خبراء: اختيار مصر لاستضافة القمة العربية الأوروبية يعكس ثقة الغرب

جامعة الدول العربية
جامعة الدول العربية

استضافة مصر لأول قمة عربية اوروبية، أمر لا يتسق فقط مع كونها الدولة الحاضنة لجامعة الدول العربية وصاحبة العلاقات الاقدم مع دول الاتحاد، ولكنه يتسق ايضاً مع كونها صاحبة الحصة الأكبر فى القضايا والمصالح والهموم المشتركة التى ستتناولها القمة.

وعن اهمية تلك القمة التى وصفها السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية بـ «التاريخية» يقول سفير الاتحاد الأوروبى السابق لدى القاهرة جيمس موران إن قمة شرم الشيخ تأتى بعد 20 عاما من المحاولات غير المجدية لعقد قمة عربية -أوروبية وهو ما يضفى عليها أهمية كبيرة.

ويؤكد موران أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لعب دورا رئيسيا لإتمام عقد القمة، وأن ذلك يأتى فى إطار جهوده لاستعادة الدور المحوري لمصر بعد سنوات من الاضطرابات السياسية التى شهدتها فى أعقاب ثورات الربيع العربي.

وأضاف «موران» فى مقال نشره على موقع مركز»سي.بي.إي.إس» للدراسات الاستراتيجية أن الإعداد لقمة شرم الشيخ لم يكن مهمة سهلة فى ضوء الملفات المعقدة المطروحة على مائدة اجتماعات القادة العرب والأوروبيين من ناحية وتباين مواقف العديد من الدول تجاه هذه الملفات خصوصا ملف الهجرة غير الشرعية والأمن الإقليمى ومكافحة الإرهاب.

ويرى الدبلوماسي الأوروبي السابق والمحلل الاستراتيجى فى مركز «سي. بي. إي. إس»، أن نجاح القمة فى تحقيق أهدافها سيتوقف بدرجة كبيرة على الدور المصري من أجل الوصول إلى حلول وسط مقبولة بالنسبة لكل الأطراف بشأن النقاط المثيرة للجدل فى البيان الختامى المنتظر.

أما رئيس المجلس الاوروبى دونالد تاسك فأشاد بالحوارو «بالتعاون مع الرئيس السيسى فى شأن القمة العربية الاوروبية، مشيرا الى دعم المجلس الأوروبى لمثل هذه الحوارات.

وأضاف تاسك أن الأمور تسير فى الاتجاه الصحيح، بسبب التعاون مع بلدان ثالثة مثل مصر، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين من حوالى مليونين فى عام 2015 إلى أقل من 100000 هذا العام. 

وعلى الصعيد الداخلى قال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الاسبق، أن المشاكل المزمنة فى المنطقة العربية مثل الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن تؤكد أهمية التنسيق العربى الأوروبي.

خاصة وأن العالم العربى فى حاجة لحشد طاقات كثيرة من اجل دفع القضية الفلسطينية، وإعادة الإعمار فى سوريا وليبيا ومناطق اخرى ملتهبة وبالتالى التشاور على مثل هذا المستوى سيكون ذا أهمية كبيرة، ويمكن أن يخرج بتوصيات عملية وإيجابية يمكن البناء عليها فى المستقبل من أجل تنمية المصالح المشتركة بين الجانبين.

ومن هنا فهو يرى أن القمة ذات أهمية خاصة، فهى قمة المصالح المشتركة وستتيح الفرصة لتبادل الآراء والاستماع للمواقف العربية فى مختلف القضايا وخاصة القضايا المزمنة التى يعيشها العالم العربى. وعن استضافة مصر للقمة قال انه يرى ان مصر تجنى ثمار سياساتها الخارجية بحصدها لعدد من الامتيازات آخرها رئاستها للاتحاد الأفريقي ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مؤتمر ميونخ للأمن.. والآن جاء وقت الاستحقاق العربى الاوروبى فى شرم الشيخ.

وأشار السفير العرابى إلى أن جدارة مصر بتمثيل العرب تمثلت فى استضافتها لمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، وهو ما انعكس بعدها فى الادوار البارزة التى لعبتها من أجل فرض الاستقرار فى المنطقة، وتيقن الدول الأوروبية من ان هذا الدور المصرى فى استقرار العالم العربى لصالح الأمن الدولي. 

السفير محمد عبد الحكم، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أشاد بضخامة الحدث الذى يضم قادة وساسة 50 دولة هم عدد دول الاتحاد الاوروبى وجامعة الدول لعربية،وهو تجمع كما يرى سيادة السفير طال انتظاره واستحق النفاذ منذ وقت طويل بالنظر الى طول وعمق العلاقات العربية الاوروبية.

وأضاف السفير محمد عبدالحكم أنه بحكم التاريخ والجغرافيا فإن المصالح والهموم المشتركة التى تجمع الدول العربية مع دول الاتحاد هى من الأهمية والضخامة بشكل يستوجب أن يكون هناك تنسيق دائم بين الجانبين يتم فى اطار قمم رسمية يكون لها جدول اعمال ومحاور محددة ومخرجات تفتح الطريق أمام إيجاد حلول تخدم مصالح الجانبين.

وعن علاقة مصر بالاتحاد الاوروبى أشار عبدالحكم إلى أن الاتحاد هو الشريك التجارى الثالث لمصر بحجم صادرات وواردات يصل ل 28 مليار يورو بما يمثّل حوالى ٣٠ ٪‏ من اجمالى التبادل التجارى لمصر، وعلى الصعيد العربى هو الشريك التجارى الثالث بحجم تبادل مقداره 350 مليار يورو.

وأكد السفير محمد عبد الحكم أن اختيار مصر يعكس ثقة القادة الأوروبيين فى قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ورؤيته وكذلك قدرة مصر على ان تلعب دورا محوريا فى كافة القضايا التى تؤرق أوروبا.

وأضاف ان التقارب بين مصر والاتحاد الاوروبى يتسق مع السياسة الخارجية الحكيمة للرئيس السيسى والتى تعتمد على تحقيق التوازن فى العلاقات والانفتاح على كل القوى الدولية بشكل متساو يخدم مصالح الدولة.

وعن أهمية الشراكة العربية الاوروبية قال السفير عبدالحكم ان الاتحاد الاوروبى بصفته عضوا فى اللجنة الرباعية التى تضم الامم المتحدة وأمريكا وروسيا هو لاعب محورى فى إيجاد حل للقضية الفلسطينية منوها لتبنى الاتحاد لمواقف إيجابية مؤيدة لحل الدولتين كما ان الاتحاد هو احد اكبر المانحين لمنظمة الاغاثة الفلسطينية الاونروا ».

أما السفير رؤوف سعد، سفير مصر السابق فى روسيا، فيرى ان هذه القمة لا يمكن اعتبارها حدثاً عاديا بل تحرك يجب دراسته جيدا لأنه يأتى بعد سنوات طويلة من العلاقات المصرية الأوروبية لذلك فلابد أن يكون له دوافع وأسباب.

وعن ماهية تلك الدوافع قال السفير رؤوف سعد أنها تتمثل فى التحديات الموجودة فى المنطقة والعالم، والتى تفرض تحركات جديدة وغير مسبوقة والتى لا تهدد دولة أو منطقة بعينها بل أصبح لها تأثير «متعولم» إذا صح القول.

وفيما يخص اختيار مصر لاستضافة القمة، يقول السفير رؤوف سعد أن مصر نجحت وسط كل الاضطرابات التى تمر بها المنطقة فى تحقيق طفرات على الصعيد الاقتصادى واكتشافات الغاز، وهى الطفرات التى لاقت تقدير الخبراء الأوروبيين.

أما بالنسبة للإصلاح الإقتصادى فقد فتح صفحة جديدة أمام الاستثمار الأوروبي خصوصا فى ظل حرص مصر على دفع العلاقات مع كل دول العالم بمعايير جديدة تحكمها المصالح المتبادلة والتعاون المشترك.

واضاف سعد أن اختيار مصر كان ايضاً نتيجة السياسة الخارجية التى تم إعادة صياغتها بالكامل من قبل الرئيس السيسي، والتى جعلت مصر الشريك الأمثل الذى يمكن التعاون معه فى معالجة القضايا المشتركة.