حوار| وزير الأوقاف: التفاعل مع المجتمع أهم مرتكزات خطتنا الدعوية

وزير الأوقاف في حواره لبوابة أخبار اليوم
وزير الأوقاف في حواره لبوابة أخبار اليوم

- عمل الواعظات نقلة نوعية في تاريخ الدعوة وأداؤهن أبهر علماء العالم الإسلامي 

- 974 مدرسة علمية وقرآنية تعمل على قدم وساق لتحصين النشء والشباب من الفكر المتطرف

- مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان

- لن يستقيم أمر الخطاب الديني إلا بالتفرقة الواضحة بين الثابت والمتغير والمقدس وغير المقدس

- أكاديمية الأوقاف عالمية مبنى ومعنى وجسر تواصل بيننا وبين العالم كله

تبذل وزارة الأوقاف العديد من الجهود في مختلف المجالات، ومؤخرا كان النصيب الأكبر من الاهتمام لتدريب العاملين بالوزارة وبشكل خاص الأئمة والوعاظ والواعظات في إطار تطوير الوزارة إلى جانب العمل على الخطاب الديني، بما يوضح حقيقة الدين الإسلامي وتصحيح صورته الخاطئة.

ومن هنا كان لنا حوار خاص مع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، لتسليط الضوء على ما تعمل عليه الوزارة وما تقدمه، وجاء كالتالي..

- ماذا عن أكاديمية الأوقاف .. وهل ستكون بداية لإعداد عالم الدين المثقف والمستنير؟

في الفترة الحالية نعمل على تجديد الخطاب الديني من خلال : الخطب، والقوافل الدعوية، ومكاتب التحفيظ، والتدريب من خلال أكاديمية الأوقاف، وبرامج مشتركة مع وزارات التربية والتعليم، والثقافة، والشباب.

وتعمل الأكاديمية في مجال التدريب الدعوي المستمر، على أن تكون جسر تواصل بيننا وبين العالم كله، بتأهيل الأئمة المتميزين، وإعداد الإمام العصري المستنير، وتكوين إمام مثقف في مجالات علوم النفس والاجتماع والاقتصاد وفهم التحديات المعاصرة والمستجدات والواقع المعاصر، وتدريب أئمة الدول المختلفة.

وتقدم الأكاديمية برامج تأهيلية وتدريبية وتثقيفية غير مسبوقة منهجيًّا، لرفع المستوى العلمي والمهني والإداري للعاملين بالأوقاف، وفق أفضل البرامج التدريبية، وأحدثها وأكثرها تطورًا بما يتواكب مع تطورات العصر ومستجداته، بما يسهم في دعم وتطوير العمل الدعوي والإداري بالوزارة. 

ووجهنا فيها بخدمة معيشية متكاملة للمتدربين عملا على راحتهم وتفرغهم لمهامهم العلمية والتدريبية طوال فترة إقامتهم بالأكاديمية.

- ما الهدف من برامج التدريب والدورات .. وما الذي روعي في تنوعها ؟ 

تهدف برامج التدريب النوعي المستمر لرفع المستوى المهني والثقافي للأئمة حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم على الوجه الأكمل، فالهدف من التدريب تحويل حالات التميز الفردي إلى التميز الجماعي، وتحويل حالات الاستنارة الفردية إلى استنارة جماعية أو مجتمعية عامة، وهذا لا يتأتى إلا بالتدريب الشامل.

