطروح.


فالتوجه إلى تحلية مياه البحر أصبح خيارا أساسيا ورئيسيا للأجيال القادمة  وكل دولة تبحث ماذا لديها من مصادر واستغلالها.
ومصر فى منطقة جافة لكن تحلية المياه والتى مع المستقبل ستنخفض تكلفة المتر مكعب مع ظهور الطرق الجديدة فى المعالجة فنحن نراهن على تقليل تكلفة المتر المكعب فى المستقبل بالمقارنة بالتكلفة الحالية.
إلى أين وصلنا فى مشروعات تحلية مياه البحر؟
- مصر حاليًا تقوم بتحلية مليار متر مكعب من مياه البحر بعد ما كانت 300 مليون  وهذا رقم كبير.
هل هناك  تصور لدى الدولة لتقليل الهدر والفاقد من  سوء استخدام مياه الرى فى الدلتا على سبيل المثال رى  الغمر ؟
- هو بالنسبة لترشيد استخدم المياه هناك بعض الافكار تم تناولها لتقليل الهدر فى مياه النيل منها تقليص مساحة الأرز بعد أن كانت مليون فدان أصبحت 750 ألف فدان ويمكن تعويض هذ الشيء باستيراد الأرز..الفكرة الثانية أن هناك تجارب أثبتت نجاحها وهى زراعة قصب السكر الشره للمياه واستخدام رى التنقيط بدلا من رى الغمر وأثبتت نجاح التجربة والتى تم تطبيقها فى محافظة المنيا.
ونتحدث عن مصدر ثالث لتقليل الهدر وهو تبطين الترع ما يؤدى إلى تقليل الفاقد والتوسع فى تبطين الترع على النطاق المحلي.
أما فيما يتعلق بالأفكار على المستوى الدولى والتعاون مع دول حوض النيل فمن الواضح طبعا أن علاقتنا مع دول حوض النيل بدأت تأخذ منحى جديدا ورئاسة مصر للاتحاد الافريقى ونجاح السياسة الخارجية المصرية فالكل يرصد هذا الكلام بالمقارنة بالسنوات العجاف  قبل عام 2011 حيث كانت العلاقات ليست جيدة مع دول حوض النيل.
اليوم مصر لها علاقات جيدة مع الدول الافريقية وخاصة دول حوض النيل هذه الدول حباها الله بأمطار معظم أيام السنة فمن الممكن أن نقيم شراكات لمشروعات زراعة مع هذه الدول وبالفعل مصر لديها مزرعة مشتركة مع السودان فى مساحة 100 ألف فدان فى منطقة الدمازين فى ولاية النيل الأزرق بالشراكة بين الحكومتين المصرية والسودانية.
ولكن هذه ليست كافية ونطمع فى المزيد والجانب السودانى يرحب بالتعاون وطموحتنا أكبر.
 سد النهضة
 سد النهضة أين نحن الآن من هذا الملف؟

 كلنا تابعنا لقاء قمة بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا من عدة أيام على هامش القمة الافريقية وبالتأكيد تم طرح هذا الملف للنقاش وتم الاتفاق على استئناف الاجتماعات التى توقفت وإلى الآن لا يوجد تخزين فى سد النهضة ونأمل أن تنتهى هذه الدراسات حتى تضع خارطة طريق لأسلوب التخزين وملء السد..فأنا أرى أن لقاء الزعماء حرك المياه الراكدة وكلنا نرصد أن العلاقة بين الدول الثلاث والجميع أعلن أنه لن يوجد ضرر للاخر وإعلان هذا صراحة يعطينا الطمأنينة.
 لماذا اذن يتأخر الوصول لاتفاق نهائى ولم يحسم الملف.. الناس تشعر أن هناك مماطلة من الجانب الاثيوبي؟
- لأن طبيعة المفاوضات وطبيعة المشروع فنيًا معقدة من الناحية الجيوسياسية لكن أرى أن هناك رغبة من جميع الأطراف لحل يرضى الجميع ويستغرق وقتا فقط..ونأمل أن اللقاء المرتقب يعمل  على دفع لهذا الاتجاه والذى سيكون على المستوى الوزاري.
ولابد أن نشير  إلى أن هناك اتفاقا أطلق عليه اتفاق مبادئ تم توقيعه فى مارس 2015  بين الرؤساء وتضمن أنه لا يبدأ تشغيل ملء السد إلا بعد انتهاء التقرير الفنى للمكتب الاستشارى يجعلنا نشعر بالطمأنينة.‪  
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي