كتاب جديد في فلسفة الحب

عرض كتاب|«كن عاشقًا» لأحمد الشهاوي

غلاف كن عاشقًا
غلاف كن عاشقًا

صدر حديثًا  عن الدار المصرية اللبنانية كتاب " كن عاشقا " للشاعر أحمد الشهاوي وهو كتاب في فلسفة الحب، ويقع في 36 فصلا، أي 45 ألف كلمة، وهو الكتاب السادس لأحمد الشهاوي في سلسلة "أدب العشق"،  التي ابتدأتها سنة 1992 ميلادية.

 

ويأتي الكتاب في 36 فصل ويرى أحمد الشهاوي أن " البيوت لا تتأسَّس، ولا تقوى أعمدتها على الحمل والتحمُّل إلا بالحُب، وإذا خربت النفوس، وقحلت القلوب وتكسَّرت، فلا يمكن أن نكون بشرًا أسوياء ".

 

وأن " الحُب يحوِّل الإنسان من جبانٍ إلى شجاع، ومن بخيلٍ إلى كريمٍ سخي، ومن غليظ الطبع إلى ظريفٍ باسمٍ ضاحكٍ، ومن جاهلٍ إلى متسامٍ مدْرِك وعارف طبائع النفوس، ويجعل الغافل فطنًا، والغبي ذكيًّا، والعشق يجدِّد الحياة، ويجلو العقل ويهذبه، ويحسن الخلق، ويصفي الذهن والفهم، ويبعث على السُّرور، والسعادة، ورضا النفس، والرحمة، ويحمل الإنسان إلى مرتبة النقاء، ومقام الصفاء والألفة ".

 

ويشير أحمد الشهاوي في كتابه إلى أن " الحُب هو الأوَّل والأنجع لمداواة النفوس من أكدارها، وأمراضها، وهواجسها، وشكوكها، وآلامها، ووساوسها  " .

 

وأن " العشق الذي يتربَّى في حاضنةِ القلب اختيارٌ لا اضطرار، لأن أساسه الدهشة والمتعة والسؤال، إذ يرتقي بالحياة، ويجعل المرء مقبلا عليها، راغبا فيها أكثر من أي وقتٍ مضى عليه، أو مرَّ به، أو عاش في ظلاله..

 

ومن دخلَ العشقَ – الذي هو شريعةٌ من شرائع الوجود - شفقةً أو مُجاملةً أو منفعةً أو مصلحةً، أو لغايةٍ من الغايات فشل، وخسر نفسه، هذا إذا كانت له نفسٌ من الأصل " .

 

ويؤكد أحمد الشهاوي في كتابه أن " الحب أسمى حضارة بين البشر، وأرقى فضيلة على الأرض، من قبل أن تنزل الديانات السماوية، ومن يتبع قلبه ينهض ويتقدم .

 

عندما تحب تصغي الأرضُ لك، وتمنحك السمواتُ آذانها من دون أن تطلب، ويصير كل ما على الأرض مشحوذًا متعاليًا مرتفعًا، ومُسْتنفَرًا ومتوهجًا ومتوَّجا وحارًّا وحُرًّا وفي دهشةٍ ".

 

وأن " الحُب هو الباب الأول والأساسي للدخول إلى كل شيء وأي شيء، وتزداد حماستي شخصيًّا وموضوعيًّا يومًا بعد يومٍ في الكتابة عن وفي وحول الحُب شعرًا ونثرًا، للوصول إلى الارتقاء والتسامي بالذات، والذهاب نحو النور الكامن في النفوس، وغسل الروح، من أدرانها، وعلاجها من أمراضها المتوطنة والمزمنة والقضاء عليها نهائيًّا بدواء الحُب، بحيث يكون هذا الحُب دون غرضٍ أو غايةٍ سوى الحُب للحُب.

 

الحُب في الأصل انحيازٌ تام، لا يمكنُ إمساكُ العصا فيه من المُنتصف، أو الترضية، أو المُجاملة، أو تسديد ديْنٍ أخلاقيٍّ أو اجتماعيٍّ أو أُسريٍّ، أو مُمارسة شفقة، أو توجيه شكر، أو صدقة جارية، أو واجب نفسي، أو رغبة في المُجامعة سرعان ما ستنتهي، أو نزوة حيال جسدٍ فاتنٍ باذخٍ سرعان ما سيتغيَّر ويتحوَّل ويذبُل، كأيِّ كائنٍ حيٍّ له دورة حياةٍ معروفة ومُتَوقَّعة".