كما نهدف من خلال التدريب إلى استعادة مصر لريادتها في نشر الفكر الإسلامي الوسطي الرشيد في مختلف دول العالم من خلال موفديها إلى الخارج، والنظام التدريبي الذي نهدف إليه سيتضمن حوافز للمتدربين، بحيث يكون اجتياز البرامج والدورات التدريبية أحد أهم العناصر المعتبرة عند الترقية أو السفر أو تولي العمل القيادي أو الترشح للمؤتمرات الدولية أو البرامج الإعلامية . 
وراعت الوزارة أيضا أن يكون التدريب نوعيًا وتراكميًّا مستمرًا، وهو ما جعلنا نضع عددًا من البرامج والمسابقات، ابتداءً من مسابقة وبرنامج إمام المسجد الجامع، فالإمام المتميز، وانتهاء بمسابقة وبرنامج الإمام المجدد لتجديد الخطاب الديني، كما يتم تدريس اللغة الأجنبية بالمستويين الأول والثاني، إضافة إلى التدريب الميداني والإعلامي والتواصل المؤسسي وبرامج التخطيط وإدارة الوقت، وبروتوكولات التعامل مع كبار المسئولين، من خلال التعاون مع الجهات والمؤسسات المتخصصة في التدريب على هذه البرامج كل فيما يخصه، ومن ثم فإن الإنسان لا يمكن أن يكون واعظا أو مفتيًا حقيقيًّا ما لم يكن عالمًا بأدوات العصر وقضاياه ومستجداته، فما لم يكن العالم أو المفتي أو الخطيب متابعًا للمستجدات ملمًا بفقه الواقع وقضاياه، فإنه لا يمكن التعامل معه أو التأثير فيه على الوجه الأمثل .

ماذا عن جهود وزارة الأوقاف في مجال البر والمساعدات الإنسانية ؟

قامت الوزارة بزيادة المبالغ المخصصة للبر والمساعدات الإنسانية إلى 400 مليون جنيه خلال عام 2018، بهدف الإسهام في دعم ومساعدة الأسر الأولى بالرعاية والحماية الاجتماعية، وقطع الطريق على الجماعات الإرهابية التي كانت تستغل حاجة الناس لنشر أفكارها الإرهابية والتكفيرية المتطرفة، ومن هذه المساعدات مشروع «سكن كريم» وتطوير المنازل بإقامة أسقف لها وتوصيل مرافق مياه الشرب والصرف الصحي، بالتعاون مع وزارتي التضامن والإسكان بمبلغ 100 مليون جنيه من وزارة الأوقاف.

كما ساهمنا في رفع كفاءة منظومة التعليم من خلال تخصيص 100 مليون جنيه للصندوق الوقفي لدعم التعليم، إضافة إلى توفير 6000 مقعد دراسي جديد للمدارس الأكثر احتياجًا، و25 مليون جنيه لبناء 100 منزل بحلايب وشلاتين، واستخراج شهادة أمان للمرأة المعيلة بـ25 مليون جنيه، واستخراج 40000 بطاقة رقم قومي لها كمرحلة أولى بتكلفة مالية تجاوزت المليون ونصف جنيه.
وخصصنا أيضًا 20 مليون جنيه في مبادرة «نور حياة» التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، و25 مليون جنيه لدعم الأسر الفقيرة في شهر رمضان الماضي، وتوفير أرز وسكر بالتعاون مع وزارة التموين، وكذلك بطاطين للشتاء.

وقد تم دعم ذوي القدرات الخاصة بمبلغ 20 مليون جنيه، وإعادة تأهيل 270 منزلًا ببئر العبد بشمال سيناء بمبلغ 16 مليون جنيه، وتولت وزارة الأوقاف توزيع 678 طنًا من اللحوم على الفقراء والمحتاجين بقيمة بلغت 65 مليون جنيه، ورفع الأعباء المالية عن مرضى الأورام السرطانية من خلال صرف 4 ملايين جنيه قيمة العلاج.

- أين يذهب عائد الأوقاف الخيري؟ 

- نطمئن الجميع بأن مهمة وزارة الأوقاف وناظر الوقف وهيئة الأوقاف باعتبارها نائبًا أو وكيلا عن ناظر الوقف إنما هي الحفاظ على الأوقاف وحسن إدارتها واستثمارها، وأن عائد أموال الوقف يذهب فيما خصص له شرعا، سواء في عمارة المساجد وإحلالها وتجديدها وفرشها وصيانتها، أم في مجال تحسين دخل الأئمة من خلال صرف بدل الدروس والقوافل والمدارس العلمية والقرآنية أم في مجالات البر التي ضاعفناها مضاعفة كبيرة، فمنها مثلا: تم زيادة المبالغ المخصصة للبر من 30 مليون إلى 400 مليون جنيه بنسبة زيادة نحو 1000 %، وتم زيادة المبالغ المخصصة للقرض الحسن الذي يصرف بدون أي فوائد أو رسوم إدارية من 41 مليون إلى 61 مليون جنيه بنسبة زيادة 50% تقريبا، إضافة إلى مشروعات صكوك الأضاحي وشنطة رمضان والمقاعد الدراسية التي توزع مجانًا على المدارس بالمناطق الأولى بالرعاية .

وزادت الإعانة الشهرية للطلاب الأولى بالرعاية من 150 إلى 200 جنيه شهريًّا بنسبة تقدر بنحو 33 %، وإعانة زواج اليتيمات الفقيرات من 500 جنيه إلى 1500جنيه بنسبة قدرها 200%، وكذلك إعانة زواج الفقيرات ومساعدة الفقراء والمساكين والمرضى والأرامل والمطلقات وكبار السن، مع زيادة جميع بنود المساعدات الأخرى في حدود النسب المذكورة.

ما أهم أسباب التطرف والغلو من وجهة نظركم؟

هناك الكثير من العوامل، منها متاجرة بعض الجماعات والتنظيمات بالدين، وات خاذه مطيّة لتحقيق مصالح سياسية وحزبية، مع إيثار مصالح الجماعات والتنظيمات على المصالح العليا للدين والوطن، وغلبة التدين الشكلي والتدين السياسي على التدين الخالص لله، وكذلك الانغلاق، والجمود، والتقليد الأعمى، وسوء الفهم، والوقوف عند حرفية النصّ، والابتعاد عن فقه المقاصد والمآلات، وعدم فهم القواعد الكلية للتشريع، إضافة إلى ما كان من تصدر غير المؤهلين وغير المتخصصين لبعض جوانب المشهد الدعوي . 

وماذا عن آليات تفكيك الفكر المتطرف؟

لابد من قصر الخطابة والدعوة والفتوى على أهل العلم المتخصصين دون سواهم، والخطبة على المسجد الجامع دون الزوايا والمصليات، وتناول القضايا التي تشغل المجتمع وتسهم في نشر الفكر المستنير وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتحصين النشء والشباب من خلال المدارس العلمية والقرآنية والتواصل المباشر بفتح حوارات علمية عن الإسلام وروحه السمحة تتسم بالواقعية والموضوعية والعقلانية، وعدم إسناد تدريس مادة التربية الدينية إلى غير المتخصصين، وعدم تمكين أي من المنتمين للتيارات المتطرفة أو المتشددة من تشكيل عقول أبنائنا في هذه المراحل السنية المبكرة، مع التوسع في مجال ثقافة الطفل بأعمال هادفة، مثل مجلة «الفردوس» التي تصدر عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

مواجهة الجماعات المتطرفة عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، حتى لا تنطلي هذه الأفكار الضالة المنحرفة على عقول الناس، والتوسع في الدراسات والبحوث والكتب والمجلات التي تعمل على تفكيك هذا الفكر، و ذلك بالإضافة إلى التنوع الثقافي من خلال الانفتاح على الآخر والتواصل معه، مع إعداد الموفدين إعدادًا متميزًا بما يؤهلهم للتواصل مع الآخر، والتوسع في مجال الترجمة والنشر، والتواصل الثقافي من خلال ملتقيات العلماء والمفكرين والمثقفين والأدباء والإعلاميين على مائدة فكرية واحدة، التي تواجه ما ينشر من أفكار هدامة تصحيحًا وتفنيدًا ومراجعة، حرصًا على عقول الشباب وغيرهم من أن تتخطفها أيدي المتشددين.

