- مدير المحطة: أبحاث عن صلاحية المياه المعالجة لرى مزرعة تجريبية على 300 فدان

أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط.. الجبل الأصفر تحول 2.5 مليون متر من الصرف يوميا إلى مياه صالحة للرى

أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط
أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط

مشروع عملاق، عمل ضخم يستحق الإشادة، شُيِّد بسواعد مصريّة، وساهمت فيه شركات عالميّة، إنجاز كبير يضاف إلى سجل المشروعات القومية الكبرى التى تتبناها الدولة خلال السنوات القليلة الماضية، إنها محطة معالجة مياه الصرف الصحى بالجبل الأصفر فى الخانكة بالقليوبية، والتى تعد أكبر محطة معالجة بالشرق الأوسط وثانى أكبر محطة فى العالم تستوعب 2.5 مليون متر مكعب يوميا بعد محطة فى المكسيك طاقتها الاستيعابية 3 ملايين مليون متر مكعب يوميا، ولكن سوف تتخطاها الجبل الأصفر بعد عمل توسعات بها. كما أنها بمثابة هرم رابع فى مصر نظرا لحجم الخرسانة التى استخدمت فى بنائها - كما وصفها القائمون على إدارتها.


أرض الواقع 
«الأخبار» زارت هذه المحطة العملاقة ورصدت بالكلمة والصور حجم الإنجاز الذى تحقق على أرض الواقع بعد افتتاح الرئيس السيسى للمرحلة الثانية منها خلال الأيام الماضية وكمثال لمحطات الصرف الصحى فى مصر وتسليط الضوء على أهمية المعالجة وضرورة التوسع بها، وهذه المحطة لا يتوقف إنجازها على هذا بل أنها باكتمال المرحلة الثالثة المتوقع البدء فيها خلال العام الجارى ووفقا لخطة التطوير المستهدفة ستصبح هذه المحطة الأولى بالعالم بعد أن يصل إجمالى المعالجة اليومية لها 3 ملايين متر مكعب يوميا.


سرنا بجوار أسوارها الممتدة على مساحة 1500 فدان فى الخانكة، فى بداية المحطة توجد مزرعة ضخمة يطلق عليها «المزرعة التجريبية» على مساحة 400 فدان، تضم زراعات متنوعة ما بين الأشجار الخشبية مثل الهوجنى وأبو المكارم والأشجار الأخرى مثل المانجو والليمون والزيتون وغيرها من النباتات التى تستخدم فى استخراج الزيوت، وهذه المزرعة تروى بمياه الصرف الصحى المعالج من المحطة بعد التأكد من خلو هذه الثمار من المعادن الثقيلة التى قد تضر بصحة الانسان من خلال إجراء التحاليل اللازمة بالمركز القومى للبحوث.

 

سرنا بجوار المزرعة وتجولنا بها ثم انتهت المزرعة واقتربنا من مراحل معالجة مياه الصرف والتى بدأت بأحواض ضخمة وأنفاق كبيرة تستوعب 2.5 مليون متر مكعب يوميا هو حجم التصرفات القادمة من سكان المنطقة الشرقية للنيل بالقاهرة حيث تخدم المحطة أكثر من 12.5 مليون نسمة من القاهرة، هذه الأنفاق الخرسانية يبلغ طولها 15 كليومتر، وقفنا أمام هذه الأنفاق وبرفقتنا المهندس عبد الوهاب حلمى مدير المحطة والذى بدأ فى شرح خطوات معالجة المياه بدءا من استلامها من المنازل، وبدأ حديثه قاثلا: المحطة تم تخطيطها من قبل المشروع العام للصرف الصحى بالقاهرة الكبرى بتصميم المكتب الأمريكى البريطانى فى الثمانينيات من القرن الماضى كمحطة مجمعة للصرف الصحى بالضفة الشرقية لنهر النيل والتى تضم مناطق «عين الصيرة، المعادى، دار السلام، الأميرية، حائق القبة، المرج» وصولا لبعض المناطق بالقليوبية،.