 

وجاء في كتاب " كن عاشقا " قول أحمد الشهاوي: " في العشق مغالبةٌ للعزلة، وانتصارٌ على الوحشة، ودحْرٌ للملل والكسل والاكتئاب والقلق والأرق وصعوبة النوم، والنظر إلى الماضي البعيد، والبكاء على مشاعر سكب لبنها على أرض المغامرات والتجارب المتنوعة أو المتعددة، وإبعاد لأي كبتٍ جنسيٍّ يمكن أن يصيب الإنسان خصوصًا المرأة، التي لا يجوز تكبيلُ قدميها، أو قمعُها؛ كي لا تنطلق دون مواربةٍ أو مداراةٍ للتعبير عن العشق، حيث إنه لا يوجد حُب من دون حريةٍ، لتمنح المرأة أسلوبًا أو أساليب متنوعة للتعبير عن الحُب بطرائق شتَّى، وكل استلابٍ لحرية المرأة هو انتقاصٌ من تمام العشق واكتماله، ما يعني أننا أمام حال لا ذروة فيها ولا وصول. لأنَّ الحرية تعني الوصل، بينما الأسر يعني تلبية الغريزة أو إفراغ طاقة جنسية زائدة ".

 

ونقرأ أيضا لأحمد الشهاوي في الكتاب الجديد " كثير منا يعيش ولا يعرف ما الحُب، ولا ما هي مكانته، مع أننا لو أدركنا جوهر الحُب لأقمنا في تمجيده " المعابد والهياكل " مثلما كان الأمر مُتعارفًا عليه وموجُودًا في الحضارات القديمة التي قدَّست المرأة، ومجَّدت الحُب.

 

لأن الحُب يجعل الإنسان في حال من الترفُّع والاستغناء والاكتفاء والامتلاء والتحقُّق والسُّمو والعُلو، إذْ هو في مقام النقاء حيث لا شوائب تعلق بجمال النفس، ومن ثمّ يعيش التمتُّع واللذة، والعشق الحق لا يعرف التغيُّر أو التحوُّل، ولا يفنى إلا بالموت؛ لأنه خالٍ من الأسباب والأغراض ".

 

ونقرأ أيضا من الكتاب: " لا يمكن لمحبة أن تصح على البعد والصمت والمجافاة والتناسي، فالإنسان لا ينجذب إلا لمن يعرف ويرى ويرتاح ويُعاين ويلمَس ويحس ويحقِّق الوصْل معه، بحيث تكون هناك موافقة في الطبائع، ومن ثم يحدث الكمال في الحُب، ويصير في تمامه .

 

يميلُ قلب المرء إلى من يرعاه نفسيًّا، ويحرِّره عشقيًّا من قيوده، ويعتني به عاطفيًّا، ويهتم بتفاصيل شؤونه، تمامًا كالوليد الذي يذهب نحو أمِّه دون أن يدرك الكثير من الأمور، لكنَّه يوقن أنها تشمله بحبِّها كاملا لا نقصانَ فيه، إضافةً إلى المُلاعبة والمُلاطفة، ومن هنا يتولَّد الحُب ويعمُق ويتعملق ولا يعتريه ذبُول التبدُّل، ولا يصيبه عطبُ التغيُّر. ولعل الحُبَّ هو الشيء الوحيد في الحياة الذي يقوى بالغُلو والإسراف، مقارنةً بمفردات الإنسان الأخرى، إذ يأتي الحُب في أولها.

 

ولو كان الحُب متمكِّنًا من رُوح المرء فإنه لا يعرف الفُقدان أو الخُسران، ولا يدركه تلفٌ من أي نوع، ولست ممن يؤمنون بأن الحب يحمل داخله بذرة الكره، لأن من يحب لا يكره، لكنه يرحل في صمتٍ مع كثيرٍ من العتاب للآخر، والندم للذات على ما قدمت يداها وفعلت.

 

لكن يمكن للكُره أن يحمل بذرة الحُب، ونحن نقول في المثل الشعبي المصري: ( ما محبة إلا بعد عداوة ).

 

والحُب الذي أقصده ليس هو الإعجاب العارض أو الطارئ أو المؤقَّت، وليس هو الرغبة الجنسية التي إذا تحقَّقت لا تشبع الرغبة النفسية؛ لأنه صلة مؤقَّتة لا دوامَ فيها، كما أنها ليست وصْلا لا ينقطع، فلا يملأ النفس ويقنعها سوى الحُب، وشتَّان بين المقيم والعابر.

 

ويستطيع المرء بحسِّه وفطرته أن يدرك حال الآخر الذي يرتبط به قلبيًّا، هل هو في حُبٍّ مقيمٍ أم عارضٍ، ولا يحتاج الأمر إلى جهدٍ مُضَاعفٍ ليعرفَ ذلك، لأن إدراك ذلك من أعمال النفس، كما أن العقل يشتغل ليجمع الشواهد ويُحلِّلها، بعد أن تكون النفس قد أدركت أنها لم تعُد في مجرَّة الآخر الذي فارقها حتى لو كان يقول غير ذلك، ويمكن لذلك الآخر الذي يستمسك بك شفهيًّا فقط، كنوع من الاستحواذ والاحتفاظ بك، من باب الوفاء الخَجِل أو من أشياء الماضي، كأنما قد تأصَّلتْ فيه غريزة الاقتناء ".