ويستلزم الأمر أيضًا نشر الخطاب الديني الوسطي القائم على عظمة الأخلاق وحسن المعاملة واحترام الآخر وتقديره والابتعاد عن التدين السياسي والتدين الشكلي الظاهري البعيد عن جوهر الدين، بالتفرقة الدقيقة بين الثابت والمتغير ومراعاة ظروف عصرنا وأحواله.

كيف تم القضاء على الخطاب التكفيري للجماعات المتطرفة ؟

تم بالجد والعمل والتدريب والتأهيل المستمر بجهود جبارة لكل أبناء الوزارة، وبإقرار قانون الخطابة رقم 51 لسنة 2014م وما تبعه من قرارات منظمة وخطوات إجرائية على أرض الواقع، فقد استطعنا استعادة مساجدنا التي كانت مختطفة، كما استعدنا الخطاب الدعوي الذي كانت تختطفه هذه الجماعات الضالة المضلة وبعض جمعياتها التابعة.

هل سيطرت وزارة الأوقاف على المساجد التابعة للجماعات الإرهابية وغيرها من الجماعات ؟

نعم لقد سيطرت الوزارة على جميع المساجد التي كانت تابعة للجماعات والجمعيات والتي كان كثير منها مجالا لنشر الفكر المتطرف والمتشدد، نذكر منها على سبيل المثال: مسجد أسد بن الفرات بالدقي الذي كان يسيطر عليه جماعة «حازمون»، ومسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، ومسجد العزيز بالله بالزيتون، ومسجد المراغي بحلوان، ومسجد الحمد بالتجمع، وسائر معاقل الإخوان والسلفيين والجمعية الشرعية وأنصار السنة على مستوى الجمهورية. 

وقد تم منع غير المتخصصين من صعود المنابر، مما أغلق الباب أمام المتشددين وغير المؤهلين من المنتمين لتيارات التشدد وجماعات الإسلام السياسي من نشر أفكارهم المتشددة، أو توظيف المساجد لأغراضهم السياسية والانتخابية، كما تم القيام بحملة موسعة لتطهير مكتبات المساجد من جميع الكتب والمطبوعات والأشرطة والأقراص المدمجة التي تحمل فكرًا متشددًا .

- هل الخطبة الموحدة تساعد في تجديد الخطاب الديني؟ 

- لا شك أن خطبة الجمعة الموحدة تأتي في إطار مشروع فكري مستنير وفق خطة منهجية شاملة تحقق مصلحة شرعية ووطنية، وذلك في إطار اختصاص وزارة الأوقاف في تنظيم شئونها الدعوية والإدارية، وليس الهدف منها سياسيًّا، وليس فيها مخالفة شرعية على الإطلاق، وإنما الهدف هو صياغة الفكر والفهم المستنير لتصحيح المفاهيم الخاطئة.

- تتردد الكثير من الأقاويل بأن الخطبة الموحدة تمنع الإمام من الوصول إلى المصلين لأنه يتحدث إليهم بتخوف من الخروج عن النص.. فما رد كم؟

الخطبة الموحدة لا تمنع الإمام من الوصول إلى المصلين أبدًا، فالخطبة المكتوبة حتى الآن استرشاديَّة وفق ما يعلن دائمًا على موقعنا الرسمي، وأكدنا قبل ذلك أن المتميزين من الأئمة الراغبين في الارتجال لن يمنعوا منه ما داموا ملتزمين بضابطي الوقت وجوهر الموضوع.

ونحن نثق في تميز أئمتنا وفهمهم المستنير وحسهم الوطني وإدراكهم لما تتطلبه المرحلة من توحيد الجهد والكلمة في مواجهة التحديات، وفي تفهمهم لفلسفة خطبة الجمعة الموحدة المكتوبة التي تعد محور قضية الأسبوع الفكرية، بما يعد جزءًا من المشروع الفكري الكبير لتجديد الخطاب الديني وتحقيق الفهم المستنير للإسلام.