 

ونظرا للحجم العملاق للمحطة تم البدء فى الإنشاء على مراحل؛ المرحلة الأولى بدأت فى عام 1990 ودخلت حيز التشغيل والصيانة عام 1998 وتعالج مليونا و200 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى بإجمالى تكلفة فى هذا التوقيت مليار و400 مليون جنيه، ثم المرحلة الثانية كانت على جزءين؛ الأول وصلت تكلفته لـ 800 مليون جنيه والجزء الثانى من المرحلة الثانية تكلف 62 مليون يورو و521 مليون جنيه، ونظرا للتدفقات المتزايدة التى تستوعبها محطة المعالجة تم السير جنبا إلى جنبا من خلال التطوير والتوسعات لتصل طاقة المحطة المعالجة 2.5 مليون متر مكعب يوميا من خلال دخول المرحلة الثانية حيز التشغيل والصيانة حيث بدأ العمل فى المرحلة الثانية فى عام 2014 ويشمل تنفيذ الأنفاق الرئيسية وخطوط المواسير ومصافى وأحواضا لترسيب الرمال وخزانات تنقية وقنوات طوارئ وأحواض مزج كلور وخزانات وقود ومبانى خدمية، واستمر العمل 42 شهرًا لإنهاء الإنشاءات المدنية والتركيبات الإلكتروميكانيكية.


مراحل المعالجة
وقفنا أمام مبنى ضخم مكتوب عليه «مبنى إزالة الشوائب» وهى مرحلة ما قبل المعالجة، ويتم فيها إزالة الشوائب ذات القطر أكثر من 15 مم عن طريق مصافى ميكانيكية ضخمة، ويتم ضغط الجسيمات المحجوزة لتسهيل عملية النقل فيما بعد، ثم تدخل المياه بعد ذلك إلى مرحلة المعالجة وأولها دخول المياه إلى كبارى إزالة الشحوم والرمال وعددها 4 كبارى عملاقة للتخلص من الشحوم والرمال والزيوت الموجودة فى الصرف قبل رفعها إلى مرحلة المعالجة الابتدائية، ويتم رفع المياه بعد ذلك عن طريق الطلمبات الحلزونية الضخمة التى تبلغ قدرة الواحدة منها حوالى 10 آلاف متر مكعب فى الساعة ثم تسرى المياه بعد ذلك إلى مرحلة خزانات الترسيب الابتدائية عن طريق الجاذبية.

 

حيث تظل المياه بها ساعتين ونصف الساعة لتقوم بفصل 60% من المواد الصلبة العالقة و35 % من الحمل العضوى فى صورة حمأة ابتدائية (وهى المخلفات الصلبة الموجودة فى الصرف)، ثم تنتقل إلى خزانات التهوية ويتم فيها المعالجة البيولوجية للمياه ويتم فيها ضخ هواء مزود بأكسجين بكمية 2 ملليجرام لكل لتر ليقوم بتنشيط البكتريا الهوائية وتعمل على هضم المواد العضوية ثم تموت هذه البكتريا ثم تذهب إلى أحواض تغليظ الحمأة عن طريق الترسيب بالجاذبية ليتضاعف تركيزها 6 أضعاف، وفيها يتم تغليظها عن طريق الطفو ليتضاعف تركيزها إلى 10 أضعاف وذلك كى يمكن الاستفادة منها فى إنتاج الغاز، ثم يتم تجميع الحمأة المركزة من المصدرين ثم تمر المياه المعالجة ابتدائيا فى أحواض التهوية وهى تحتوى على شبكة ضخمة من مخازن توزيع الهواء عن طريق الفقاعات الدقيقة مما يساهم فى خفض استهلاك الكهرباء بنسبة كبيرة، وفى هذه الأحواض يتم التخلص من باقى الملوثات الموجودة فى المياه، ثم نصل إلى مرحلة الكلور والتعقيم وهى آخر مراحل المعالجة الثنائية للمياه لتصبح صالحة لاستخدامها فى رى المحاصيل التى لا يتم آكلها مباشرة وأشجار الثمار ذات القشرة لأن المعادن الثقيلة تتكون على القشرة فتصبح الثمار صالحة للتناول.