- ماذا عن قضية الزوايا والعمل بها ؟

- قمنا بتنظيم العمل بالزوايا، وتم التنبيه على أن تكون خطبة الجمعة بالمساجد الجامعة دون الزوايا والمصليات، أما ما بنى لله مسجدًا فيظل على صفته المسجدية لا يجوز تغيير هذه الصفة إلى أي صفة أخرى أو استخدام آخر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بحيث تبقى هذه الزوايا لإقامة الشعائر دون الخطب والدروس وتحت إشراف كامل من الوزارة، ولا تقام بها الجمعة إلا للضرورة وبتصريح من الأوقاف وإمام أوخطيب مكافأة منها.

– ماذا عن دور الواعظات في مجال الدعوة ؟ وإلى أي مدى حققن نسبة النجاح المطلوبة منهن؟

- لا شك أن واعظات الأوقاف يقمن بمهمة جليلة ودور متميز، ويؤدين واجبهن الدعوي والوطني بكفاءة وتميز وتفان شديد، وأداؤهن المتميز أبهر علماء العالم الإسلامي المشاركين في مؤتمر الأوقاف الدولي التاسع والعشرين، وجهدهن المبذول في مجال الدعوة وتبصير السيدات الباحثات عن صحيح الدين بأمور دينهم وفق المنهج الوسطي الصحيح، سواء فيما يتصل بقضايا المرأة والأسرة، أم فيما يتصل بجوانب التيسير والرحمة في الإسلام، وكيفية التعامل مع القضايا الحياتية الملحة، ووجودهن في المساجد ضروري في هذه المرحلة، حتى لا نترك مصلى السيدات ودروس النساء الدينية لغير المتخصصات، إضافة إلى أن دور المرأة كخط الدفاع الأول عن المجتمع، كالأم في تحقيق السلام النفسي لأبنائها وحمايتهم من الإحباط والعنف الذى ينتهي بالإرهاب، واتباع الأفكار المتطرفة الهدامة، فالمرأة هي نصف المجتمع، كما أنها المسئولة عن النصف الآخر، وتستطيع أن تقدم جيلا صالحًا للمجتمع كله.

– ماذا عن جهود الوزارة في التوعية بمخاطر الانفجار السكاني ؟

- هناك تعاون وتنسيق مع وزارة الصحة والسكان والجهات المعنية بهذه القضية في هذه الحملة القومية للتوعية بمخاطر الانفجار السكاني، مع تأكيدنا أن قضية المشكلة السكانية ستكون في مقدمة أولوياتنا التوعوية والتثقيفية، فنحن في حاجة إلى دراسة واعية لمخاطر هذا الانفجار، وأهمية التباعد بين فترات الحمل لما يترتب على تقارب فتراته من مشكلات صحية وأسرية وتربوية، إضافة إلى ما يترتب على تقارب هذه الفترات من عدم الوفاء بحق الطفل في الرعاية والتربية على النحو الذي يجب أن يكون عليه، وأن قضايا تنظيم النسل والمشكلات السكانية هي من المتغيرات التي يختلف الحكم فيها من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن دولة إلى أخرى، بحيث لا يستطيع أي عالم أن يعطي فيها حكمًا قاطعًا أو عامًّا لجميع البلدان والأحوال والأزمنة. 

ولدينا خطة تتضمن عقد مائة لقاء توعوي كمرحلة أولى تتضاعف تدريجيا للتوعية بخطورة المشكلة السكانية، وسيتم التركيز فيها على بيان أن القلة القوية خير من الكثرة التي هي كغثاء السيل، وأن أولادنا أمانة في أعناقنا، وأن تنظيم النسل أمر لا حرج فيه شرعًا، والمصلحة الشرعية تقتضيه، وستكون التوعية من خلال الاستعانة بالأئمة من أبناء القرى والنجوع المستهدفة، وتدريبهم لفهم القضية وطرق معالجتها والتعامل معها.

- هل للواعظات دور في التوعية بمخاطر الانفجار السكاني ؟ 

نعم، لهن دور كبير في التوعية بمخاطر الانفجار السكاني، من خلال حملات متعددة من أهمها حملة «طرق الأبواب» التي تمت بالتنسيق بين الوزارة والمجلس القومي للمرأة والمربيات بالكنائس المصرية، وتمكنت من الوصول لنحو مليون أسرة مصرية، وكذلك دورهن من خلال برنامج «معًا في خدمة الوطن» للواعظات من وزارة الأوقاف وراهبات وخادمات من الكنائس، حيث استهدف البرنامج تعميق وحدة صف النسيج الوطني والعمل معًا لخدمة الوطن، ودعم العمل المشترك لحث المجتمع على قبول التنوع واحترام الاختلاف، والعمل معًا لنشر سماحة الأديان والتوعية بقضايا الأسرة والصحة الإنجابية، والتأكيد على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية في سبيل نهضة الوطن ورقيه والحفاظ على تماسك وقوة بنائه وأمنه وسلامه الاجتماعي.

- ماذا عن التوسع في المدارس العلمية والقرآنية ومكاتب التحفيظ ؟

- وزارة الأوقاف تسعى لتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتجديد الخطاب الديني، من خلال التوسع في المدارس العلمية والقرآنية ومكاتب التحفيظ، وفي سبيل ذلك تم افتتاح ما يزيد عن 174 مدرسة علمية بالمساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، وبلغ عدد المدارس القرآنية 800 مدرسة، ووصلت مكاتب التحفيظ إلى 2617 مكتب، تهدف مجتمعة إلى تحصين المجتمع وبخاصة النشء والشباب من الفكر المتطرف، وتوفير التعليم الديني الوسطي الآمن، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتم افتتاح 72 مركزا لإعداد محفظي القرآن الكريم في 19 يناير الماضي.

- وماذا عن مراكز الثقافة الإسلامية على مستوى الجمهورية ؟

- وزارة الأوقاف تسير وفق خطة محكمة واستراتيجية واضحة مرنة ومتجددة ومتطورة وديناميكية لنشر الفكر الإسلامي الوسطي الصحيح، ومواجهة ومحاصرة الفكر المتطرف، وتحصين الشباب ضد الأفكار المتطرفة، وذلك من خلال افتتاح ٢٨ مركزا للثقافة الإسلامية بزيادة ٦ مراكز جديدة، منها ثلاثة مراكز بمحافظة شمال سيناء، ونستهدف افتتاح 4 مراكز ثقافة إسلامية جديدة ليصل عددها إلى 32 مركزًا .

- ما جهود الوزارة في موضوع المياه؟

- قمنا بعقد العديد من الندوات التثقيفية في جميع محافظات مصر وبالتعاون مع وزارتي: الموارد المائية والريـ والزراعة واستصلاح الأرضي، وذلك بالمساجد الكبرى وبعض مراكز الشباب والجمعيات الزراعية حول ترشيد المياه وعدم تلويثها أو إهدارها، ونؤكد أن المياه ثروة والحفاظ عليها مطلب شرعي ووطني وأن كل نقطة ماء تساوي حياة، كما أنها تساوي مالاً مقومًا، وأن فقدها أو إهدارها يعني إهدارًا لمقدرات هامة يجب الحفاظ عليها، ومن حسن التخطيط الحفاظ على مستقبل المياه، وقمنا بإصدار كتاب تحت عنوان «نعمة الماء: نحو استخدام رشيد للمياه» الذي أصدرته وزارة الأوقاف المصرية بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية والري، والذي يهدف إلى ترشيد استخدام المياه، والحفاظ عليها، وتعظيم الاستفادة بكل قطرة منها، ووجهنا بأن تكون جميع التعاقدات الجديدة متضمنة اللمبات الموفرة في الكهرباء وحنفيات المياه الموفرة في استهلاك المياه .

- ما أهم ما تم في تطوير مستشفى الدعاة؟ 

- بالنسبة لمستشفى الدعاة نعمل على تقديم خدمة طبية متميزة ومتكاملة للعاملين بالأوقاف وغيرهم من المواطنين، وتم شراء وتركيب وتطوير 16 جهازًا طبيًّا حديثًا، بهدف تقديم خدمة طبية مميزة للأئمة والجمهور، وتم فتح المرحلة الثانية وتطوير المستشفى 12 يناير الماضي.