رى الزراعات
وأشار مدير المحطة إلى أننا نحاول بقدر الإمكان المساهمة بدرجة كبيرة فى مواجهة الفقر المائى الذى أصبحت تعانى منه الكثير من الدول وباتت أثاره واضحة على العالم كله، حيث تضع الدولة دائما نصب أعينها تحقيق أكبر استفادة من كل متر موجود من المياه فى الصالح العام، وأوضح أن المحطة تمتلك مزرعة تجريبية على مساحة 400 فدان حيث إنه بعد المعالجة النهائية للمياه يتم استخدام المياه فى رى تلك المساحة وعمل أبحاث من مدى صلاحية هذه المياه فى الرى، حيث تضم المزرعة أشجار «الليمون، والزيتون، والموالح، والبيكان، والجيتروفا».


انتقلنا بعد ذلك إلى غرفة التحكم الخاصة بإدارة المحطة والتى يتم استخدام أعلى تقنيات التكنولوجيا والتحكم «اسكادا» بها ويتم من خلالها تشغيل كل أجهزة المشروع، وتعتبر هذه الغرفة هى عقل المحطة وتدير المشروع أتوماتيكيا 100% وتدار من خلال فريق يتكون من 12 عاملا فقط حيث يتم التحكم بأعمال التشغيل والإيقاف بكل مكونات المحطة وهو أحد الأسباب التى دفعت بتفرد المحطة بين باقى المحطات من خلال سرعة تدارك الأخطاء ومعالجتها.


وعن التشغيل، يؤكد المهندس هشام مصطفى زكى المدير المسئول والمشغل لمشروع محطة الجبل الأصفر مدير تحالف شركات حسن علام وإكسيونا الإسبانية وبسفنت الألمانية المنفذة للمحطة، أن هناك ثلاثة أنواع من الصيانة تتم فى محطة الجبل الأصفر وفى حالة تطبيقهم يتم الحفاظ على عمر أطول لمعدات المحطة وماكيناتها؛ الأولى هى صيانة وقائية والمقصود بها عمل صيانة دورية سواء كل شهر أو ثلاثة أو ستة شهور لكل معدة فى المحطة سواء لزم الأمر أو لا بحيث تكون كوقاية لضمان عمر أطول وكفاءة أكبر للمعدة وخوفا من تعرضها لأى أعطال فى أى لحظة وتتضمن تغيير الزيوت وإزالة الشحوم وعدد ساعات للتشغيل وغيرها، وثانيا الصيانة التنبؤية والمقصود بها عمل صيانات من وقت للآخر لضمان مستقبل أطول للماكينات مثل قياس معدل اهتزاز المعدات وفى حالة تغير أو اختلاف هذا المعدل يتم إصلاح الأمر للحفاظ على المعدة مستقبلا، وثالثا وأخيرا الصيانة التصحيحية والتى تعنى إصلاح ما قد يطرأ على حالة المعدات والماكينات.


وأضاف أن المحطة بالكامل يعملها بها 200 فرد منهم 48 فقط للتشغيل مقسمين على 4 شفتات كل وردية من 12 فردا أما الباقى ففرق للصيانة الكهربائية والميكانيكية والأمان والإدارة بجانب عمال النظافة وهو ما يعنى أن 12 فردا فقط يديرون المحطة والفضل فى ذلك لوجود مبنى تحكم مسئول عن تشغيل المحطة ككل، ولولا هذا المبنى لاحتجنا لـ 60 مشغلا فى كل وردية لتشغيل المحطة ومن خلال هذا المبنى يتم تحديد حالة كل ماكينة ومعدة وإشارات فى حالة عطلها وعدد ساعات التشغيل وإمكانية إيقافها وتشغيلها فى أى وقت ومراقبة معدل التدفق ودرجة الحرار وليس مجرد شاشات فقط للمراقبة مثل المحطات القديمة وإنما هناك خاصية للوصول إلى أى مكون باللمس.