- قدمت وزارة الأوقاف برعاية سيادتكم عددًا من المبادرات والحملات والتي جميعها في إطار التوعية والحفاظ على الأخلاق .. فما أهم هذه المبادرات ؟ 

من أبرزها مبادرة «وطن بلا إدمان» للتوعية بخطورة تعاطي وإدمان المخدرات وطرق مواجهتها بأساليب علمية عصرية، و«رسول الإنسانية» حبًّا وبيانًا لعظمته صلى الله عليه وسلم، وكونه ورسالته رحمة للعالمين، و«نقطة مياه تساوي حياة» للتوعية بأهمية المياه، وترشيد استخدامها، وعدم تلويثها، والاستفادة بكل قطرة منها، و«مكارم الأخلاق» للتعريف بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورحمته وتسامحه وكون رسالته رحمة للعالمين، وكشف زيف الفكر المتطرف والجماعات الإرهابية المتطرفة التي أضرت بصورة الإسلام وأساءت إلى صورة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. 

وأخيرًا أطلقنا حملة «تعالوا نجرب» وهي مبادرة تهدف إلى التركيز على قضية سلوكية أو أخلاقية أو مجتمعية أسبوعيا مع تسليط الضوء عليها بقوة وتكثيف الحديث عنها دعويا وثقافيا وإعلاميا، والانتقال بها من حيز الكلام إلى حيز العمل والتطبيق.

ومن المقرر، إجراء سلسلة من الحوارات المجتمعية حول أهم القضايا المجتمعية الملحة التي ينبغي أن تشكل أولوية في الخطاب الدعوي والثقافي والإعلامي.

- أعلنت وزارة الأوقاف دعمها الكامل لمبادرتي « حياة كريمة »، و«نور حياة» فما الذي ستقدمه الوزارة لخدمة المبادرتين؟

يأتي تدعميمنا من أجل توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجًا، إضافة إلى مضاعفة أعمال البر عام ٢٠١٩م وتوسيع نشاطها في مجال خدمة المجتمع والقيام بدور اجتماعي يهدف إلي الإسهام في تحسين الأحوال المعيشية للفئات الأكثر احتياجا، وتم تخصيص مائة مليون جنيه من الموارد الذاتية للوزارة في موازنة العام القادم ٢٠١٩ / ٢٠٢٠ لدعم مبادرة حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن يتم صرفها في النصف الثاني من العام الميلادي الحالي، وسيتم إنفاقها بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية والمشاركة في المبادرة بالدولة، وتم تخصيص 20 مليون جنيه للإسهام في مبادرة نور حياة، حرصًا على الإسهام في كل ما من شأنه توفير حياة كريمة للفئات الأولى بالرعاية .

- ماذا عن المؤتمرات والمسابقات العالمية لهذا العام ؟ 

يعقد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مؤتمرًا سنويًّا عالميًّا يحضره أكثر من 30 وزيرًا ومفتيًا يمثلون العديد من دول العالم، كما تعقد الوزارة مسابقة عالمية سنوية لحفظ القرآن الكريم وفهم معانيه يشترك فيها أكثر من 60 دولة.

وجاء المؤتمر الدولي التاسع والعشرون للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف تحت عنوان: «بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها»، يناير الماضي من العام الجاري، وفق خطة وزارة الأوقاف في تجديد الخطاب الديني، ومواجهة الفكر المتطرف، ونشر الفكر الوسطي المستنير وجار الإعداد للمسابقة العالمية للقرآن الكريم السادسة والعشرين التي ستعقد في الفترة من 23 مارس إلى 29 مارس من العام الجاري.

– ما ذا عن توصيات مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ووثيقة القاهرة للمواطنة وتجديد الخطاب الديني ؟ 

اجتمعت نخبة من علماء الدين، والسياسيين، والمثقفين، من مختلف دول العالم وبعد يومين متتابعين من العمل العلمي المتواصل انتهوا إلى إصدار الوثيقة والتي تؤكد على أهمية التفرقة الواضحة بين الثابت والمتغير، وبين ما هو مقدس وما هو غير مقدس، وضرورة الانتقال من مناهج الحفظ والتلقين إلى مناهج الفهم والتحليل، وتكوين إمام عصري مستنير من خلال برامج تدريب، والتأكيد على مشروعية الدولة الوطنية، وبيان أن حفظ الأوطان من أهم المقاصد المعتبرة شرعًا، وينبغي أن يدرج في عداد المقاصد الكلية، والتركيز في مناهج التعليم على الجانب القيمي التطبيقي، والتأكيد على الدور الفاعل لوسائل الإعلام في مجال دعم قيم الانتماء والولاء للوطن، وتدريس مادة التربية الوطنية بأسلوب علمي عصري.

ماذا عن خطة الوزارة الدعوية في المرحلة المقبلة؟

نهتم أولا بالتفاعل مع قضايا المجتمع، بحيث يتم التركيز على قضية مجتمعية وجعلها محورًا علميًّا وفكريًّا خطب الجمعة، والحوارات المجتمعبة الموسعة حول أهم القضايا التي ينبغي أن يتناولها الخطاب الديني، بحيث لا يكون الإمام أو الخطاب الديني بمعزل عن واقعه.

ماذا عن جهود الوزارة في مواجهة ظاهرتي الإلحاد والإدمان ؟

- الوزارة بصدد إصدار كتاب هام عن الإلحاد ومخاطره، أما الإدمان فهناك تعاون كامل بين وزارة الأوقاف وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان للتوعية بالمخاطر، وعقدت الوزارة عددًا من الدورات المكثفة للسادة الأئمة بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، إضافة إلى مبادرة «وطن بلا إدمان» بمشاركة مجتمعية موسًّعة، بهدف التوعية بمخاطر الإدمان والمخدرات والتدخين، من خلال سلسلة من الخطب والندوات والمحاضرات بالمساجد والمدارس والجامعات والمصانع والتجمعات العمالية، مع نشر إلكتروني موسًّع لعدد من الخطب والرسائل، المكتوبة والمرئية، وعدد من المقالات والكتب، للتحذير من خطورة الإدمان والمخدرات وبيان أثرهما على الفرد والمجتمع، وصولا إلى «وطن بلا إدمان».

وتنظم الوزارة دورات علمية مكثفة للأئمة بمحافظات الجمهورية بالتنسيق مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، للتوعية بخطورة تعاطي وإدمان المخدرات وطرق مواجهتها بأساليب علمية عصرية، يحاضر فيها أساتذة متخصصون في علم الاجتماع، والطب النفسي، والطب الشرعي، لبيان خطورة تعاطي المواد المخدرة وطرق معالجة قضايا الإدمان. 

وستتسع المبادرة كمًّا وكيفًا، فتكون «وطن بلا إدمان، ولا مخدرات، ولا تدخين»، لذا نحتاج إلى جهد كبير داخل وطننا وخارجه، جنبا إلى جنب في مواجهة الفكر المتطرف الذي نسعى إليه إلى تفكيكيه ، فلا بد من المبادرة بالتوعية المجتمعية لمخاطر الإدمان، والعمل على توصيل هذه المبادرة لكل إنسان حفاظا عليه من الوقوع في براثن الإدمان والمخدرات.

تسهم الوزارة في الكثير من الأمور المرتبطة بالقارة الإفريقية.. فما أحدث الإسهامات؟

نخصص حاليًا 100 منحة تدريب مجانية بأكاديمية الأوقاف الدولية للأئمة والدارسين الأفارقة بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، تقديرًا لدور ومكانة مصر وسائر أشقائها بمختلف دول القارة، بما يسهم في تحقيق الخير والرقي لجميع أبنائها.